في خطوة مفاجئة ذات أبعاد سياسية وأمنية عميقة، أقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وزير الدفاع يوآف جالانت، وعيّن مكانه وزير الخارجية يسرائيل كاتس، كما عيّن جدعون ساعر وزيرًا للخارجية.
تأتي هذه القرارات في توقيت حساس يتزامن مع تصاعد التوترات الداخلية، من تجنيد اليهود المتشددين “الحريديم” إلى التحالفات المتوترة داخل الحكومة، فضلًا عن التوترات مع الإدارة الأمريكية في يوم حاسم من الانتخابات الأمريكية.
تعكس هذه القرارات رغبة نتنياهو في السيطرة الكاملة على الأوضاع الأمنية والسياسية، ما يثير تساؤلات حول أثر هذا التحول على الداخل الإسرائيلي وعلاقاته الإقليمية، خصوصًا مع تصاعد التهديدات على الجبهات الشمالية واستمرار العمليات في غزة وسوريا.
إن إقالة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لوزير الدفاع يوآف جالانت وتعيين يسرائيل كاتس خلفاً له، إضافةً إلى تعيين جدعون ساعر وزيرًا للخارجية، تضع إسرائيل في مرحلة جديدة من الصراعات السياسية والأمنية المعقدة، هذه التغييرات المفاجئة تأتي في وقت حساس، حيث يسعى نتنياهو لتأمين حكومته ودعم قاعدته الشعبية، مما يطرح تساؤلات حول تداعيات هذه القرارات على الجيش الإسرائيلي وعلى العلاقات الإسرائيلية الأمريكية.
خلفيات الإقالة.. صدام بين المؤسسة العسكرية والحكومة
إقالة جالانت تبدو كرد فعل واضح من نتنياهو على اعتراضات وزير الدفاع السابق حول قانون تجنيد اليهود المتشددين “الحريديم”، فقد أصدر جالانت سابقًا آلاف أوامر التجنيد للمتدينين، مما خلق توترًا كبيرًا بينه وبين الأحزاب الدينية المتحالفة مع نتنياهو، هذا التوتر أضاف عبئًا على رئيس الوزراء، الذي يعتمد بشكل كبير على دعم الحريديم لضمان استمرارية حكومته.
جاء قرار نتنياهو كرسالة قوية لوزراء الحكومة والمستويات العسكرية، بأن السلطة في يده، وأن أي قرارات تعاكس مصالحه أو تحالفاته السياسية قد تواجه بالعزل.
تعيين يسرائيل كاتس.. محاولة لاستعادة السيطرة
جاء تعيين يسرائيل كاتس في وزارة الدفاع كمحاولة من نتنياهو لتعيين شخصية أكثر ولاءً وخبرة في السياسة الخارجية، رغم عدم تميّز كاتس بخبرة عسكرية مباشرة، هذا التعيين يعكس رغبة نتنياهو في ضمان أن تتماشى سياسات الدفاع مع أولوياته السياسية، خصوصًا فيما يتعلق بتوسيع التحالفات الداخلية وكسب دعم الفصائل الدينية واليمينية، وقد يكون نتنياهو اختار كاتس لأنه شخصية تستطيع العمل بمرونة في ظل الظروف المعقدة، وقيادة الجيش بوجهة نظر سياسية أكثر منها عسكرية بحتة.
الأثر على العلاقة مع الولايات المتحدة
التوقيت حساس للغاية، حيث يتزامن القرار مع يوم حاسم في الانتخابات الأمريكية، مما يشكل ضربة للولايات المتحدة ورئيسها جو بايدن ونائبته كامالا هاريس، العلاقة بين نتنياهو والإدارة الأمريكية ليست في أفضل حالاتها، خصوصًا بعد سلسلة من الخلافات حول الملفات الإقليمية، من ضمنها الملف النووي الإيراني والسياسات المتعلقة بالقضية الفلسطينية، إقالة جالانت وتعيين كاتس وساعر، وكأنها رسالة ضمنية إلى البيت الأبيض بأن نتنياهو لن يخضع للضغوط الأمريكية، وأنه سيواصل توجيه سياسات إسرائيل وفقًا لأجندته الخاصة دون الالتفات للاعتراضات الخارجية.
التأثير على الداخل الإسرائيلي.. الجيش في مأزق سياسي
قرارات نتنياهو الأخيرة تُضعف من استقلالية الجيش الإسرائيلي، وتثير القلق داخل المؤسسة العسكرية حول مستقبلها في ظل هذا التدخل السياسي المتزايد، هذا التغير قد يؤدي إلى تراجع معنويات الجيش، خصوصًا بعد أن أصبح واضحًا أن القرارات الدفاعية لا تعتمد فقط على اعتبارات أمنية بحتة، وإنما تتحكم فيها تحالفات سياسية ودينية من جهة أخرى، قد تؤدي هذه الخطوة إلى تأجيج حالة الانقسام بين الأوساط العلمانية والمتشددة في المجتمع الإسرائيلي، حيث يعتبر العديد من الإسرائيليين أن فرض التجنيد على الحريديم يُعد خطوة نحو تقوية الجيش وتوحيد المجتمع.
الأثر على الوضع الإقليمي
في ظل هذه التغيرات، تستمر التوترات على الجبهات الخارجية، حيث واجهت إسرائيل مؤخرًا تصعيدًا على الجبهة الشمالية، مع إطلاق صواريخ وطائرات مسيرة من حزب الله في لبنان، ومن فصائل متحالفة مع إيران في العراق.
كما استمرت الغارات الإسرائيلية على مواقع في سوريا، في إشارة واضحة إلى نية إسرائيل الحفاظ على مستوى عالٍ من الردع الإقليمي. لكن مع تصاعد الأزمات الداخلية وتغيير قيادة الدفاع، قد يتأثر التنسيق الأمني على هذه الجبهات، حيث تواجه القيادة الجديدة تحديًا في استيعاب الوضع الإقليمي المشتعل والتعامل معه بفعالية.
السيناريوهات المحتملة
قرار نتنياهو بإقالة جالانت وإجراء هذه التعيينات يحمل تداعيات خطيرة قد تؤدي إلى تصاعد الأزمات الداخلية، ففي حال تصاعدت المعارضة الداخلية لسياسات نتنياهو، قد نجد أن المؤسسة العسكرية والشخصيات السياسية المعارضة تبحث عن وسائل أخرى للتعبير عن رفضها لهذه السياسات. من جانب آخر، قد يكون نتنياهو يسعى لإضعاف الأصوات المعارضة له داخل الحكومة وتثبيت سيطرته المطلقة على الوزارات الأمنية، مما يزيد من حدة الانقسام السياسي داخل إسرائيل، ويعزز احتمال حدوث أزمات جديدة في العلاقات مع القوى الدولية، وعلى رأسها الولايات المتحدة.
خاتمة
قرارات نتنياهو الأخيرة تضع إسرائيل على مفترق طرق سياسي وأمني، ما بين محاولاته تثبيت سيطرته على مفاصل الدولة وبين التحديات الداخلية والخارجية، يبدو المشهد الإسرائيلي اليوم مشحونًا بالقلق وعدم اليقين، هذه التحركات تُظهر مدى هشاشة الوضع السياسي الداخلي، وتجعل إسرائيل أمام اختبار كبير حول قدرتها على الحفاظ على توازنها الداخلي بينما تواصل مواجهة تهديدات أمنية متزايدة في المنطقة.
نتابع معا الان اخبار