دخل الصراع فى أوكرانيا مرحلة جديدة بقرار كوريا الشمالية إرسال ما يقدر بنحو ١٠ آلاف جندى لدعم الحرب الروسية الجارية. ولم يؤد هذا التطور إلى تكثيف الوضع العسكرى على الأرض فحسب، بل أثار أيضًا مخاوف دولية. إن نشر جنود كوريين شماليين هو خطوة عدوانية من شأنها إعادة تشكيل التحالفات العالمية وإضافة الوقود إلى المواجهة الجيوسياسية المتقلبة بالفعل بين الشرق والغرب.
تصعيد خطير
يمثل تورط كوريا الشمالية فى الصراع فى أوكرانيا تصعيدًا خطيرًا، حيث يربط ساحة المعركة الأوروبية بالتوترات فى شبه الجزيرة الكورية. ووفقًا لافتتاحية صحيفة الأوبزرفر، فإن هذه الخطوة تمثل تحولًا كبيرًا، حيث ينسجم كيم جونج أون علنًا مع أجندة فلاديمير بوتن. وقد أدان وزير الخارجية الأمريكى أنتونى بلينكين مؤخرًا هذا الإجراء، محذرًا من أن تورط بيونج يانج قد تكون له عواقب مدمرة. لقد سلط المسئولون الأمريكيون، بمن فيهم السفير روبرت وود، الضوء على الخسائر المحتملة التى قد تلحق بالقوات الكورية الشمالية، مؤكدين أنهم “سيعودون بالتأكيد فى أكياس الجثث”.
الدعم الغربى المتعثر
لقد واجه الجيش الأوكرانى خسائر كبيرة فى منطقة دونباس مؤخرًا، حيث خسر المزيد من الأرض فى أكتوبر مقارنة بأى شهر منذ منتصف عام ٢٠٢٢. يزعم بعض المحللين أن هذه الانتكاسات مرتبطة بتراجع الدعم من الحلفاء الغربيين، مما دفع الرئيس الأوكرانى فولوديمير زيلينسكى إلى تجديد دعواته لمزيد من مشاركة الناتو. لقد ترك إحجام الغرب عن تقديم الدعم الشامل أوكرانيا عُرضة للهجوم الروسى المكثف. إن القوات والأسلحة والتكنولوجيا الإضافية لكوريا الشمالية لا تؤدى إلا إلى تفاقم هذه التحديات بالنسبة لأوكرانيا، حيث أصبح الدعم الغربى أكثر أهمية من أى وقت مضى.
دوافع كيم جونج أون وتحالفاته
يتماشى قرار كيم جونج أون بدعم روسيا مع اعتقاده الراسخ بأن الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية واليابان معادية لنظامه. فى إطار معاهدة الدفاع المشترك التى تم توقيعها مؤخرا مع روسيا، تفيد التقارير أن كوريا الشمالية تزود كوريا الشمالية بالأسلحة والطائرات بدون طيار، والآن القوات. وفى المقابل، تتلقى بيونج يانج موارد حيوية من موسكو، بما فى ذلك النفط الرخيص، والغذاء، وربما التكنولوجيا النووية – وهو انتهاك مقلق للعقوبات التى تفرضها الأمم المتحدة. تعمل هذه الشراكة الاستراتيجية على تعزيز كل من نظام كيم وطموحات بوتن، وتشكل جزءًا مما وصفه افتتاحية الأوبزرفر بـ “محور الصين وروسيا وكوريا الشمالية وإيران”.
موقف الصين
تجد الصين، الحليف الرئيسى لكوريا الشمالية، نفسها فى موقف معقد. تشعر بكين بالقلق إزاء العلاقة المتعمقة بين كيم وروسيا، والتى تهدد نفوذ الصين الطويل الأمد على كوريا الشمالية. وهناك أيضًا مخاوف من أن تؤدى تحركات بيونج يانج غير المتوقعة، بما فى ذلك اختبار الصواريخ النووية الأخيرة بالقرب من اليابان، إلى زيادة التدخل الأمريكى والأوروبى فى منطقة آسيا والمحيط الهادئ. إن هذا التوازن الدقيق يزداد تعقيدا بسبب الدور الغامض الذى تلعبه الصين، بعد أن أقامت فى السابق شراكة “بلا حدود” مع روسيا. ووفقا للافتتاحية، فى حين يرى الرئيس شى جين بينج فوائد استراتيجية فى التحالف مع روسيا وكوريا الشمالية، فإنه يخشى أن تؤدى تصرفات كيم وبوتن الاندفاعية إلى تعطيل طموحات الصين طويلة الأجل.
التداعيات العالمية المحتملة
إن وجود القوات الكورية الشمالية على الأراضى الأوكرانية من شأنه أن يسرع من الصراع الأيديولوجى والجيوسياسى الأوسع نطاقا، مما يثير المخاوف من الانقسام بين الشرق والغرب على نطاق عالمي. ويحذر المحللون الغربيون من أن هذا التحالف الجديد من شأنه أن يشجع الأنظمة الاستبدادية فى حين يزيد من حدة التوترات عبر الديمقراطيات فى جميع أنحاء العالم. وقد أعرب زيلينسكى عن إحباطه مؤخرا، قائلا: “إن العالم يراقب فقط، ويراقب بينما ينمو هذا التهديد”. وتدعو افتتاحية الأوبزرفر القوى الغربية إلى منح أوكرانيا الإذن بضرب الأراضى الروسية بأسلحة بعيدة المدى كوسيلة لمواجهة التهديد المتزايد الذى تشكله القوات الكورية الشمالية على الخطوط الأمامية بشكل استباقي.
تعزيز الدعم لأوكرانيا
إن تورط كوريا الشمالية فى الصراع الأوكرانى يشكل نقطة تحول قد تجتذب المزيد من القوى العالمية إلى المعركة، مما يهدد الاستقرار الدولي. وبينما يحث زيلينسكى الغرب على رفع القيود المفروضة على استخدام الأسلحة المتقدمة، تزداد الحاجة إلى استجابة موحدة. وبدون دعم أقوى، قد تستمر أوكرانيا فى خسارة الأرض، فى حين قد تؤدى تحالفات روسيا المعززة إلى زعزعة استقرار الأمن العالمى بشكل أكبر. وتخلص افتتاحية الأوبزرفر إلى أن الغرب يجب أن يعيد النظر بشكل عاجل فى نهجه تجاه أوكرانيا، مما يسمح لزيلينسكى بنشر جميع الموارد المتاحة للدفاع عن بلاده.