تجري السبت ١٦ نوفمبر ٢٠٢٤، انتخابات بلدية في نحو ٥٨ بلدية ليبية، في سياق سياسي معقد يتسم بالتوتر والصراعات المستمرة. تأتي هذه الخطوة وسط جمود في العملية السياسية، وسوابق تأجيلات لعمليات اقتراع حظيت بدفع دولي.
وتُعد الانتخابات خطوة مهمة نحو تعزيز الديمقراطية المحلية، إلا أن الوضع السياسي المترنح في ليبيا يجعلها تحمل أكثر من مجرد طابع محلي، بل هي بمثابة اختبار حقيقي للإرادة الشعبية وسط الأزمات المستمرة التي تمر بها البلاد.
وتعيش ليبيا على وقع انقسام حكومي وأمني منذ عام ٢٠١١، وتتقاسم إدارة البلاد حكومتان: الأولى الوحدة الوطنية المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، والثانية في شرق البلاد، التي يترأسها أسامة حماد، المدعومة من البرلمان.
وهذا الانقسام السياسي تسبب في حالة من الجمود على جميع الأصعدة، بما في ذلك العملية الانتخابية، إضافة إلى ذلك، تعيش بعض المناطق في ليبيا تحت سيطرة جماعات مسلحة، وهو ما يخلق بيئة غير آمنة تؤثر على قدرة المواطنين على المشاركة في الانتخابات بحرية وأمان.
فالخلافات العسكرية بين الفرقاء السياسيين قد تؤدي إلى اندلاع اشتباكات في بعض الأحيان، مما يعقد إجراء أي استحقاق انتخابي في ظل غياب الاستقرار الأمني.
على الرغم من هذه التحديات، دعا رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبدالحميد الدبيبة، المواطنين إلى المشاركة في الانتخابات البلدية؛ مُشددًا على أن الأجهزة الأمنية مستعدة لتأمين الانتخابات وضمان سيرها بنجاح.
وحث «الدبيبة» الليبيين في تصريحاته على اختيار الأفضل لإدارة شئون بلدياتهم؛ مُعتبرًا أن الانتخابات خطوة نحو تقوية الروابط المحلية وتحسين الخدمات الأساسية.
لكن في ظل الصراعات المستمرة على السلطة والتوترات الأمنية التي تعيشها البلاد، يبدو أن هذه الدعوات قد تواجه تحديات كبيرة.
وتعد الانتخابات البلدية التي أجريت السبت خطوة أولى من أصل ١٤٣ بلدية في البلاد، بينما ستجرى انتخابات المرحلة الثانية في ٥٩ بلدية أخرى مطلع العام المقبل.
ورغم ذلك، يبقى التساؤل حول ما إذا كانت هذه الانتخابات ستشهد إقبالًا جماهيريًا كبيرًا أم أن العزوف الشعبي سيستمر، خاصةً في المناطق التي تعاني من أزمات أمنية أو في تلك التي شهدت اشتباكات مسلحة.
لطالما كانت ليبيا تشهد عزوفًا شعبيًا عن المشاركة في الانتخابات، وهو أمر تفاقم بسبب الشعور بعدم الاستقرار السياسي.
وتوجد ١٤٣ بلدية في عموم ليبيا، وفق مسئولي المفوضية الوطنية العليا، إلا أن الانتخابات لن تعقد إلا في ١٠٦ منها، مما انتهت مدة مجالسها الانتخابية.
ويري خبراء في الشأن الليبي، أن هناك مخاوف من عزوف الليبيين عن المشاركة؛ موضحين أن الشعب قد تعود على عدم المشاركة في الانتخابات لفترة طويلة، وهذا يتجسد في الاستفتاء على الدستور أو الانتخابات البرلمانية والرئاسية التي تأجلت مرارًا، أنه رغم العزوف المحتمل، أي مشاركة ستكون أفضل من السابق إذا كانت فاعلة في بعض البلديات.
ويرى البعض أن غياب الخيارات الفاعلة والمرشحين الأكفاء من شأنه أن يساهم في تفشي العزوف الشعبي، مما يعكس فقدان الثقة في النظام السياسي القائم.
وتعتبر هذه الانتخابات البلدية بمثابة اختبار مصغر لاستعداد الشعب الليبي لخوض الانتخابات العامة، التي تأجلت عدة مرات بسبب الخلافات السياسية والميدانية بين الأطراف المتنازعة.
ولا شك أن هذه الانتخابات قد تكون بمثابة بروفة حقيقية للعملية الانتخابية الأوسع التي يتطلع الليبيون إلى إجرائها.
وتُعد الأوضاع الأمنية من أبرز العوامل التي قد تؤثر على سير الانتخابات، ففي العديد من المناطق، لا يزال وجود الميليشيات المسلحة يُشكل تهديدًا حقيقيًا، حيث تسعى بعض الجماعات إلى فرض نفوذها على العملية السياسية، سواء من خلال تهديد المرشحين أو التأثير على نتائج الانتخابات.
فهذا الوضع يثير قلق المواطنين ويزيد من عزوفهم عن المشاركة في الاستحقاق الانتخابي، خصوصًا في المناطق التي تشهد توترات مسلحة بين الفصائل المتنافسة.
يُضاف إلى ذلك غياب السلطة المركزية القوية التي تضمن الأمن في جميع أنحاء البلاد، مما يجعل بعض المواطنين يتجنبون المشاركة في الانتخابات خوفًا من التعرض للعنف أو التهديدات من قبل الجماعات المسلحة.
وفي حال استمرت هذه الصراعات في التأثير على العملية الانتخابية، فإن الاستحقاق الانتخابي قد يفشل في تحقيق أهدافه المنشودة، مما يزيد من تعقيد الأزمة الليبية.
ورغم الصراعات والتوترات الأمنية، يرى البعض أن إجراء الانتخابات البلدية في هذا الوقت يمكن أن يشكل شرارة لعودة الأمل في العملية السياسية، فهذه الانتخابات قد تكون بمثابة اختبار للقوى السياسية والمواطنين على حد سواء في قدرتهم على تجاوز الأزمات، ومنح فرصة للتغيير على المستوى المحلي.
نتابع معا الان اخبار