يطلق الأمريكيون على الرئيس في آخر فترة حكمه اسم «البطة العرجاء»، وهو مصطلح سياسي أُخذ من البورصة البريطانية ويشير إلى الإفلاس، حيث أن سكان البيت الأبيض في آخر فترات مأموريتهم المحددة بأربع سنوات، عادةً ما يفتقرون إلى الدعم السياسي المطلوب لتمرير مشاريع جديدة، أو اتخاذ قرارات حاسمة.
وهذا ما يعيشه العالم كله هذه الأيام، وليس مواطني الولايات المتحدة فحسب، حيث يرتبط مصير الكثير من الشعوب بالقرارات الأمريكية، أبرزها السياسات النقدية والأمور المصرفية باعتبار عملتها السائدة حتى الآن لجميع البشر.
أما قاطنو منطقة الشرق الأوسط المشتعل بالصراعات، يأخذون نصيب الأسد من تعرج البطة، في البيت الأبيض، نتيجة شلل أيدي الرئيس جو بايدن، في وقف العدوان الإسرائيلي الغاشم على الأراضي المحتلة والجنوب اللبناني، والاعتداء على سيادة الدول «سوريا – العراق – اليمن».
كما أن الرئيس الحالي لا يستطيع حاليًا أن ينهي الصراع الإسرائيلي الإيراني الذي قد يقلب المنطقة رأسًا على عقب، وإنما يضع لكل منهما حدًا للهجوم المتبادل بينهما، وإن كان يراه البعض متفق عليه، إلا أنه يؤجج مشاعر الكثير من المواليين للنظام في طهران.
وفي نفس الحين لا تسطيع الولايات المتحدة أن تمارس ضغوطًا توقف من خلالها جرائم جيش الإحتلال، أو تمنع عنه احتياجاته العسكرية والمعلوماتية، أو الدعم المادي، حيث أن اللوبي اليهودي يسيطر بشكل كبير على صُناع القرار الأمريكي، إضافةً إلى تهديدهم المستمر بالانسحاب من الاقتصاد، حيث أنهم يمثلون أغلبية الأغنياء.
انطلاقًا من ذلك كله يخشى الرئيس الحالي أن يدفع بأي قرار يثير به غضب «اللوبي» أو الداعميين لإسرائيل، فتأتي الرياح بما لا تشتهيه السفن، مما يؤثر على مرشحة حزبه «الديمقراطي» ونائبته في الحكم، كاميلا هاريس، وهذا يسري أيضًا على باقي البلدان، فيمكن أن يلامس أي قرار دولة يمثلها تيار أو فصيل في الداخل الأمريكي.
ويتنافس كلا المرشحين، على أيهما سيكون أكثر دعمًا للدول التي لها تمثيل من الناخبين، حتى وإن كانت شعارات إلا أنها ورقة رابحة في صناديق الاقتراع، حيث يبلغ عدد اليهود الأمريكيين 6.3 ملايين نسمة، ويملكون 36 من أعضاء الكونجرس منهم 9 أعضاء مجلس الشيوخ و27 نائبًا بمجلس النواب، وتشكل تلك الأصوات النيابية من اليهود خطرًا إذا ما عارضهم الرئيس.
بينما يبلغ عدد الأمريكيين من أصول عربية 3.7 مليون نسمة، وعلى الرغم من أن نسبتهم ضئيلة، إلا أنها يمكن أن تحدث الفارق في الانتخابات الرئاسية، وخاصة في بعض الولايات المتأرجحة.
وكما أشرنا في المقال السابق أن البعض في منطقة الشرق الأوسط يميل ناحية تكرار تجربة الديمقراطيين «الحزب الحاكم الحالي المُمثل في المرشحة كاميلا هاريس»، تحت زعم توازنها السياسي خصوصًا تجاه القضية الفلسطينية، والملف النووي الإيراني بعض الشيء وإن كانت تخفى تشبثها بالأجندة الأمريكية.
ويخشى الإيرانيون فوز مرشح الجمهوريين «دونالد ترامب»، لتهديداته المستمرة لشن حرب مباشرة عليهم وكبح جماح مشروعهم النووي، وفرض عقوبات أكثر قوة وصرامة على حكومتهم، بينما يرى الروس أن ترامب هو المناسب لإنهاء الصراع الدائر معهم في أوكرانيا، ووقف استنزاف المتورطين فيه حاليًا.