طور فريق من الباحثين طريقة مبتكرة لتخزين البيانات الرقمية في الحمض النووي، تعتمد على عملية طبيعية تُعرف باسم “المثيلة” (Methylation). هذه الطريقة تمكّن الباحثين من تخزين واستعادة بيانات عالية الجودة؛ مثل: “صور لحيوان الباندا ورسم صيني قديم، بدقة تصل إلى 97.47%، وسرعة كتابة بيانات تصل إلى 350 بِت لكل تفاعل”.
ووفقًا لدراسة نُشرت في مجلة Nature، استغل الباحثون عملية المثيلة لطباعة المعلومات مباشرة على الحمض النووي الموجود؛ ما يلغي الحاجة إلى تصنيع سلاسل جديدة من الحمض النووي من الصفر. المثيلة هي تفاعل كيميائي يضيف مجموعة ميثيل إلى الحمض النووي، وتُستخدم عادة لتنظيم نشاط الجينات. تقليديًا، يتطلب تخزين البيانات في الحمض النووي تحويل البيانات الرقمية إلى تسلسل من القواعد النووية A وC وT وG، ثم تصنيع هذه السلاسل كيميائيًا في المختبر عبر عملية تُعرف باسم “التخليق الجديد”. رغم التقدم في هذه العملية، تبقى بطيئة ومكلفة وعُرضة للأخطاء، مما يجعلها غير مناسبة لتخزين البيانات على نطاق واسع.
ونجح الباحثون، من جامعة بكين ومؤسسات أخرى، في التغلب على هذه التحديات عبر استخدام المثيلة لإعادة كتابة الحمض النووي الموجود بشكل طبيعي. اعتمدوا على 700 قطعة من الحمض النووي كمكونات بناء في نظام تخزينهم الجديد، حيث تم تجميع هذه القطع بشكل انتقائي على قالب رئيسي من الحمض النووي. بعد ذلك، أضافت إنزيمات معينة مجموعات الميثيل في مواقع محددة لتحديد الحمض النووي بتسلسل من 1 و0، مما يمكّن من ترميز البيانات الرقمية.
هذه الطريقة تقدم حلًا مبتكرًا وغير مكلف لتخزين البيانات، نظرًا لاعتمادها على قوالب الحمض النووي الموجودة دون الحاجة إلى تصنيع جديدة. ورغم أن التخزين الإلكتروني التقليدي يبقى أسرع وأقل تكلفة، فإن هذا الأسلوب الجديد يقدم تطورًا كبيرًا في استخدام الحمض النووي كمخزن طبيعي للبيانات. مع المزيد من التحسينات، يمكن أن تصبح أنظمة تخزين البيانات عبر المثيلة وسيلة عملية وفعّالة لتخزين البيانات بطريقة مستدامة وأقل تكلفة من تصنيع الحمض النووي من البداية.
وأفاد الباحثون أن نظام “epi-bit” الذي ابتكروه يقدم إطارًا ذا إمكانات مستقبلية لتخزين المعلومات الجزيئية باستخدام وحدات جاهزة؛ ما يشير إلى أن تقنية تخزين البيانات في الحمض النووي قد تبدأ دخول مرحلة التسويق قريبًا.