عندما كان النور المقدس ينير المسجد الأقصى
ابن القاص: فقيه مسلم يوثق المعجزة
في كتابه “دلائل القبلة”، يروي الفقيه والعالم الإسلامي أحمد بن أبي أحمد الطبري، المعروف بـ”ابن القاص” (توفي عام 946م)، مشهدًا فريدًا من نوعه حدث في كنيسة القيامة في أورشليم (القدس)، في أحد أقدس أيام المسيحية: السبت العظيم، اليوم الذي تسبق فيه القيامة المجيدة.
ويصف ابن القاص بتفصيل مذهل الطقس الذي يشهده المسيحيون، والذي كانت المعجزة فيه تتم أمام أعين المسلمين، من أمير المدينة إلى الإمام، حيث كان نور عجيب ينبعث من القبر المقدس.
المعجزة بعين مسلم.. والنور يشعل قناديل المسجد
يقول ابن القاص إن السلطان المسلم كان يُغلق باب القبر بيده، ويجلس أمامه حتى يخرج نور أبيض كالنار لا تحرق من جوف القبر الفارغ. ثم يدخل السلطان حاملًا شمعة، يُشعلها من النور ويُسلّمها للإمام، الذي بدوره يُشعل منها قناديل مسجد قبة الصخرة، أحد أقدس المساجد في الإسلام.
المعجزة كانت تُراقَب، وتُسجَّل بدقّة، ويُرفع تقرير رسمي للسلطان بموعد ظهور النور. لا خداع، لا مسرحية، بل حدث حقيقي موثقٌ في خمس مخطوطات.
المخطوطات… وشهادات محفوظة في الشرق والغرب
تم العثور على شهادة ابن القاص في خمس مخطوطات قديمة، من أبرزها:
مخطوطه Veliyuddin 2453 في مكتبة بيازيت – إسطنبول
مخطوطه أحمد تيمور 103 في المكتبة الوطنية – القاهرة
ويُرفَق في الوثائق الأصلية نص ابن القاص، الذي يعتبر اليوم شهادة نادرة من عالم مسلم لم يُشكك في ما رآه، بل نقل بإيمان واحترام عميق طقسًا مسيحيًا عاشه عن قرب.
وإذا كان هذا نورًا مقدّسًا… فمَن ينكره؟
السؤال الذي يفرض نفسه بعد هذه الشهادة: ما الذي يدفع المسلمين آنذاك، وهم أصحاب السيادة والسلطة في القدس، إلى أخذ نور القيامة وإشعال قناديل مسجدهم به؟
الجواب بسيط، لكنه عميق:
لأنهم آمنوا أن هذا نور سماوي، لا حيلة فيه ولا خداع، بل معجزة حقيقية نزلت من السماء.
إيمان بلا حدود… ومعجزة تشهد لها العصور
هذا النص التاريخي لا يفتح بابًا فقط على التسامح والعيش المشترك في ظل الحكم الإسلامي، بل يروي أيضًا كيف اجتمعت روحانية الأديان الثلاثة في قلب القدس، حول نورٍ واحد، هو نور القيامة.