الضغط النفسي.. مع اقتراب موعد امتحانات الثانوية العامة، تزداد الضغوط النفسية التي يواجهها الطلاب وأسرهم في مختلف أنحاء البلاد، حيث أصبحت هذه المرحلة مصدر قلق كبير للعائلات التي تتطلع إلى تفوق أبنائها ونجاحهم في الالتحاق بكليات القمة، ما يحول الامتحانات إلى «فوبيا» تتغلغل في كل بيت.
وفي هذا السياق، يقدم الدكتور وليد هندي، استشاري الصحة النفسية، مجموعة من النصائح والإرشادات التي تساعد الطلاب على الاستعداد الأمثل للامتحانات، والتغلب على التوتر والضغط النفسي المصاحب لهذه المرحلة الدقيقة، مع التأكيد على أهمية التوازن بين المذاكرة والراحة، والابتعاد عن الأساليب التقليدية التي قد لا تكون فعّالة للجميع.
كيف تجهز ابنك نفسيا للامتحانات
أكد الدكتور وليد هندي، في تصريحات خاصة لـ «الأسبوع»، أن من العوامل النفسية المهمة التي يجب مراعاتها عند استعداد الأبناء للاختبارات، عدم تضخيم أهمية المرحلة الدراسية، سواء كانت الثانوية العامة أو الإعدادية أو حتى الابتدائية، حتى لا تتحول إلى مصدر للرهاب النفسي لدى الطالب، مما قد يؤدي إلى نسيان ما يذاكره بسبب التوتر الزائد.
تجنب المقارنات وتأثيرها السلبي
وأشار إلى ضرورة تجنب المقارنات الظالمة بين الطالب وأشقائه أو زملائه، مثل القول: «شاهد كيف كان أخوك يذاكر!» أو «ابن عمك حصل على نسبة كذا!»، لأن هذه العبارات تفرض عليه عبئًا نفسيًا كبيرًا، مما يؤثر سلبًا على ثقته بنفسه وأدائه الأكاديمي، مشددا على أهمية دعم الطالب وتشجيعه وفق إمكانياته وقدراته الفردية، مما يعزز من تحفيزه دون ضغوط غير ضرورية.
وشدد استشاري الصحة النفسية، على ضرورة عدم تحويل المنزل إلى «سكنة عسكرية» أو معسكر مغلق خلال فترة الاختبارات، مشيرًا إلى أن المبالغة في فرض القيود قد تؤدي إلى زيادة التوتر والضغط النفسي على الطلاب.
التوازن بين الدراسة والراحة
وأوضح أن من الطبيعي تقليل الزيارات وإدارة وقت استخدام الأجهزة الإلكترونية مثل الكمبيوتر والتلفزيون، ولكن دون اللجوء إلى إجراءات قاسية مثل نزع فيش الأجهزة أو تغطيتها بالكرتون، كما يفعل بعض الأهالي. وبدلًا من ذلك، نصح بوضع نظام متوازن لاستخدام التكنولوجيا ووسائل الترفيه، بحيث تُستخدم كمكافآت أو محفزات للطالب بعد فترات مذاكرة طويلة، مما يساعده على تحقيق التوازن بين الدراسة والاسترخاء.

أهمية البيئة الأسرية الهادئة
وأكد الدكتور هندي، أن من العوامل الأساسية في الاستعداد النفسي للاختبارات توفير بيئة أسرية هادئة ومستقرة، مشددًا على ضرورة تجنب الخلافات الأسرية داخل المنزل خلال هذه الفترة.
وأوضح أن الشد والجذب بين أفراد الأسرة، أو بين الزوج والزوجة تحديدًا، ينعكس سلبًا على تركيز الطالب ويزيد من توتره، مما قد يؤثر على قدرته على الاستذكار بشكل فعال. لذلك، من المهم أن يكون المنزل بمثابة بيئة آمنة ومطمئنة، تساعد الطالب على التركيز والتحصيل بعيدًا عن أي ضغوط نفسية إضافية.
وأوضح استشاري الصحة النفسية، أن هناك مجموعة من الأساسيات التي يجب مراعاتها لضمان استعداد مثالي للامتحانات، مشددًا على أهمية توفير بيئة مناسبة للمذاكرة من حيث قوة الإضاءة، وجودة التهوية، وطريقة الجلوس السليمة.
وأكد أنه من الضروري تجنب العادات الخاطئة أثناء المذاكرة، مثل الاستذكار أثناء الاستلقاء على الظهر، أو الجلوس في أوضاع غير مريحة كالتقرفص، أو المذاكرة أثناء مشاهدة التلفزيون، حيث تؤثر هذه العادات سلبًا على التركيز والاستيعاب.
التغذية وتأثيرها على التركيز
وأشار إلى أن التغذية الصحية تلعب دورًا محوريًا في تعزيز القدرات العقلية، محذرًا من الاعتماد على الوجبات السريعة والتيك أواي خلال فترة الامتحانات، لأنها قد تؤثر سلبًا على نشاط الطالب وقدرته على الاستذكار، موصيًا بتناول أطعمة غنية بالعناصر الغذائية المفيدة، مثل البيض، الحليب، الأسماك، الخضروات، الفواكه الطازجة، والمكسرات، لتعزيز النشاط الذهني.
كما شدد على ضرورة الابتعاد عن المنبهات مثل الشاي والقهوة، وكذلك تجنب التدخين، نظرًا لتأثيرها السلبي على التركيز والصحة العامة. وأضاف أنه من المهم أن يعتاد الطالب على المذاكرة في نفس توقيت الاختبار، بحيث لا يكون هناك اختلال في الساعة البيولوجية، مما يساعده على أن يكون في قمة تركيزه واستعداده خلال أداء الامتحان.
عادات المذاكرة الصحيحة
وأكد الدكتور وليد، على أهمية التوازن بين المذاكرة وحل الأسئلة، مشيرًا إلى أن الطالب يجب أن يخصص ثلاثة أرباع وقته للاستذكار، والربع المتبقي للتدريب على حل التمارين والأسئلة المتنوعة. وأوضح أن التركيز على المذاكرة فقط دون ممارسة الحل الفعلي قد يؤدي إلى عدم القدرة على التعامل مع طبيعة الأسئلة في الامتحان، تمامًا كما يحدث مع لاعب يتدرب نظريًا دون تنفيذ عملي، مما قد يضعه في مأزق أثناء الأداء الفعلي.
إدارة الوقت بذكاء
كما شدد على ضرورة الحفاظ على التوازن في الساعة البيولوجية، من خلال النوم المبكر والاستيقاظ المبكر، وممارسة بعض التمارين الرياضية الخفيفة داخل المنزل، مما يساعد في تنشيط الجسم والعقل، مضيفًا أن أخذ حمام دافئ قبل النوم، خاصة خلال أيام الاختبارات، يسهم بشكل كبير في تحقيق الاسترخاء النفسي وتقليل التوتر.
وأشار الدكتور وليد هندي إلى أهمية الجانب الروحي خلال فترة الامتحانات، مؤكدًا أن أداء الشعائر الدينية، يمنحه إحساسًا بالطمأنينة والراحة النفسية، مما ينعكس إيجابًا على استعداده الذهني وتركيزه.
كما أوصى بضرورة مراعاة الوزن النسبي للمواد الدراسية، حيث تختلف متطلبات كل مادة من حيث عدد ساعات المذاكرة، فهناك مواد تحتاج إلى وقت أطول مثل ثلاث ساعات يوميًا، وأخرى تكفيها ساعة واحدة فقط، محذرا من إضاعة الوقت في تفاصيل غير ضرورية، مثل التعمق الزائد في موضوعات بسيطة على حساب المواد الأكثر أهمية، مؤكدًا أن التخطيط الجيد هو مفتاح النجاح في الامتحانات.
وأوضح استشاري الصحة النفسية، أن تفعيل أكثر من حاسة أثناء المذاكرة يساعد بشكل كبير على تثبيت المعلومات واسترجاعها بسهولة خلال الامتحانات.
وأشار إلى أن استخدام الطالب لحواسه المختلفة، مثل القراءة بصوت عالٍ، والكتابة، والرسم، وتقديم العروض التقديمية «برزنتيشن»، يسهم في تعزيز ترسيخ المعلومات في الذاكرة. وأضاف أنه في حالة نسيان المعلومة أثناء الاختبار، يمكن للدماغ استرجاعها من خلال إحدى الحواس الأخرى التي شاركت في تخزينها.
كما شدد على أهمية تقديم الدعم النفسي والتحفيز المستمر للطالب، عبر الكلمات الإيجابية مثل «الله ينور» و«إيه الحلاوة دي»، أو بالإيماءات البسيطة مثل التربيت على الكتف والابتسامة، والتي تعزز ثقته بنفسه وتشعره بالأمان النفسي.
وأكد الدكتور هندي ضرورة تهيئة الطالب نفسيًا ليكون مستعدًا لأي مفاجآت يوم الامتحان، مشيرًا إلى أنه قد يواجه زحامًا أمام اللجان أو زملاء يراجعون بانفعال ويبكون، لذا يجب ألا ينجرف معهم وأن يحافظ على هدوئه. كما قد يصادف مراقبين متوترين أو غاضبين، وهنا ينبغي له تجاهل أي أجواء سلبية والتركيز فقط على ورقة الأسئلة.
وأكد أهمية تجهيز الأدوات المطلوبة لكل مادة مسبقًا، حتى لو كانت بسيطة مثل «البراية» أو «الممحاة»، لأن الإعداد الجيد يمنح الطالب شعورًا بالثقة والاستقرار خلال الامتحان.

التعامل مع ورقة الامتحان
كما أكد الدكتور وليد هندي، أهمية توعية الطلاب بكيفية التعامل مع ورقة الامتحان، مشيرًا إلى ضرورة إلقاء نظرة سريعة على الأسئلة في البداية، ثم البدء بحل الأسئلة السهلة أولًا، يليها الأقل سهولة، ثم الصعبة فالأصعب، مع ترك وقت كافٍ في النهاية للمراجعة.
كما أوصى بضرورة الكتابة بخط واضح وكبير، وفي حال الحاجة إلى كتابة إجابة سؤال مرتين، يُفضل كتابتها في الهوامش بدلاً من تشتيت الإجابة في متن الورقة.
وأضاف أن مراجعة الإجابات بعد الخروج من اللجنة مع الزملاء قد تسبب التوتر والقلق، لذا من الأفضل أن يراجع الطالب داخل الورقة نفسها أثناء الامتحان، دون تضييع مجهوده في القلق أو مقارنة إجاباته مع الآخرين.
كما حذر من اللجوء إلى أساليب الغش، حيث يُعد ذلك مجهودًا سلبيًا يمكن استغلاله بشكل أفضل في التحضير والمذاكرة الجادة.
نصائح ليوم الاختبار
وشدد على ضرورة توفير طمأنينة نفسية للطالب يوم الامتحان، وذلك من خلال السماح له بالخروج مبكرًا للوصول إلى اللجنة دون توتر. فإذا كانت المدرسة قريبة، يمكن للطالب التمشية إليها، ويفضل أن يرافقه ولي الأمر لدعمه نفسيًا. أما إذا كانت بعيدة، فمن الأفضل تأمين وسيلة نقل مناسبة، سواء سيارة خاصة أو تاكسي، وإن لم يكن ذلك ممكنًا، فمن الأفضل إعطاؤه مصروفًا إضافيًا ليتمكن من ركوب وسيلة نقل مريحة دون التعرض للزحام أو التوتر.
كما نصح الدكتور هندي بضرورة اتخاذ الإجراءات الاحترازية التي تمنح الطالب شعورًا بالأمان، مثل استخدام الكحول والمطهرات، وارتداء الكمامة إذا لزم الأمر، مما يعزز إحساسه بالراحة أثناء الامتحان.
وفي ختام حديثه لـ «الأسبوع»، شدد على أهمية استغلال المنصات التعليمية والقنوات الفضائية المتخصصة، مثل «مدرستنا 1 و2»، حيث تساعد هذه الوسائل في تنشيط الحواس وترسيخ المعلومات، مما يسهل استرجاعها خلال الاختبار. وأكد أن البيئة الأسرية يجب ألا تكون ضاغطة على الطالب، بل داعمة ومطمئنة حتى يتمكن من اجتياز هذه المرحلة بأفضل أداء ممكن.
اقرأ أيضاً
استشاري نفسي يكشف لـ«الأسبوع» تأثير العنف المدرسي على صحة الأطفالأستاذ طب نفسي يحذر من شيء خطير يؤثر على الجهاز العصبي عند تناول وجبة إفطار رمضان
«استشاري نفسي»: العطاء بلا حدود قد يتحول إلى استغلال.. فيديو