أفيه يكتبه روبير الفارس "أمجاد وخطايا التابعي" - خليج نيوز

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

في الوقت الذي يظن بعض الشباب  أن "العقاد"  مجرد شارع في مدينة نصر، ويظنون أن عميد الأدب العربي ضابط بالداخلية، وأن "التابعي" ليس أكثر من مطعم فول… يقبع باحث جاد ومجتهد بين أضابير أرشيف الصحف والمجلات المصرية القديمة، ليخرج من صفحاتها كنوزًا تضيء أيامنا الغبراء، التي  نتنفس فيها التراب والسطحية، فنحرق صدورنا وعقولنا.  
هذا الباحث هو الكاتب شهدي عطية، عاشق التاريخ الصحفي، الذي خرج علينا مؤخرًا بكتاب شيق وعميق بعنوان "المجدد صاحب الجلالة محمد التابعي"، ليقدم بانوراما عن حياة "دونجوان الصحافة المصرية"، الذي يصرّ البعض على اختزاله في كونه أحد عشاق أسمهان، متجاهلين كونه كاتبًا أريبًا، ومؤسس مجلة آخر ساعة وجريدة المصري، وصاحب معارك صحفية دخل بسببها السجن، وصاحب واحدة من أجمل المذكرات عن العصر الملكي في كتابه "من أسرار الساسة والسياسة".

غاص شهدي عطية في التاريخ الصحفي للتابعي، ليوقظ حاستنا الصحفية المتلبدة، ويفتح أعيننا على ثقب في الماضي يضيء درب الحرية، ذلك الدرب الذي سار فيه محمد التابعي، فأحبط بخبطته الصحفية الجبارة في روز اليوسف عام 1933 خطة لمد امتياز قناة السويس ستين سنة إضافية. وفي العام نفسه، حُكم عليه بالسجن أربعة أشهر، بعد أن وصف وزير الحقانية - وزارة العدل آنذاك - بـ"وزير الفاصوليا"!

تأمل ما آلت إليه الصحافة الآن، وابكِ وأنت تقرأ الفصل الذي يتناول تأسيس التابعي لجريدة المصري مع محمود أبو الفتح وكريم ثابت، وتغطيته للرحلة الملكية التي رافق فيها الملك فاروق وعائلته إلى أوروبا بين مارس ويونيو 1937. رحلة شهدت توترًا في علاقاته: مرة مع الملك، وأخرى مع شريكه كريم ثابت، ما ألقى بظلال ثقيلة على علاقته بالقصر والصحافة السياسية.

يروي شهدي أن التوتر بدأ عندما نشرت جريدة الأهرام اقتراحًا بأن يُقام حفل تتويج للملك فاروق في القلعة، يرتدي فيه الملك زيّ جده محمد علي، ويتولى شيخ الأزهر مراسم التتويج، ليمنح الحفل طابعًا دينيًا. وافق الملك في البداية، مما أثار غضب حزب الوفد الذي اعتبره تجاوزًا للدستور. وبما أن المصري كانت وفدية، أطلق كريم ثابت حملة عنيفة ضد الاقتراح عبر الجريدة.  
غضب الملك فاروق من انتقادات الجريدة التي شارك التابعي في تأسيسها، واعتبرها رفضًا لقراره. وهكذا توترت العلاقة بينه وبين التابعي، الذي أرسل رسالة غاضبة إلى كريم ثابت يتهمه فيها باستغلال الجريدة للإيقاع بينه وبين القصر، معتبرًا ما حدث مؤامرة تهدف لقطع خيوط الثقة بينه وبين الملك.

أما عن قصة الرحلة، فقد نشر التابعي صورًا حصرية منها في المصري، لكونه الصحفي الوحيد الذي سافر على نفقته الخاصة. لكن صورة ظهرت فيها الملكة نازلي وهي تتزلج على الجليد أغضبت الملك، فأصدر أوامر صارمة بمنع نشر أي صور لأفراد العائلة الملكية.

ولم يقع شهدي عطية في فخ تمجيد التابعي دون تحفظ، بل وثّق مواقفه بعد ثورة يوليو 1952، وتأييده للديكتاتورية والحزب الواحد، وفي رأي هذه  من أخطر خطاياه. كما أشار إلى تأييده لهتلر وموسوليني، ونقل رأي مصطفى أمين الذي قال إن مواقف التابعي كانت "تملى عليه" من جمال عبد الناصر.

الكتاب بحق رحلة إلى زمن حرية صارت بعيدة المنال… لكن فقط، كنت أتمنى أن يقوم شهدي بجمع سلسلة مقالات التابعي التي نُشرت في آخر ساعة عام 1968، وأن يضيفها إما في طبعة ثانية من هذا الكتاب، أو تصدر في كتاب مستقل، لتقف إلى جوار مذكراته الفارقة "من أسرار الساسة والسياسة"، وتكون إضافة حقيقية لتاريخ التابعي، وتاريخنا.

أفيه قبل الوداع  
ـ "انت مجنون؟! انت عايزني أقرا جرائد؟!" (هاني رمزي - فيلم غبي منه فيه)  
ـ "ربنا يشفينا… إحنا اللي بنكتبها"!

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق مستشفيات جامعة المنوفية تنعى ممرض أثناء عمله والجهات الأمنية تحقق في الواقعة - خليج نيوز
التالى برج الجوزاء.. حظك اليوم الثلاثاء 1 إبريل 2025.. لا تنشغل بالماضي - خليج نيوز