خليج نيوز

بعد مرور 70 عاما.. حكاية أول عملية زرع كلى ناجحة أجراها توأم متطابق - خليج نيوز

في الثالث والعشرين من ديسمبر عام 1954، شهد العالم إجراء أول عملية ناجحة في العالم لزرع عضو داخلي من شخص حي إلى آخر، وذلك في مستشفى بيتر بنت بريغهام في بوسطن، وحصل الجراح جوزيف موراي الذي أجرى هذه العملية على جائزة نوبل لعمله.

ذكرى أول عملية زرع كلى ناجحة

وفي هذا اليوم، تعرّض الطيار تشارلز وودز، البالغ من العمر 22 عامًا، لحادث مدمر، بعدما جرى تكليفه بالتحليق فوق جبال الهيمالايا، من كورميتولا في الهند إلى لوليانج في الصين، لنقل الوقود إلى النمور الطائرة التابعة للجيش الصيني، الذين كانوا يقاتلون اليابانيين، وتسبب خطأ من مساعد «وودز» في انفجار طائرتهم عند الإقلاع، وتسبب هذا الحريق في حروق من الدرجة الثالثة لأكثر من 70% من جسد وودز، ومحو وجهه، ولم يتعافَ أحد من مثل هذه الحروق الضخمة، وبسبب افتقاره إلى الجلد الوظيفي، كان وودز فريسة لفقدان شديد للسوائل والعدوى والصدمة والوفاة.

ووفقًا لمجلة هارفارد الطبية، يحكي الطبيب جوزيف موراي أنّه كان عضوًا في فريق جراحي تابع للجيش الأمريكي مكلفاً بإنقاذ حياة «وودز» وكان الأمل الوحيد تغطية جلد الجندي بآخر مات، ونظرًا لأنّ الجهاز المناعي لـ«وودز» كان ليرفض هذا الجلد باعتباره غريبًا، فقد كانت احتمالات النجاح ضئيلة، ولكن لحسن الحظ لم يرفض جسم الجندي الجلد الغريب، وأدت الصدمة وسوء التغذية الناتج عنها إلى إبطاء الاستجابة المناعية للطيار، وقد سمح له هذا التأخير، إلى جانب إرادته المذهلة في الحياة، بتجديد جلده ببطء، الأمر الذي أنقذه من الموت.

وبعد تجربته الناجحة في نقل الجلد من شخص لآخر، كان رئيسا قسمي الجراحة والطب الشابان اللامعان فرانسيس مور وجورج ثورن يريدان أن يستعينا بتجربة «موراي» لتحقيق حلمهما في علاج الفشل الكلوي المزمن، وهو المرض الذي كان في ذلك الوقت بمثابة حكم بالإعدام، وكان هناك مجند شاب آخر، قد عدَّل جهاز غسيل الكلى بحيث يمكنه تصفية الدم مؤقتًا بدلًا من الكلى التي توقفت عن العمل؛ ولكن في ذلك الوقت لم يكن غسيل الكلى قادرًا على توفير الدعم الطويل الأجل للكلى التي توقفت عن العمل بشكل دائم، وكان مور وثورن مقتنعين بأنّ زراعة الكلى يمكن أن تكون علاجًا قابلًا للتطبيق للفشل الكلوي الدائم، وكانا يريدان من جوزيف موراي أن يكون جزءًا من فريق لتحويل حلمهما إلى حقيقة.

وفي خريف  1953، عندما مرض ريتشارد هيريك، كانت كليتا الشاب البالغ من العمر 22 عامًا تفشلان بشكل لا يمكن تفسيره، وقيل له إنّ هذه الحالة غير قابلة للشفاء وأن أمامه عامين ليعيشهما، وبحلول أغسطس 1954، كان بالكاد يستطيع المشي، وحينها التقى شقيق ريتشارد المنزعج «رونالد» طبيب ريتشارد الخاص ديفيد ميلر، وأخبره أنّه على استعداد فعل أي شيء لمساعدة شقيقه، وعندما قيل له إنه لا يوجد شيء يستطيع أحد فعله، أصر رونالد وقال: «دكتور، سأعطيه إحدى كليتي إذا كان ذلك سيساعد»، وحينها بدأ «ميلر» يشرح أن عملية زرع الكلى لن تنجح لأن جسم ريتشارد سيرفض كلية شقيقه، لكن الطبيب توقف في منتصف الجملة، وتذكر فجأة أن ريتشارد ورونالد توأم متطابق.

إجراء العملية صبيحة يوم 23 ديسمبر 

ونجح الفريق صباح يوم 23 ديسمبر 1954 في إجراء عملية للتوأم ريتشارد ورونالد هيريك، وفتح بطن «ريتشارد» وعزل الأوعية الدموية الرئيسية التي سيُجرى ربطها بالكلية الجديدة، استعدادًا لقطعها في اللحظة التي وصلت فيها الكلية الجديدة، وفي الغرفة المجاورة؛ كان فريق بقيادة جيه هارتويل هاريسون، يجري عملية جراحية لـ«رونالد»، على استعداد لإزالة إحدى كليتيه في اللحظة التي أعطى فيها «موراي» فيها الإشارة، كان التوأمان مستلقيين على بعد 50 ياردة، رونالد تحت التخدير العام وريتشارد تحت التخدير النخاعي المستمر.

وبعدها جرى فصل كلية رونالد عن إمدادات الدم حتى اللحظة التي قام الفريق بتوصيلها بجهاز الدورة الدموية لريتشارد، كانت الكلية ستظل بدون أكسجين ومغذيات، وكلما طالت فترة الانقطاع، كلما زادت احتمالات تعرض كلية رونالد للتلف وبالتالي الفشل في إبقاء ريتشارد على قيد الحياة، إلا أنّ الفريق نجح في توصيل كلية رونالد بالأوعية الدموية لريتشارد وبدأ دم ريتشارد يتدفق إلى عضوه الجديد، وبدأت الكلية المزروعة تتحول تدريجيًا إلى اللون الوردي وتتضخم، مملوءة بدم ريتشارد، ثم بدأ البول يتدفق بسرعة، وبعد ساعتين، كان ريتشارد ورونالد في غرفة الإفاقة، يستيقظان ببطء من التخدير.

تعافى كل من ريتشارد ورونالد بسلاسة، وكانت كلية رونالد الوحيدة تؤدي وظيفة اثنتين، وكانت كلية ريتشارد الجديدة تعوض أكثر من مجرد الكليتين المريضتين، وكان تحسن ريتشارد مذهلًا، وفي غضون أسبوع اختفى سلوكه غير المنتظم، زادت شهيته، وأفسح شحوبه المجال لبشرته المحمرّة عادةً، وعاد مستوى طاقته، وغادر ريتشارد المستشفى بعد أسبوعين.

أخبار متعلقة :