نتابع معكم عبر موقعنا خليج نيوز
عبود بن علي آل زاحم
في بيئة العمل، يشبه المدير قائد الأوركسترا الذي يحمل عصاه في يده، وكل حركة منه تؤثر في الأداء العام. عندما يلعب المدير دوره بالشكل الصحيح، يتحول الفريق إلى لوحة متناغمة، تفيض بالإبداع والإنتاجية، وتجعل الجميع يقفون للتصفيق، ليس مجاملة، بل لأنهم يرون النجاح يتجسد أمام أعينهم.
المدير الذي يعرف كيف “يلعب” هو ذلك الشخص الذي يملك رؤية واضحة، ويرى الطريق أمامه بشكلٍ لا يُخطئه. ليس مجرد مُنفّذ للأوامر أو ملاحق للنتائج، بل هو شخص يعرف كيف يشعل الحماس في نفوس موظفيه، وكيف يجعل من أصغر إنجاز شعلة تضيء أجواء العمل.
عندما يُقدّر المدير جهوده وجهود فريقه، فهو لا يحتاج لخطابات طويلة أو مكافآت مادية دائمًا، بل يكفيه أن يبتسم، أو يُلقي كلمة شكر صادقة في اجتماع. الموظف حين يشعر بأنه مُعترف بجهوده، يزداد ارتباطه بالعمل، ويصبح أكثر استعدادًا للعطاء.
لكن المدير الحقيقي لا يكتفي بالثناء، فهو يدرك أن نجاحه يعتمد على بناء الثقة داخل الفريق. هذه الثقة لا تأتي من فراغ، بل تُبنى عبر الإصغاء الجاد، والاهتمام الحقيقي بالمشكلات، والتواجد حين يحتاجه الموظفون. إنه كاللاعب الذي لا يترك زملاءه وحدهم في الملعب، بل يسارع لتمرير الكرة حين يتطلب الأمر ذلك.
ومثل القائد الذي يُعيد ترتيب أوراقه في منتصف المباراة، يعرف المدير كيف يتعامل مع الأزمات. ليست المشكلة في وجود التحديات، فهي أمر لا مفر منه، ولكن التميز يكمن في طريقة التعامل معها. المدير الذي يُظهر رباطة جأش ومرونة، يُلهم فريقه بالهدوء والعزيمة، في حين أن التوتر قد ينقل شعور الفوضى إلى الجميع.
أما سر اللعبة الحقيقي فهو في التعاون. المدير الذي يجعل فريقه يشعر بأنه جزء من “عائلة عمل”، يخلق بيئة يصبح فيها النجاح مشتركًا، والإنجاز جماعيًا، حتى لو كان العمل فرديًا. هذا الشعور بالأهمية يُحفز الجميع لبذل أقصى ما لديهم، لأنهم يعرفون أن جهودهم تُحدث فرقًا حقيقيًا.
وفي نهاية المطاف، حين يلعب المدير دوره بإتقان، ويحول مكان العمل إلى ساحة من التميز والتفاعل، يصبح التصفيق له وللفريق على حد سواء. التصفيق ليس فقط للاحتفال بنجاح لحظي، بل لأنه قاد رحلة من الإلهام والتحفيز، وجعل الجميع يشعرون بأنهم جزء من نجاح أكبر.
فالمدير الذي يعرف كيف يلعب لا ينتظر التصفيق، بل يصنعه، ليكون علامة على فوزه وفوز فريقه معًا.