يميل أغلب الناس إلى الانعزال عند الشعور بالحزن الشديد أو بعد فقدان شخص عزيز، وهو ما يحقّق لهم أحياناً راحة نفسية ويخفف عنهم بعضاً من الألم، بينما يرى آخرون أن العزاء الحقيقي قد يأتي من دعم الأصدقاء والعائلة، ما يجعلنا نتساءل: هل تُعَد العزلة علاجاً أم تزيد من الآلام؟
حاول تقرير لموقع “بي سايكولوجي توداي” تفسير ظاهرة العزلة في الحزن، واستعرض كيفية تأثير الوحدة على الشخص الحزين. في هذا السياق، يقول الكاتب الأميركي جورج ميشيلسن فوي إن العزلة في أوقات الحزن العميق قد تدفع بالشخص إلى “دوامة متفاقمة من الحزن والاكتئاب”، ما قد يفاقم الحالة النفسية ويدخل الشخص في حالة يُعرفها الطب النفسي باسم “الحزن المرضي”، حيث تصبح مشاعر الحزن عميقة ومستديمة، وتخرج عن السيطرة، وتؤدي إلى ألم عاطفي طويل الأمد.
من جهة أخرى، تشير المعالجة النفسية هوب إيجلهارت إلى أن الشخص الذي يعيش حالة الحداد يكون أشبه بمن فقد صلته بالعالم الخارجي، حيث يبدو كما لو كان في “عالمٍ سفلي” بعيد عن الواقع، فاقداً لإحساسه بالزمن والمكان. تقول إيجلهارت إن هذا الانقطاع العاطفي قد يجعل التواصل مع الآخرين عبئاً، إذ يُرهق الشخص الحزين الحديث عن نفسه أو عن من فقده، وكأن الجرح يتجدد مع كل محاولة للتواصل.
ويفسر بعض علماء النفس ميل الشخص إلى العزلة في هذه الحالة بأنه رغبة في الاحتفاظ بذكريات الشخص المفقود بعيداً عن محاولات الناس لفهمها أو مواساتها، إذ يشعر الشخص، كالزوج الذي فقد شريك حياته، أن أحداً لا يمكنه فهم حجم الخسارة بالطريقة التي يدركها.
وبينما يرى البعض في العزلة علاجاً مؤقتاً لتفادي المواجهة، فإن التقرير يشير إلى أهمية تحقيق التوازن بين قضاء بعض الوقت في عزلة للتأمل وتذكر الأحبة، وبين العودة التدريجية إلى الحياة الاجتماعية. ويؤكد التقرير أن الدعم من الأصدقاء والعائلة يبقى حاجة أساسية في رحلة الشفاء، ما قد يساعد الشخص على مواجهة الألم والتغلب على عزلته في الوقت المناسب.
نتابع معا الان اخبار