نتابع معكم عبر موقعنا خليج نيوز
د. نادر علي المطيري
مستشار وباحث في الشأن التعليمي و في تطبيقات أهداف التنمية المستدامة
أتيحت لي الفرصة مؤخراً لتقديم برامج وورش عمل وتصميم دروس لمدارس تتخذ خطوة مهمة نحو تزويد طلابها بالمعرفة والمهارات والمواقف اللازمة لمواجهة التحديات العالمية التي تؤثر على المجتمع والبيئة والاقتصاد. تدرك المدارس أن الطلاب يمكنهم إحداث تأثير إيجابي منذ سن مبكرة، وتتطلع إلى دمج التعليم من أجل أهداف التنمية المستدامة في مناهجها الدراسية. وهذه خطوة في الاتجاه الصحيح لأن التنمية المستدامة قضية عالمية بالغة الأهمية، والمملكة العربية السعودية ليست استثناءً.
في عام ٢٠١٥، وافقت الأمم المتحدة على ١٧ هدفا للتنمية المستدامة أو الأهداف العالمية لمعالجة القضايا الأكثر إلحاحاً في العالم. إذا أردنا في المملكة العربية السعودية تعزيز هذه الأهداف، فيجب علينا أن ندرك أن التعليم هو أداة رئيسية لدفع التنمية المستدامة وأن مدارسنا تلعب دوراً هاماً في تشكيل مستقبل المملكة العربية السعودية ورؤيتها ٢٠٣٠.
ما هو التعليم من أجل التنمية المستدامة Education for Sustainable Development (ESD)
التعليم من أجل التنمية المستدامة هو نهج شامل للتعليم يزود المتعلمين بالمعرفة والمهارات والمواقف والقيم اللازمة للمساهمة في التنمية. ويهدف إلى تمكين المتعلمين من اتخاذ قرارات مستنيرة واتخاذ إجراءات مسؤولة من أجل مستقبل مستدام. ويغطي التعليم من أجل التنمية المستدامة مجموعة من المواضيع، بما في ذلك حماية البيئة، الصحة، والعدالة الاجتماعية، والتنمية الاقتصادية، والتنوع الثقافي، الصناعة والابتكار، الطاقة النظيفة، وجودة الحياة والرفاهية.
كيف يمكن للمدارس دمج التعليم من أجل التنمية المستدامة في مناهجها الدراسية؟
إن دمج التعليم من أجل التنمية المستدامة في المناهج المدرسية في النظام التعليمي السعودي ليس بالأمر الصعب كما قد يبدو. يمكن للمدارس:
– أن تقوم بمراجعة المناهج الحالية وتحدد المجالات التي يمكن دمج التعليم من أجل التنمية المستدامة فيها. على سبيل المثال: درس تركيب الخلايا الشمسية في مقرر الفيزياء صف ثالث ثانوي، يستطيع المعلم دمج الهدف رقم ٧، ٩،١١ وهي (طاقة نظيفة بأسعار معقولة، الصناعة والابتكار، مدن ومجتمعات محلية مستدامة) في درسه ويتعرف الطلاب على الأهداف ومدى إرتباطها في الدرس وكيفية توظيف الأهداف وتطبيقاتها.
– دمج التعليم من أجل التنمية المستدامة في الأنشطة اللاصفية أو أنشطة النوادي الطلابية والعلمية.
– تدريب المعلمين على مبادئ وممارسات التعليم من أجل التنمية المستدامة.
– استخدام أساليب التعلم التجريبي مثل الرحلات الميدانية والمشاريع العملية التي تتوافق مع أهداف التنمية المستدامة في الصفوف الدراسية.
– الشراكة مع المنظمات ذات الخبرة في دمج التعليم من أجل التنمية المستدامة في المدارس.
– التعاون مع المنظمات المحلية وأصحاب المصلحة لتنفيذ المشاريع المجتمعية في الصفوف الدراسية.
فوائد تقديم التعليم من أجل التنمية المستدامة للطلاب من خلال إدخال التنمية المستدامة في المدارس:
– سيصبح الطلاب مواطنين مسؤولين قادرين على اتخاذ قرارات مستنيرة واتخاذ الإجراءات منذ سن مبكرة لخلق مستقبل أكثر استدامة.
-يتم بناء مهارات التفكير النقدي والقيادة ويتم تشجيع الطلاب على المشاركة في حل المشكلات الواقعية.
– بحلول الوقت الذي يتخرج فيه الطلاب، يصبحون مواطنين، واعين اجتماعياً، واقتصادياً، وبيئياً.
– تساعد هذه المعرفة في إنشاء جيل من المتعلمين الذين يكونون أكثر تعاطفاً وشمولاً والتزامًا بإنشاء مجتمع عادل ومنصف.
– طالب عالمي ومعلم عالمي! وفقاً لتقرير صادر عن اليونسكو، من المرجح أن يُظهر الطلاب الذين يشاركون في برامج التعليم من أجل التنمية المستدامة إحساساً أكبر بالمسؤولية عن إحداث تغيير إيجابي. وعلى نحو مماثل، أظهرت دراسة أجراها برنامج الأمم المتحدة للبيئة أن التعليم من أجل التنمية المستدامة يمكن أن يساعد في بناء مجتمعات أكثر استدامة ومرونة من خلال تعزيز الممارسات المستدامة وتعزيز مرونة المجتمع.
التعليم أساس قوي لتعزيز التنمية المستدامة في المملكة العربية السعودية. فهو يوفر للشباب الفرصة لتعلم وممارسة المبادئ المستدامة في بيئةعميقة وغامرة، بدلاً من برامج التوعية لمرة واحدة ذات التأثير المحدود. إنني أشجع بقوة المزيد من المدارس على أخذ زمام المبادرة
لدمج التعليم من أجل التنمية المستدامة لطلابها. إذا كنت معلماً، مشرف تربوي، مدير مدرسة، مالك مدرسة، أو صاحب قرار، أو مسؤولًا مهتماً بالتعليم من أجل التنمية المستدامة: فلنبدأ.