التخطي إلى المحتوى

نتابع معكم عبر موقعنا خليج نيوز

د. هند بنت محمد القحطاني، دكتوراه الفلسفة في التربية

مع تغاير السنين والأهداف، وتسارع المعرفة؛ يظهر لنا جليًّا اختلاف الفكر، وتعدُّد أنماط العيش، واختلاف أساليب الحياة بشكل عجيب، ولذلك لا بدَّ من الاتفاق على الالتزام بأخلاق القرآن؛ لنتمكن من مواجهة التحديات وإعادة السفينة إلى مسارها الصحيح. كذلك لا بد من تكاتف جميع الجهات المعنية بتربية وتعليم وتثقيف أفراد المجتمع،والأسرة، والإعلام، ووسائل التواصل الاجتماعي، والهيئات، والصرح المدرسي جميعًا يد بيد؛ للمحاولة الجادة في نشر الثقافة الدينية والنفسية والصحية، ونشر الممارسات السليمة.

إن طلبة المرحلة الثانوية يعيشون اليوم في ضغوط أرهقتهم، وهي ضغوط امتدت لتصل إلى أفراد الأسرة، وما نخشاه هو أن يِفقد هؤلاء الطلبة التوازن في جميع جوانب حياتهم سواء الصحية، أو النفسية، أو الاجتماعية، وذلك مقابل التحصيل الدراسي، ولا يخفى على السواد الأعظم الحوادث المريبة التي حصلت في الميداني التعليمي عمومًا، وكلها تؤكد على عدم توازن بعض الطلبة في هذه المرحلة الدراسية، وحاجتهم الماسة والضرورية إلى التوعية والتوجيه المستمر والقيادة الضابطة.

هذا، وإنه لمن المؤسف أن يتفوق الطلبة في جانب “حصد الدرجات” في كل الاختبارات، في المقابل يخفقون في امتلاك المهارات اللازمة لسوق العمل أو اكتساب القيم السليمة التي توجه سلوكهم مدى حياتهم؛ لذا فإن مقولة: “لا تكرهوا أولادكم على آثاركم، فإنهم مخلوقون لزمان غير زمانكم”؛ تستحق أن تكون نهجًا لجميع المؤسسات، وليس حصرًا على دور الأسرة.

إن هذا الجيل سيكون في مرحله عدم اتزان؛ في حالة إذا فقدت الأسرة ترابطها وتباعدت حبال الوصل بين أفرادها. كذلك إذا تجاهل الجميع الإحساس بأهمية أدوارهم المنوطة بهم أو حتى حينما تفقد المدرسة الالتزام بقيودها أو المعلم بضوابط مهنته وأخلاقياتها، ودوره التربوي الذي يعمل جنبًا إلى جنب مع الأسرة. أكثر من ذلك سيكون هذا الجيل في خطر إذا فقد الطلبة الثقة في ذواتهم، أو عندما يصبح جلّ فكرهم وهاجسهم “تحصيل الدراجات”بين اختبارات متعددة، مثل:اختبارات المدرسة المنهجية، أو الاختبارات التي يخضعون لها عند الكشف عن تحصيلهم الدراسي، أو خضوعهم لاختبارات القدرات قبيل تخرجهم من المرحلة الثانوية؛ فتلك الاختبارات تؤكد على أن الشهادة لم تَعُدْ من أهم وأبرز الطموحات لجيل القرن الحادي والعشرين، إنما هي وسيلة، وأن الغاية هي امتلاك الطلبة المهارات التي تتناسب مع متطلبات هذا القرن، ومتطلبات سوق العمل، ومهاراته الناعمة.

بناءً على ذلك، نوصى جميع المؤسسات بضرورة توعية الطلبة في الصرح المدرسي بالتخصصات الجديدة التي يتطلبها سوق العمل، مع إيضاح المهارات الناعمة لهذا السوق؛ وذلك لإعداد قوه بشرية تسهم في تحقيق رؤية المملكة العربية السعودية ٢٠٣٠م، ما يعني ضرورة أن يتخرج الطلبة وهم على دراية تامة بأهداف هذه الرؤية، وأن يكونوا على علم بالتوجهات المطلوبة والمهن المرغوبة في جميع الجوانب الحياتية. كما ينبغي أن يكون هناك تعاون مع المنظمات، والمؤسسات، والهيئات، والمعاهد سواء التي تنتهي بالتوظيف أوتلك التي تقدم دورات تدريبية: مهنية، أو احترافية؛ لتكون الصورة واضحة وجلية أمام جميع طلبة المرحلة الثانوية.