بكلماته الساحرة ، عبر مأمون الشناوي عن أعمق المشاعر الإنسانية بأسلوب غاية في البساطة فعندما يقول “على بالي كل ما فات” تشعر أن هذه البساطة تحمل في طياتها معاني عميقة تعكس حالة الحبيب المشغول بذكريات الماضي.
وتحتفل “البوابة نيوز” بالذكرى العاشرة بعد المائة لميلاده، للشاعر الكبير مأمون الشناوي شاعر الأغنية العربية، الذي سحرنا بكلماته وفي كل عام، وفي مثل هذا اليوم، 28 أكتوبر، نحتفل بذكرى ميلاد ه كأحد عمالقة الشعر الغنائي العربي، أنه الشاعر مأمون الشناوي. صاحب رحلة حياة حافلة بالإنجازات والإبداعات والأوجاع التي تركت بصمة لا تمحى في تاريخ الأغنية العربية.
مأمون الشناوي.. حياة حافلة بالإبداع
ولد مأمون الشناوي في ٢٨ أكتوبر عام ١٩١٤ بمدينة المنصورة، نشأ في أسرة تحب الشعر والأدب، فهو شقيق الشاعر والكاتب كامل الشناوى ؛ فتشرب حبه للأحرف منذ صغره. بدأ مشواره الفني في الصحافة، ثم انتقل إلى كتابة الشعر، وسرعان ما لفت أنظار كبار الملحنين والمطربين بأسلوبه السلس والمعبر.
شراكة فنية أسطورية
تعاون مأمون الشناوي مع كبار نجوم الغناء في عصره، فكتب لأم كلثوم أغاني خالدة مثل “أنساك” و”كل ليلة وكل يوم”، ولمحمد عبد الوهاب كتب أغاني لا تنسى مثل “من قد إيه كنا هنا” و”كل ده كان ليه؟”. كما كتب لفريد الأطرش” جميل جمال مالوش مثال ” ، وعزيزة جلال ” بتخاصمنى حبة وتصالحنى حبة ” .
متميز عن شعراء عصره
من جانبه قال أمير الغناء العربى هانى شاكر لـ “البوابة نيوز ” : أدين للشاعر الراحل مأمون الشناوى بالكثير فهو من ساعدنى فى بداية مشوارى الغنائى وعُرف مأمون الشناوي بقدرته على التعبير عن أعمق المشاعر الإنسانية بكلمات بسيطة مؤثرة ، ففي أغنيته الشهيرة “أنساك” ، والتي غنتها أم كلثوم، يجسد الشاعر معاناة الحبيب المفجوع بقوله: “أنساك دا كلام/ أنساك يا سلام/ كان قلبك فين/ وحنانك فين”. هذه الكلمات البسيطة تحمل في طياتها عمقًا عاطفيًا يجعلها تتردد في أذهاننا حتى اليوم ، عبر عن الشوق والحنين فى كلمات أغنية “على بالي”: “على بالي على بالي/ على بالي كل ما فات” – هذا الاقتباس يعكس عمق الشوق والحنين إلى الماضي، و عبر عن حالة من الحيرة والشك في مشاعر الحبيب.بكلمات أغنية “انت وعزولى وزماني”: “انت وعزولى وزماني/ ويا ترى مين فيهم نساني” .
ويكمل : كلماته تعبر عن الحب والألم، و أغنية “آه منك يا جارحني”: “آه منك يا جارحني/ ويا من ظلمتني” – يعبّر عن ألم الخيانة والجرح العاطفي، ومن أغنية “قابلته”: “قابلته ويا ترى/ قال ايه لما شافني” – يعكس حالة من التوتر والقلق عند مقابلة الحبيب بعد فترة من الفراق،وعبر عن الفرح والسعادة بأغنية “نعم يا حبيبي نعم”: “نعم يا حبيبي نعم/ أنا بحبك يا حبيبي” – يعبر عن الحب الصادق والعاطفة القوية،من أغنية “جميل جمال”: “جميل جمال/ ملوش مثال” – وصف جميل للحبيب يعبّر عن الإعجاب الشديد ،من أغنية “كل ده كان ليه”: “كل ده كان ليه/ لما شفت عينيه” – يعبر عن تأثير نظرة الحبيب في قلب الحبيب الآخر، من أغنية “خسارة خسارة”: “خسارة خسارة/ فراقك يا جارة” – يعبر عن ألم الفراق وحسرة على ما فات .
الأغنية والرمزية فى شعر مامون الشناوى :
وأضاف : ابرز ماكتب أغنية: “أنساك” هو عنوان قوي يحمل في طياته تناقضًا واضحًا. فالحبيب يردد هذه الكلمة كأنه يحاول إقناع نفسه، بينما يدرك في أعماقه استحالة النسيان؛ فالكلمات تتميز بعمقها وصدقها، فهي تعبر عن أوجاع القلب وجراح الحب. عبارات مثل “أنساك دا كلام”، و”كان قلبك فين”، و”وحنانك فين” تجسد يأس الحبيب وعجزه عن تجاوز الألم؛ والألحان لمحمد عبد الوهاب للأغنية أضاف بعدًا آخر من الجمال والأحساس، حيث تنسجم الألحان مع الكلمات وتعزز من تأثيرها العاطفي على المستمع والتحليل الدلالي فى رمزية النسيان الذى يمثل هنا محاولة يائسة للتخلص من الألم، ولكن الحبيب يدرك أن النسيان أمر مستحيل؛ وكذلك رمزية القلب هنا إلى مركز المشاعر والأحاسيس، وحنين الحبيب للقلب الذي كان يوماً مليئًا بالحب والحنان؛ ورمزية الحنان هنا يمثل الدفء والعطف الذي كان يقدمه الحبيب، والآن يشعر الحبيب بفقدانه.
أهمية إرث مأمون الشناوي
فى ذات السياق يقول دكتور عمرو ناجى استاذ الموشحات بالمعهد العالى للموسيقى العربية لـ “البوابة نيوز”: تأثير كلمات مامون الشناوى على المستمع قوى فما يكتبه يحمل اللحن فى معانيه ، فتستطيع الأغنية أن تلامس أوتار المشاعر لدى المستمع، وتجعله يعيش تجربة الحبيب المفجوع؛ والأهم هنا ديمومة الأغنية فعلى الرغم من مرور سنوات عديدة على إنتاج هذه الأغنية، إلا أنها لا تزال تحتفظ بجاذبيتها وقدرتها على التأثير في النفوس.
وأوضح : فأغنية “أنساك” هي أكثر من مجرد أغنية، فهي عمل فني متكامل يجمع بين الشعر الجميل والألحان العذبة والأداء الصوتي المميز. وقد أثبتت هذه الأغنية أن مأمون الشناوي كان شاعرًا متمكنًا، قادرًا على التعبير عن أعمق المشاعر الإنسانية بكلمات بسيطة مؤثرة.
الشناوى صاحب مدرسة في الشعر الغنائي
وأكد : تميز مأمون الشناوي بأسلوبه الخاص في كتابة الشعر الغنائي، فكان يجمع بين العمق والمعنى السهل، مما جعل أغانيه تصل إلى قلوب الناس بكل طبقاتهم، وكان صانع نجوم ، فقد ساهم في صناعة كثير من نجوم الغناء، سيد مكاوى وهانى شاكر ونجاة الصغيرة حيث قدم لهم الكثير من الأغاني التي ساهمت في شهرتهم ونجاحهم.
إرث خالد لا يموت
وقال : أن أغاني مأمون الشناوي لا تزال حاضرة في وجداننا حتى اليوم، فهي تعبر عن أحاسيسنا ومشاعرنا، وترافقنا في مختلف مراحل حياتنا،وفي ذكرى ميلاده ، نتذكر الشاعر الكبير مأمون الشناوي، ونستعيد إبداعاته التي أثرت في حياتنا الفنية والثقافية. إنه رمز من رموز الشعر الغنائي العربي، وسوف يظل اسمه محفوراً في ذاكرة الأجيال مأمون الشناوي ليس مجرد شاعر، بل هو فنان حقيقي، استطاع أن يخلق لنا عالماً من الجمال والأحاسيس من خلال كلماته. إنه مثال يحتذى به للشعراء والأدباء، الذين يسعون إلى ترك بصمة خالدة في تاريخ الأدب ، دعونا نحتفل بذكرى ميلاد هذا الشاعر الكبير، ونستمر في الاحتفاء بإبداعاته التي ستظل خالدة للأبد.