التخطي إلى المحتوى
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
google news

ما مصير جثمان السنوار؟.. سؤال أصبح يفرض نفسه على مشهد الصراع الدائر بين إسرائيل وحماس فبعد استشهاد يحيى السنوار، رئيس المكتب السياسى لحركة حماس، فى اشتباك مسلح بمحافظة رفح، أعلنت إسرائيل رسميًا عن مقتله بعد إجراء فحوصات الحمض النووي، وأصبح جثمانه محل جدل واسع وسط تكهنات حول إمكانية استخدامه كـ “ورقة مساومة” فى مفاوضات مستقبلية للتوصل إلى صفقة تبادل أسرى.

وتصنف إسرائيل السنوار بعدوها الأول بسبب دوره فى التخطيط لهجوم السابع من أكتوبر ٢٠٢٣، وقد وضعته على رأس قائمة المطلوبين للتصفية، وبعد الحصول على جثمانه، ترى تل أبيب نفسها تمتلك أداةً ذات قيمة قد تحقق لها الكثير، مما يطرح سؤالًا مهمًا: ما الخيارات المتاحة أمام إسرائيل؟

وأثار مصير جثمان رئيس المكتب السياسى لحركة حماس يحيى السنوار، الذى نقل بعد التشريح إلى مكان سري، جدلًا واسعًا، محاطا بالغموض وعدم اليقين باستخدامه فى المفاوضات. 

وذكر موقع صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية، أن جثمان السنوار قد نقل إلى مكان سري، مشيرًا إلى أنه لم يتم تحديد مصيره بعد، وأن إسرائيل لم تعلن بعد ما إذا كانت ستستخدمه كـ “ورقة” فى مفاوضات تبادل أسرى مع حماس.

وكشفت نتائج تشريح جثمان السنوار عن إصابته برصاصة فى الرأس، وآثار طلقات نارية، بالإضافة إلى إصابة بفعل انفجار قذيفة.
وكانت أعلنت الشرطة الإسرائيلية يوم الخميس، أن جثمان السنوار قد نقل إلى مشرحة فى تل أبيب لإجراء “فحوص إضافية”، دون الكشف عن مصيره عقب عملية التشريح.

وعقب تأكيد استشهاد السنوار، عبرت عائلات الرهائن الذين تحتجزهم حماس عن أملها فى التوصل إلى وقف لإطلاق النار يسمح بإعادة ذويهم.

وزعم رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو أن مقتل السنوار يوفر فرصة للسلام فى الشرق الأوسط، لكنه أكد على أن الحرب فى غزة لم تنته، وإن إسرائيل ستواصل الحرب حتى تعيد الرهائن.

ويثير غموض مصير جثمان السنوار جدلًا واسعًا، فمن المتوقع أن يزداد التوتر بين إسرائيل وحماس، خاصةً فى ظل عدم وضوح نوايا إسرائيل حول مستقبل الجثمان.

القانون الدولي

بحسب القانون الدولي، يجب على أطراف الصراع تسليم جثث الضحايا، سواء كانت عسكرية أم مدنية، لذويهم عبر جهة محايدة، وفى حالة السنوار، يفرض القانون الدولى الإنسانى على إسرائيل تسليم جثمانه لذويه فى غزة عبر اللجنة الدولية للصليب الأحمر، التى بدورها تُسلمه لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، ليتم نقل الرفات إلى أهله ودفنه حسب الشرائع والعادات.

لكن إسرائيل تصنف السنوار كقائد لمنظمة إرهابية، مما يجعل من المستبعد أن تتعامل مع أقاربه وفقًا للقانون الدولي.

ويشير المتخصص فى القانون الدولى طلال صلاح بحسب “اندبندنت عربية” إلى أن إسرائيل قد ترفض الانصياع للقانون، مُتخذةً إجراءات أخرى بسبب حالة السنوار المختلفة عن غيره من القتلى.

تشير صحيفة “يديعوت أحرنوت” العبرية إلى إمكانية إعادة إسرائيل لجثمان يحيى السنوار، رئيس المكتب السياسى لحركة حماس، فى حال تمّ عرض صفقة تفيد بتحرير عدد من الأسرى المحتجزين لدى إسرائيل منذ اندلاع حرب ٧ أكتوبر فى غزة.

ووفقًا لمسئولين إسرائيليين، انتقل ملف المفاوضات بشأن صفقة الأسرى، بعد مقتل السنوار، إلى قيادة حركة حماس خارج قطاع غزة، مما يرجح زيادة فرص التوصل إلى اتفاق فى هذا الشأن وتساهم فى فعالية الضغوط التى قد يمارسها الوسطاء لإنجاز الاتفاق.

ويمكن أن تستغل إسرائيل جثمان السنوار فى التفاوض عبر صفقة للإفراج عن المحتجزين، بحسب ما رجحه الدكتور أيمن الرقب أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس.

“مقابر الأرقام” مصير محتمل

“مقابر الأرقام” هى مقابر سرية تدفن فيها جثامين الفلسطينيين الذين ترفض إسرائيل تسليمها لذويهم، وتعرف هذه المقبرة باسم “مقابر الأرقام” لأن إسرائيل تضع أرقامًا على جثث الموتى بدلًا من أسمائهم، مما يحرم عائلاتهم من معرفة مكان دفنه.

لم يكتف الاحتلال الإسرائيلى بارتكاب مجازر يومية فى قطاع غزة، فقد بلغ جرائمه حد سرقة جثامين الشهداء الفلسطينيين واحتجازها فى مقابر عرفت باسم “مقابر الأرقام”.

عصام العاروري، ممثل حملة استرداد جثامين الشهداء الفلسطينيين، وصف هذا العمل فى تصريح تليفزيونى بأنه “غير إنسانى ولا أخلاقي”، مؤكدًا على أن “لا دولة ولا عصابة فى العالم تفعل ذلك”.

 

دفن سرى 

تشير تصريحات الخبير الأمريكى جون ب. ألترمان، مدير برنامج الشرق الأوسط فى مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية فى واشنطن، إلى احتمال دفن يحيى السنوار، رئيس المكتب السياسى لحركة حماس، فى مكان سرى غير معلن عنه.

فى مقابلة مع صحيفة “نيويورك تايمز”، قال ألترمان إن “ما أتخيله هو أنه سيكون هناك دفن سرى فى مكان غير معلن”، مشيرًا إلى سيناريو “بن لادن”، العقل المدبر لهجمات ١١ سبتمبر ٢٠٠١، والذى قتل فى عام ٢٠١١ على يد القوات الأمريكية.

وتشير الصحيفة إلى أن دفن بن لادن فى البحر تم لتجنب إمكانية وجود ضريح له، ويرجح أن يكون دفن السنوار فى مكان سرى بهدف مشابه، لمنع تحويل مكانه إلى مزار شعبى يخلد ذكراه.

ويرجح المحاضر الجامعى فى الأدلة الجنائية رؤوف الغندور بحسب “اندبندنت عربية” أن دفن السنوار فى مكان سرى غير معلن يشير إلى رغبة الإسرائيليين فى تجنب تخليد ذكرى زعيم حماس.

ويسعون لتقليد الولايات المتحدة عندما ألقت جثمان زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن فى البحر، محاولين منع أنصار حماس من تحويل مكان دفنه إلى مزار شعبي.

ويوضح الغندور أن إعادة جثمان السنوار إلى غزة، سواء من خلال تسليمه لأهله أو عبر صفقة رهائن، قد يحوله إلى بطل قومي، مما يتيح لـ “حماس” حشد مزيد من المؤيدين لها وتجديد نشاطها.

وهذا ما يراه الخبراء فقد أدى دفن بن لادن فى البحر إلى تجنب نشوء معالم تخلّد ذكرى الشخصية المثيرة للجدل فى العالم الإسلامي.

 

مقابر الأرقام

تثير “مقابر الأرقام” جدلا أخلاقيا وقانونيا فى فلسطين، فقد أطلق هذا المصطلح على مقابر سرية تدفن فيها جثامين فلسطينيين وعرب قتلهم الجيش الإسرائيلى، وتم دفنهم وفق أرقام ملفاتهم الأمنية، محرمةً أهاليهم من معرفة مكان دفنهم وتشييع جثامينهم.

على رغم محاولات إسرائيل إخفاء هذه المقابر، فقد كشفت وسائل إعلام إسرائيلية فى العقدين الأخيرين عن وجود بعض هذه المقابر فى منطقة الأغوار وشمالى إسرائيل.

وبعد مداولات قضائية طويلة، أفرجت إسرائيل عام ٢٠١٢ عن عشرات الجثامين، لكن ما زال عشرات الآخرين رهن الاحتجاز، وزعمت سلطات الاحتلال عدم توافر أى معلومات عن بعض هذه الجثامين.

فى عام ٢٠١٩، أقرت المحكمة العليا الإسرائيلية باحتجاز هذه الجثامين، مؤكدة أن إسرائيل تستخدمها كـ “ورقة مساومة” فى المستقبل، لتبادلها مع أسرى إسرائيليين تحتجزهم حركة حماس فى قطاع غزة منذ عام ٢٠١٤.
ومن أهمية ملف الجثامين المحتجزة، قرّرت الحكومة الفلسطينية عام ٢٠٠٨ أن يكون يوم ٢٧ أغسطس من كل عام يومًا وطنيًا لاسترداد جثامين الشهداء، تنظم فيه فعاليات تُذكّر بقضيتهم وضرورة الإفراج عن جثامينهم.
لا يزال مصير هذه الجثامين معلقا، وتتابع المنظمات الفلسطينية والعالمية هذا الملف عن كثب، مُطالبةً إسرائيل بإنهاء ممارساتها غير الإنسانية وتسليم الجثامين لأهاليهم.

 

النتائج المحتملة 

يشير الباحث السياسى سالم الهندى بحسب “اندبندنت عربية” إلى أن دفن السنوار فى مقابر الأرقام قد يكون جيدًا لإسرائيل، حيث تؤكد تل أبيب بذلك موقفها الحازم تجاه قيادات “حماس”، لكن هذا الخيار سيكون خبرًا سيئًا جدًا للحركة، وربما يطوى ملف السنوار لسنوات طويلة.

فى النهاية، يظل مصير جثمان يحيى السنوار غير مؤكد، لكن يشير الوضع الحالى إلى أن إسرائيل ستسعى إلى تحقيق مكاسب سياسية أو عسكرية من خلاله، بغض النظر عن القانون الدولى أو حقوق عائلة السنوار.

 

جثمان حسن نصر الله 

تتضارب الروايات حول مصير جثمان الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، بعد وفاته، مما يزيد الغموض والجدل حول مكان دفنه وموعد تشييعه.

ذكرت وكالة فرانس برس، نقلًا عن مصدر مقرب من حزب الله، أن جثمان نصر الله دفن مؤقتًا كوديعة فى مكان سرى بسبب كثافة الغارات الإسرائيلية التى تمنع إجراء تشييع فى الظروف الحالية.

ولكن المصدر الأول نفى هذه الرواية، مما يُثير مزيدًا من التساؤلات حول حقيقة المعلومات المتداولة حول مصير جثمان نصر الله.
لم يصدر حزب الله أى بيانٍ رسمى يتعلق بترتيبات تشييع زعيمه الراحل، مما فتح الباب أمام موجة من التكهنات والاستفسارات حول مُستقبل جثمانه.

 

أبرز عمليات تبادل الأسرى والجثامين

طوال عقود من الزمن، شهدت هذه المنطقة عمليات تبادل معقدة، بعضها حقق بالتفاوض ودبلوماسية دءوبة، بينما دارت أخرى وسط صراعات مسلحة وخسائر بشرية فادحة.

منذ حرب عام ١٩٦٧، شهدت إسرائيل والعالم العربى سلسلة من المفاوضات والمبادرات حول تبادل الأسرى والجثث، تشكل كل واحدة منها مرحلة مهمة فى سياق الصراع المستمر.
١٩٦٨: أطلقت إسرائيل سراح ٥٧٢ سوريًا مقابل استعادة جثة طيار وجثث ثلاثة جنود إسرائيليين.

ورفضت سوريا تسليم جثة الجاسوس الإسرائيلى الشهير “إيلى كوهين”، الذى أُعدم شنقًا فى دمشق عام ١٩٦٨.

٢ أبريل ١٩٦٨: أطلقت إسرائيل سراح ١٢ أسيرًا مقابل تسليم الأردن لجثة جندى إسرائيلى قتل فى معركة الكرامة، لا يزال جنديان إسرائيليان مفقودين من معركة الكرامة، واستلمت إسرائيل تابوتين يحتويان على تراب بدلًا من جثتهما.

١٩٨٤: أعادت إسرائيل ثلاثة جنود (جيل فوجيل، ارئيل ليبرمان، ويوناثان شلوم) وخمس جثث لجنود آخرين كانوا قد أسروا من قبل سوريا، مقابل ذلك، أطلقت إسرائيل سراح ٢٩١ جنديًا سوريًا و٨٥ أسيرًا لبنانيًا من المقاومة الوطنية اللبنانية و١٣ أسيرًا عربيًا سوريًا من الجولان السوري، وتم إطلاق سراح الأسرى العرب بشرط بقائهم فى الجولان، كما سلمت إسرائيل رفات ٧٤ جنديًا سوريًا.

فى ٢١ سبتمبر ١٩٩١، أطلقت إسرائيل سراح ٥١ أسيرًا من معتقل الخيام مقابل استعادتها لجثة جندى إسرائيلى كانت محتجزة لدى حزب الله.

١٣ سبتمبر ١٩٩١: استلمت إسرائيل جثة الجندى الدرزى “سمير أسعد” من بيت جن، الذى كانت تحتجزها الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين منذ عام ١٩٨٣، مقابل ذلك، سمحت إسرائيل بعودة أحد مبعدى الجبهة، “على عبد الله / أبو هلال”، من أبو ديس إلى فلسطين، والذى أبعدته إسرائيل فى العام ١٩٨٦.

٢١ يوليو ١٩٩٦: أُرجِعت لإسرائيل رفات الجنديين “يوسف بينيك ورحاميم الشيخ”، مقابل ذلك، أطلقت إسرائيل سراح رفات ١٣٢ لبنانيًا استشهدوا.

٢٦ يونيو ١٩٩٨: أعادت السلطات الإسرائيلية ٤٠ جثة لشهداء لبنانيين و٦٠ معتقلًا لبنانيًا، بما فى ذلك ١٠ معتقلين من السجون الإسرائيلية و٥٠ آخرين من سجن الخيام، مقابل ذلك، سلم حزب الله رفات الرقيب “إيتامار إيليا” من وحدة الكوماندوز فى سلاح البحرية، الذى قتل خلال مهمة خاصة فى لبنان.

٢٠٠٣: أطلقت إسرائيل سراح رفات عنصرين من حزب الله، “عمار حسين حمود وغسان زعتر”، مقابل ذلك، سمح للوسيط الألمانى بزيارة العقيد “إلحنان تانينباوم”، المحتجز لدى حزب الله.
٨ يونيو ٢٠٠٨: أطلقت إسرائيل سراح الأسير “نسيم نسر” إلى لبنان بعد أن أمضى ست سنوات فى السجن بتهمة التجسس لصالح حزب الله.
مقابل ذلك، أعاد حزب الله لإسرائيل أشلاء لجثث تعود لأربعة جنود إسرائيليين قتلوا خلال حرب يوليو (تموز) عام ٢٠٠٦.
١١ أكتوبر ٢٠١١: تمت صفقة شاليط بين حماس وإسرائيل بوساطة مصرية، وأُفرج عن ١٠٠٠ أسير و٥٠ أسيرة من السجون الإسرائيلية مقابل الجندى الإسرائيلى “جلعاد شاليط”، المحتجز لدى حماس.

نفذت الصفقة على مرحلتين:
فى المرحلة الأولى، أُفرج عن ٤٧٧ أسيرًا وأسيرة بالتزامن مع إطلاق شاليط وتسليمه للسلطات المصرية ومن ثم لإسرائيل.
فى المرحلة الثانية، أُفرج عن ٥٥٠ أسيرا آخرين.

بذلك، اختتمت أكبر صفقة تبادل بين الفلسطينيين وإسرائيل منذ العام ١٩٨٥.

نتابع معا الان اخبار