يربط المصريون مؤخراً بين زيادة الأسعار وشروط صندوق النقد، مع رفع الدعم تدريجيا عن السلع والوقود و تعويم الجنيه المصري، كل هذا بالطبع يندرج تحت شروط الصندوق.
وتنتظر مصر خلال شهر نوفمبر المقبل المراجعة الرابعة لصندوق النقد، وهو ما يجذب الانتباه دائما والتخوف من زيادات وإصلاحات اقتصادية تقع على كاحل المواطن.
يذكر أن مصر نفذت برنامجًا للإصلاح الاقتصادي بدأ عام عام 2016، وكانت بداية لعدد من القرارات الاقتصادية الهامة في تاريخها.
زيارة مرتقبة للصندوق
وأعلنت كريستالينا غورغيفا مديرة صندوق النقد الدولي، الخميس الماضي، السفر إلى مصر في غضون عشرة أيام للاطلاع عن كثب على الوضع الاقتصادي والتأكيد على الحاجة إلى التمسك بتنفيذ الإصلاحات.
وأشارت غورغيفا في مؤتمر صحفي إلى أن الاقتصاد المصري يواجه تحديات بسبب الصراعات في غزة ولبنان والسودان وسط خسارة 70% من إيرادات قناة السويس.
طمأنة رئاسية وسط تحديات إقليمية استثنائية
وخلال كلمته منذ أيام في المؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية البشرية أشار الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى أن القاهرة قد تضطر إلى إعادة تقييم برنامج القرض الموسع إذا لم تأخذ المؤسسات الدولية في الاعتبار التحديات الإقليمية الاستثنائية التي تواجهها البلاد.
كما وجه “الرئيس السيسي” رسالة إلى صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، مشيرا إلى أن البرنامج الاقتصادي المتبع الآن يطبق في ظل ظروف إقليمية ودولية شديدة الصعوبة، لها تأثيرات سلبية للغاية على العالم كله، وهناك ركود اقتصادي محتمل في السنوات المقبلة.
وتابع قائلًا: “فقدنا 6 إلى 7 مليارات دولار خلال الـ10 أشهر الماضية، وهذا الأمر من المحتمل استمراره لعام مقبل نتيجة التداعيات، مضيفاً إذا كان هذا التحدي سيجعلنا نضغط على الرأي العام بشكل لا يتحمله الناس فلابد من مراجعة الموقف مع صندوق النقد الدولي”.
ماذا يعني مراجعة الصندوق؟
تعني مراجعة الصندوق أن تتمهل مصر في تنفيذ عدد من شروط الصندوق، وهو ما يجعلها تدخل في مفاوضات كثيرة و مهل زمنية تجعل الصندوق يرفض تسليم شرائح جديدة من القرض البالغ 8 مليارات دولار حتى تنفذ مصر برنامج الإصلاح الاقتصادي المتفق عليه.
وتحدث صندوق النقد الدولي مطلع 2024 في أكثر من مناسبة عن تضرر مصر بسبب التوترات الجيوسياسية في الإقليم، إلى أن تم الاتفاق على توسيع القرض السابق من 3 مليارات إلى 8 مليارات دولار، والذي جرى إعلانه مارس الماضي.
وفي تصريحات سابقة له أكد مصطفى مدبولي رئيس الوزارء” في كلمته خلال المؤتمر الصحفي، الذي عقد بالعاصمة الإدارية، الأربعاء الماضي، أن برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي عقد مع صندوق النقد الدولي كان في خضام الحرب بين روسيا وأوكرانيا والتحديات الكبيرة التي تواجه مصر في هذا الوقت، وتم وضع هذا البرنامج للظروف وقتها ولمن شهدنا تطورات كبيرة متسارعة بالمنطقة من الحرب في غزة ولبنان وتراجع إيرادات قناة السويس.
وتابع: ننظر مع صندوق النقد الدولي إلى مراجعة توقيتات البرنامج و المستهدفات منه والمجموعة الاقتصادية تحضر في واشنطن الاجتماعات السنوية للصندوق برفقة محافظ البنك المركزي وبعدها ستأتي بعثة الصندوق لعمل مراجعة.
تخفيضًا بنسبة 48.4% في الرسوم الإضافية
أعلن صندوق النقد الدولي، حزمة إصلاحات جديدة تستفيد منها مصر بشكل مباشر، حيث ستساعد هذه الإصلاحات في تخفيض تكلفة الاقتراض من الصندوق وسط التحديات الاقتصادية العالمية، وتنخفض تكلفة الاقتراض لمصر بحوالي 108.5 مليون وحدة حقوق سحب خاصة (ما يعادل حوالي 144 مليون دولار)، وهو ما يمثل تخفيضًا بنسبة 48.4% في الرسوم الإضافية.
وتتضمن هذه الإصلاحات خفض الهامش على تكاليف الاقتراض والرسوم الإضافية، مما سيؤدي إلى تقليل تكاليف الاقتراض بحوالي 1.2 مليار دولار سنويًا على الدول الأعضاء.
وتهدف الإصلاحات إلى دعم الدول الأعضاء، بما في ذلك مصر، لتحسين قدرتها على الوفاء بالتزاماتها المالية في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة.
ووافق المجلس التنفيذي للصندوق على هذه الإصلاحات في أكتوبر الجاري، ومن المقرر أن تدخل حيز التنفيذ في أول نوفمبر المقبل.
هل تتأخر مصر في سداد أقساط الديون؟
نفى مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، ما يُشاع من أقاويل عن الالتزامات وسداد فوائد وأقساط للديون، مُؤكدًا أن الدولة لا تتأخر نهائيًا عن سداد قسط واحد، حتى مع مرورها بظروف وتحديات عصيبة، فلدينا رؤية واضحة نسير وفق محدداتها ونضع حركة السوق نصب أعيننا، وكذا احتياجات القطاع الخاص، ولذا فليس هناك أي داعٍ لصدور مثل تلك الشائعات.
هل مصر ستقوم بتعويم الجنيه مرة أخرى؟
ولفت رئيس مجلس الوزراء لما يتم تداوله من أقاويل وشائعات حول تصريح منسوب لمديرة صندوق النقد الدولي وكأنه صادر عنها حديثا، وذلك فيما يخص أن مصر يتعين عليها القيام بإعادة تحرير سعر الصرف مجددا، وأن يحدث تعويم جديد للجنيه المصري،.
وأكد “مدبولي” أن هذا التصريح يرجع إلى شهر يناير الماضي قبل إجراء الإصلاحات الاقتصادية التي قامت بها الحكومة، مُشيرًا إلى أن العكس هو ما يحدث؛ فصندوق النقد يشيد في جميع بياناته الصادرة عنه حديثا بالسياسة النقدية التي تنتهجها الدولة المصرية، وأن مصر تسير في هذا الشأن على المسار الصحيح.
صندوق النقد: الدين العام لمصر يشهد انخفاضا
وذكر صندوق النقد الدولي ، في تقرير صدر يوم الأربعاء الماضي، أن الدين العام الإجمالي بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي سيشهد انخفاضًا تدريجيًا من 91.2% في عام 2024 إلى 64.5% بحلول عام 2029.
كما توقع الصندوق أن تحقق مصر تحسنا ملحوظا في أوضاعها المالية خلال السنوات القادمة؛ مما يعكس جهود الإصلاح الاقتصادي المستمرة التي تقودها الحكومة.
كما يتوقع الصندوق تحسنًا كبيرًا في عجز الميزانية العامة للدولة، وفي عام 2024، من المتوقع أن يبلغ العجز 7.0% من الناتج المحلي الإجمالي، ولكن مع استمرار الإصلاحات المالية، يُتوقع أن ينخفض هذا العجز بشكل ملحوظ إلى 2.7% فقط بحلول عام 2029.
وعلى صعيد الإيرادات الحكومية، يتوقع أن ترتفع من 20.3% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2024 إلى 21.7% بحلول عام 2029.
وفيما يتعلق بصافي الدين، يتوقع الصندوق أن ينخفض من 90.9% في عام 2024 إلى 64.5% بحلول عام 2029، ويعد هذا التحسن مؤشرًا قويًا على فعالية السياسات الاقتصادية التي تهدف إلى تقليل أعباء الدين وتحقيق الاستدامة المالية على المدى الطويل.
نتابع معا الان اخبار