تنعقد القمة العربية الطارئة في القاهرة، وسط ترقب عالمي لحسم الموقف العربي من إعادة إعمار قطاع غزة ورفض أي مخططات لتهجير سكانه. القادة العرب يجتمعون اليوم في مرحلة مفصلية تفرض عليهم ضرورة اتخاذ قرارات حاسمة لإنقاذ القطاع من كارثة إنسانية، وتثبيت حقوق الشعب الفلسطيني في أرضه.
القاهرة التي كانت دومًا عاصمة القرار العربي المشترك، تقود هذه المرة تحركات دبلوماسية مكثفة لإيجاد حلول مستدامة تنهي الأزمة الفلسطينية-الإسرائيلية المتفاقمة، حيث تسعى القمة إلى تبني خطة عربية لإعادة إعمار غزة، ورفض المحاولات الإسرائيلية والأمريكية الرامية إلى فرض واقع جديد يهدد الوجود الفلسطيني في القطاع.
القمة في توقيت حساس.. العرب أمام اختبار تاريخي
تأتي القمة العربية في لحظة تاريخية فارقة، حيث تشهد المنطقة تحولات سياسية كبرى، وسط تصعيد عسكري مستمر في غزة، وانتهاكات إسرائيلية متكررة. الرأي العام العربي والدولي يترقب مخرجات القمة التي ستكون بمثابة رسالة واضحة إلى العالم حول مدى وحدة الموقف العربي وصلابته في مواجهة السياسات الإسرائيلية التي تسعى إلى فرض الأمر الواقع بالقوة.
مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير محمد حجازي، أكد في تصريحاته أن القمة تمثل اختبارًا حقيقيًا لمدى قدرة الدول العربية على تشكيل موقف موحد، والتصدي لمحاولات تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، مشيرًا إلى أن القاهرة ستعرض خلال القمة خطة شاملة لإعادة إعمار القطاع، وإيجاد حلول تنموية طويلة الأمد، تضمن بقاء الفلسطينيين على أرضهم، ورفض أي شكل من أشكال التوطين خارج حدودهم.
تفاصيل المبادرة المصرية لإعادة إعمار غزة
في خطوة تهدف إلى إنقاذ القطاع من الانهيار، وضعت مصر، بدعم من الدول العربية، خطة لإعادة إعمار غزة، تستند إلى مراحل متكاملة، تشمل الإغاثة العاجلة، والتنمية المستدامة، وتأمين أفق سياسي ينهي الاحتلال الإسرائيلي.
المرحلة الأولى تركز على إغاثة عاجلة لسكان القطاع، عبر توفير مناطق آمنة مزودة بالكهرباء والمياه، وإعادة تأهيل المستشفيات، وإدخال المساعدات الطبية والغذائية العاجلة، على أن تستمر هذه المرحلة لمدة ستة أشهر.
أما المرحلة الثانية فتشمل إطلاق مؤتمر دولي لإعادة إعمار غزة، بمشاركة الدول الكبرى والمنظمات الدولية، حيث من المتوقع أن تستمر عمليات الإعمار ما بين ثلاث إلى خمس سنوات. ووفقًا لما تم الاتفاق عليه في قمة الرياض، فإن التمويل الأولي المطلوب يبلغ 20 مليار دولار، بينما تقدر الأمم المتحدة الحاجة إلى 53 مليار دولار لإتمام عمليات الإعمار وإصلاح البنية التحتية المدمرة.
المرحلة الثالثة، التي تعتبر الأكثر أهمية على المستوى السياسي، تهدف إلى إيجاد حل سياسي نهائي للصراع، عبر إطلاق مؤتمر دولي للسلام في يونيو المقبل، للتمهيد لحل الدولتين، وإلزام إسرائيل بالانسحاب من الأراضي المحتلة، وفق قرارات الأمم المتحدة.
رفض عربي قاطع لمخطط تهجير الفلسطينيين
منذ إعلان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عن مقترحه لتهجير سكان غزة إلى الدول المجاورة، كان الموقف العربي واضحًا وحاسمًا في رفض أي محاولة لإخراج الفلسطينيين من أرضهم. مصر، والأردن، والسعودية، وباقي الدول العربية أعلنت موقفًا موحدًا ضد هذه الخطة، معتبرة أن التهجير القسري يمثل جريمة ضد الإنسانية، وانتهاكًا صارخًا للقانون الدولي.
وفي هذا السياق، أكد وزير الخارجية بدر عبد العاطي أن القمة ستشهد تبني وثيقة رسمية ترفض أي حلول تتضمن التهجير، وتؤكد حق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم، وإعادة إعمار غزة داخل أراضيهم، دون أي تنازلات سياسية أو جغرافية.
توافد القادة العرب إلى القاهرة لدعم القضية الفلسطينية
توافد الزعماء العرب إلى القاهرة منذ مساء أمس، حيث وصل رئيس العراق عبد اللطيف رشيد، وملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، وممثل أمير الكويت ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد الصباح، إضافة إلى وفود من تونس، الجزائر، والسودان.
الحدث الأبرز كان مشاركة الرئيس السوري أحمد الشرع لأول مرة منذ عودة دمشق إلى الجامعة العربية، في مؤشر على أن القمة ستشهد موقفًا عربيًا موحدًا أكثر من أي وقت مضى، لمواجهة السياسات الإسرائيلية.
كما أكدت جامعة الدول العربية، عبر أمينها العام أحمد أبو الغيط، أن القمة ستكون منصة لتأكيد وحدة الصف العربي، ورفض أي انتهاكات تهدد حقوق الفلسطينيين، والتأكيد على استمرار الدعم العربي الكامل للشعب الفلسطيني حتى تحقيق الدولة المستقلة.
قمة تاريخية.. هل ينجح العرب في فرض رؤيتهم؟
تمثل القمة العربية الطارئة في القاهرة لحظة حاسمة في تاريخ القضية الفلسطينية، إذ تسعى الدول العربية إلى إطلاق رؤية استراتيجية لإنقاذ غزة، ومنع إسرائيل من فرض مخططاتها بالقوة.