ورد سؤال إلى دار الإفتاء خلال البث المباشر عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، يقول فيه السائل: "أثناء قراءتي للقرآن مر بي شخص وألقى عليّ السلام، فهل يجوز أن أقطع القراءة لأرد عليه؟ أم أكتفي بالإشارة باليد؟ وهل عليّ ذنب إذا قطعت القراءة من أجل رد السلام؟".
وقد أجاب عن هذا السؤال الدكتور محمد عبد السميع، أمين الفتوى ومدير إدارة الفروع الفقهية بدار الإفتاء، موضحًا الأحكام المتعلقة بذلك.
أكد الدكتور عبد السميع أن إلقاء السلام سنة، أما رد السلام فواجب، وبالتالي فإن من لم يرد السلام وهو قادر على الرد يكون آثمًا، إلا في بعض الحالات التي يُعذر فيها الشخص لعدم ملاءمة الظرف للرد.
ونظم بعض العلماء هذه الحالات في أبيات شعرية شهيرة توضح المواضع التي لا يجب فيها الرد، مثل: من كان في الصلاة، أو أثناء الأكل أو الشرب، أو من كان يقرأ القرآن، أو في حال الذكر أو الدعاء، أو كان يخطب أو يُلبي، أو يقضي حاجة إنسانية، أو في أثناء إقامة الصلاة أو الأذان، أو كان طفلاً أو سكرانًا، أو فتاة يُخشى منها الفتنة، أو فاسق، أو ناعس أو نائم، أو في الحمام أو مجنونًا ، وبلغ عدد هذه الحالات 22 موضعًا لا يكون فيها الشخص آثمًا إن لم يرد السلام.
وبناءً على ذلك، أشار الدكتور عبد السميع إلى أنه لا يُستحب لقارئ القرآن أن يقطع قراءته ليرد السلام لفظًا، ولكن يجوز له أن يرد بالإشارة فقط، برفع اليد مثلًا، حتى لا يخرج عن حال التدبر والترتيل، كما أنه غير مطالب بالرد باللفظ ما دام منشغلًا بالقراءة.
هل يجوز إلقاء السلام على قارئ القرآن
أما فيما يخص إلقاء السلام على من يقرأ القرآن، فقد اختلف الفقهاء في حكمه، حيث أشار الإمام ابن حجر في كتابه "فتح الباري" إلى أن الواحدي قال: "الأولى ترك السلام على قارئ القرآن، فإن سُلِّم عليه كفاه الرد بالإشارة، وإن رد لفظًا فعليه أن يستأنف الاستعاذة ويُعيد القراءة".
فيما ذكر الإمام النووي في إجابته عن ذات السؤال: "الظاهر أنه يشرع السلام عليه، ويجب عليه الرد، إلا إذا كان الشخص منشغلًا بالدعاء ومستغرقًا فيه، فحينها يُكره السلام عليه لأنه يتنكد به ويتشتت قلبه".
من جانبه، أوضح الدكتور مجدي عاشور، المستشار السابق لمفتي الجمهورية، أن إلقاء السلام سنة عند جمهور العلماء، وهو سنة عين إذا كان السلام على فرد، وسنة كفاية إذا كان على جماعة، وإن كان الأفضل أن يسلم الجميع لتحصيل الأجر، أما رد السلام فهو فرض بالإجماع.
وأضاف الدكتور عاشور أن من دخل على أناس يصلون أو يقرأون القرآن، فالمشروع أن المصلي يرد بالإشارة، أما قارئ القرآن فيرد بالكلام.
واستدل على ذلك بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرد السلام بالإشارة أثناء الصلاة، وقد روي أنه كان جالسًا مع أصحابه، فجاء رجل وألقى السلام، فرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم ثم خاطبه قائلًا: "ارجع فصل فإنك لم تصل".
وختم الدكتور عاشور بالإشارة إلى أن قراءة القرآن ليست فريضة بل سنة، وبالتالي لا حرج في إلقاء السلام على القارئ، ولا مانع من أن ينهي الآية التي يقرأها، ثم يرد السلام بعد ذلك دون ذنب أو حرج.