
الإثنين 28/أبريل/2025 - 07:17 م 4/28/2025 7:17:42 PM

وصفت منى رشماوى، المحامية الفلسطينية عضو البعثة الدولية المستقلة لتقصى الحقائق بشأن السودان التابعة للأمم المتحدة، الوضع فى السودان بأنه مأساوى، فى ظل معاناة أكثر من نصف السودانيين من النقص الحاد فى الغذاء، ومواجهة ٨ ملايين منهم خطر المجاعة، ونزوح أكثر من ١٢ مليون سودانى بسبب الحرب، منهم ٣.٥ مليون شخص لجأوا إلى دول الجوار.
وقالت الخبيرة الحقوقية الأممية، خلال حديثها لـ«الدستور»، إن الاعتداء على المستشفيات والعاملين بالقطاع الصحى يعد أحد أبرز ملامح الصراع فى السودان، داعية المجتمع الدولى إلى وقف تمويل الأطراف المتصارعة، وحماية المدنيين السودانيين، ومحاسبة مرتكبى الجرائم لضمان عدم تكرارها، مع ضمان حقوق النساء السودانيات وإنهاء ثقافة الإفلات من العقاب.
وأعربت عن تقديرها لجهود الحكومة المصرية فى الترحيب باللاجئين السودانيين ودعمهم، كما أشادت بموقف مصر الراسخ والمشرف من رفض تهجير الفلسطينيين، موضحة أن الكلمات لا يمكنها وصف ما يحدث حاليًا فى قطاع غزة، وأن الأوضاع فى الضفة الغربية لا تقل خطورة، ومؤكدة أن أى دعوة للتهجير مرفوضة تمامًا، وعلى المجتمع الدولى أن يقف بوضوح ضد هذه الانتهاكات، ويحمى الشعب الفلسطينى وحقه الثابت فى أرضه ووطنه.
■ تشير العديد من التقارير الدولية إلى أن الأزمة الإنسانية فى السودان قد تكون أسوأ من الأزمات فى أوكرانيا وغزة والصومال.. كيف ترون ذلك؟
- الصراع فى السودان مختلف عن صراعات مثل فلسطين أو أوكرانيا، لأنه صراع داخلى بين السودانيين أنفسهم. وهذا النزاع سبّب أزمة إنسانية كبيرة ومعقدة، حيث يحتاج ملايين الناس لمساعدات عاجلة.
واليوم، أكثر من نصف سكان السودان، أى حوالى ٢٤.٦ مليون شخص، يعانون من نقص حاد فى الغذاء، ومنهم حوالى ٨ ملايين يواجهون الجوع الشديد، كما نزح أكثر من ١٢ مليون شخص بسبب الحرب، منهم ٨.٥ مليون داخل البلاد، و٣.٥ مليون لجأوا إلى دول أخرى. وهذه الأعداد ضخمة جدًا، وقد تكون من الأعلى فى العالم حاليًا.
ومعظم اللاجئين هربوا إلى دول مجاورة مثل مصر وتشاد، ويعتمدون بشكل كبير على المساعدات الإنسانية لتأمين احتياجاتهم الأساسية، خصوصًا فى المخيمات فى تشاد وأوغندا.
والملفت أن معظم المساعدات تأتى من دول ومؤسسات لا علاقة لها بالصراع، وهذا يجعل الأزمة عبئًا كبيرًا على دول الجوار، وعلى المنطقة، وحتى على الوضع الإنسانى العالمى.
■ كيف تنظرون إلى الوضع الإنسانى الحالى فى السودان.. وتحديدًا فى مدينة الفاشر؟
- الوضع سيئ جدًا، ففى ١١ أبريل ٢٠٢٥ شنت قوات الدعم السريع هجومًا على مخيمى زمزم وأبوشوك للنازحين، وأيضًا على مدينة الفاشر، والهجوم أدى إلى مقتل مئات المدنيين، بينهم تسعة من العاملين فى منظمة إغاثة دولية، قُتلوا فى اليوم الأول فقط، ومن المتوقع أن يكون عدد الضحايا أكبر من ذلك.
والهجوم تسبب فى نزوح عشرات الآلاف من الناس، الذين اضطروا للفرار إلى مناطق داخل السودان تعانى أصلًا من الحرب منذ شهور، أو إلى تشاد.
وهناك تقارير عن أعمال قتل وتدمير وانتهاكات كبيرة بحق السكان، وهذا بعد حصار طويل، منع فيه إدخال الماء والطعام والدواء.
الوضع مأساوى، والكثير من الناس لا يعرفون مصير أقاربهم حتى الآن، وهناك عدد كبير من المفقودين، لذا من المحتمل أن أعداد الضحايا ستزداد بشكل كبير فى الأيام المقبلة.
■ ما أهمّ العقبات التى تعترض دخول المساعدات الإنسانية إلى السودان؟
- العقبة الرئيسية فى توصيل المساعدات الإنسانية هى أطراف النزاع أنفسهم، فهناك مشاكل كثيرة تعرقل وصول المساعدات، مثل التأخير فى إعطاء التصاريح لدخولها، وتحديد مناطق حدودية معينة قليلة يُسمح منها فقط بإدخال المساعدات، وأيضًا التأخير فى منح تأشيرات الدخول لعمال الإغاثة.
وبالإضافة إلى ذلك، هناك مناطق لا يُسمح فيها بتوزيع المساعدات، وحتى فى المناطق المتاحة يتعرض موظفو الإغاثة- سواء سودانيين أو أجانب- للاعتداء، مثل الضرب أو القتل، كما تم الاعتداء على أماكن حيوية مثل مستودعات التخزين.
وكل هذه العوائق تجعل من الصعب جدًا إيصال المساعدات إلى من هم فى أمسّ الحاجة إليها، وتزيد من معاناة الناس، خاصة فى ظل تدهور الأوضاع الإنسانية فى مختلف أنحاء السودان.
■ ماذا عن الوضع الصحى وأوضاع الأمن الغذائى؟
- الاعتداء على المستشفيات والعاملين فى القطاع الصحى أصبح واحدًا من أبرز ملامح الصراع فى السودان، فالمستشفيات تعرّضت للقصف، والكادر الطبى واجه انتهاكات خطيرة، من تهديدات واعتقالات، وصولًا إلى القتل.
وأكثر من تأثرت بهذه الانتهاكات هى لجان الطوارئ، التى تعمل بجهد كبير لتوفير الأدوية والغذاء والخدمات الصحية الأساسية للمدنيين رغم إمكاناتها المحدودة، ورغم كل ذلك، تتعرض هذه الفرق لمضايقات مستمرة، وقد فقدت حتى الشهر الماضى ٦٣ من أعضائها.
أما من ناحية الأمن الغذائى، فالوضع مأساوى، فالجوع أصبح يهدد مناطق واسعة فى السودان، والسبب الأساسى هو الحرب، فالمزارعون أُجبروا على ترك أراضيهم، وبعضهم قُتل، وبعض المحاصيل تمت سرقتها أو إتلافها، كما أن كثيرين لم يتمكنوا من الزراعة بسبب غياب البذور والمعدات، ويضاف إلى ذلك حصار بعض المناطق مثل الفاشر، ومنع دخول المساعدات.
لذلك، فإن انعدام الأمن الغذائى فى السودان ليس نتيجة كوارث طبيعية، بل بسبب أفعال بشرية، والحرب هى السبب الأول. وهنا من المهم أن نذكّر بأن استخدام التجويع كسلاح فى النزاعات يُعد جريمة بموجب القانون الدولى.
■ ما المطلوب الآن من المجتمع الدولى لوقف ما يحدث؟
- هناك ثلاث خطوات أساسية ومترابطة يمكن للمجتمع الدولى القيام بها للمساعدة فى إنهاء الأزمة فى السودان، أولًا: وقف تمويل الحرب والتسليح. فالحرب فى السودان لا تزال مستمرة بشكل مروع، لأنها تتلقى تمويلًا وتسليحًا من جهات خارجية، وهذا الدعم يجب أن يتوقف فورًا، لأن استمرار الحرب لن يؤذى السودان فقط، بل سيهدد استقرار المنطقة ككل، وأيضًا المجتمع الدولى.
وهنا يجب تشجيع الأطراف السودانية على الدخول فى حوار وعملية سلمية معمقة، تنظر إلى أصل وجذور النزاعات المتكررة فى السودان، والتى كانت دائمًا تأتى على حساب المدنيين، فهناك مصلحة إقليمية ودولية فى وقف النزاع، والاتفاق على بناء مستقبل جديد يقوم على التعايش والاحترام المتبادل والعدالة بين مختلف مكونات المجتمع.
ثانيًا: حماية المدنيين واحترام القانون الدولى. فكل الأطراف المتحاربة يجب أن تحترم القانون الدولى الإنسانى وقانون حقوق الإنسان، فالانتهاكات التى ارتُكبت خطيرة جدًا، وترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، مع أن الطرفين وقّعا على «إعلان جدة» فى مايو ٢٠٢٣، الذى ينص على فقرات مهمة لحماية المدنيين، إلا أنهما لم يلتزما به، وكانت النتيجة كارثية.
وهنا، يجب على الدول المؤثرة أن تضغط على الأطراف للالتزام بما تم التوقيع عليه، واتخاذ خطوات عملية لحماية الناس.
ثالثًا: المحاسبة والعدالة. فالجرائم التى تُرتكب فى السودان فظيعة، فهناك قتل خارج القانون، واغتصاب، واعتقالات، ونهب، وتدمير ممنهج. وتكرار هذه الجرائم سببه غياب المحاسبة فى الحروب السابقة.
لذلك، لا بد من وجود عدالة حقيقية نزيهة وشفافة، تراجع كل ما يحدث، وتحاسب المرتكبين أيًا كانوا، فالعدالة ليست فقط لحماية الضحايا الآن، بل لضمان عدم تكرار هذه الجرائم مستقبلًا، ولضمان استقرار السودان، ومنع تصدير أزماته إلى دول الجوار، كما يحدث الآن.
فى النهاية، ما يحدث فى السودان ليس أزمة محلية فقط، بل كارثة إنسانية ذات أبعاد إقليمية ودولية. على المجتمع الدولى أن يتحرك بجدية من منطلق المسئولية، لأن وقف الحرب، وحماية المدنيين، وتحقيق العدالة ليست مطالب سياسية فحسب، بل حقوق أساسية للناس الذين يعيشون تحت القصف والجوع والانتهاكات، ومستقبل السودان واستقرار المنطقة يعتمدان على الخطوات التى نتخذها الآن.
■ تعانى المرأة السودانية ويلات الحرب.. فإلى أى مدى أسهم الصراع الحالى فى زيادة معاناة النساء؟
- الحرب فى السودان كان لها أثر مدمر على النساء والفتيات، فالكثير من النساء فقدن منازلهن وتشتّتت عائلاتهن، وفى كثير من الحالات قُتل الأزواج أو الإخوة أو الآباء، فأصبحن المسئولات الوحيدات عن إعالة أسرهن، لكن الأخطر هو ما تعرّضت له النساء من عنف جنسى شديد، فقد تم توثيق العديد من حالات الاغتصاب والانتهاكات الجسيمة، رغم أن كثيرًا من الضحايا لا يتحدث عن الأمر بسبب الخوف من الوصمة المجتمعية التى للأسف تضع اللوم على الضحية بدلًا من المجرم.
إلى جانب ذلك، هناك حالات من الاستعباد الجنسى، بالإضافة إلى الزواج المبكر أو القسرى، وهو ما يدفع الفتيات إلى حياة مليئة بالمعاناة والعنف، يصعب الخروج منها، خاصة مع حرمانهن من التعليم، وعدم قدرتهن على الاعتماد على أنفسهن اقتصاديًا. ولهذا، فإن حماية النساء والفتيات فى السودان يجب أن تكون أولوية قصوى، ويجب الاستماع إليهن ودعمهن، وتوفير الحماية القانونية والاجتماعية لهن، فلا يمكن بناء سلام حقيقى فى السودان دون ضمان حقوق النساء ومحاسبة كل من ارتكب جرائم بحقهن، وإنهاء ثقافة الإفلات من العقاب.
■ كيف تنظرون إلى دور مصر سواء فى إرسال المساعدات الإنسانية إلى السودان أو استقبال اللاجئين الفارين من الحرب؟
- مصر دولة مجاورة للسودان، ولطالما استقبلت السودانيين منذ عقود طويلة، والعلاقة التاريخية بين الشعبين المصرى والسودانى قوية منذ قرون، وأمنهما الإقليمى مترابط بشكل كبير.
ومنذ اندلاع النزاع الأخير فى السودان، لجأ قرابة مليون سودانى وسودانية إلى مصر بحثًا عن الأمان، وكغيرها من دول الجوار، تأثرت مصر بشكل واضح من هذه الأزمة، خاصة فى ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التى تمر بها المنطقة.
ونحن، كبعثة للأمم المتحدة تتقصّى الحقائق المعنية بالسودان، نقدر جهود الحكومة المصرية فى الترحيب باللاجئين السودانيين ودعمهم، ونأمل فى زيارة مصر قريبًا للاطلاع بشكل مباشر على تأثير الأزمة، والاستماع إلى الجهات الرسمية والمجتمعات التى تأثرت، ونحن نؤكّد دائمًا أهمية دعم الدول والمجتمعات التى استقبلت اللاجئين.
■ ما آخر التطورات بشأن خطة الاستجابة الإنسانية للأزمة فى السودان؟
- لا يزال الدعم المالى للخطة أقل بكثير من الاحتياجات.
■ فيما يتعلق بالوضع فى غزة.. كفلسطينية كيف ترين دعوات التهجير سواء من دولة الاحتلال أو من الإدارة الأمريكية الحالية؟
- كمواطنة فلسطينية، ومن غزة الباسلة، أقول بكل صدق: لا توجد كلمات كافية لوصف ما نشعر به اليوم، فنحن نعيش واحدة من أقسى المراحل فى تاريخنا الحديث، وربما لا تقلّ مرارة عن نكبة عام ١٩٤٨، فالوضع فى فلسطين، خاصة فى قطاع غزة، كارثى بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
ومنذ أسابيع، استأنفت إسرائيل قصفها العنيف على غزة، مما أدى إلى ارتفاع جديد فى أعداد الضحايا المدنيين، بينهم عدد كبير من النساء والأطفال.. عائلات بأكملها تُباد، والمأساة تتكرر كل يوم.
والأسوأ من ذلك أن المساعدات الإنسانية تُستخدم كسلاح ضغط، وسياسات التجويع والقتل تُنفذ بشكل ممنهج وأيضًا التهجير القسرى المتكرر داخل القطاع، فليس هناك مكان آمن أو أشخاص آمنيين فى غزة، وقد رأينا ذلك فى استهداف عمال الإغاثة، وفى التدمير الممنهج للبنية التحتية، وعلى رأسها النظام الصحى، الذى بات عاجزًا عن تقديم الحد الأدنى من الرعاية للجرحى والمرضى.
كل هذه الجرائم دفعت حكومة جنوب إفريقيا إلى اللجوء إلى محكمة العدل الدولية عام ٢٠٢٣، فى محاولة لوقف الإبادة، وقد أصدرت المحكمة أوامر بإجراءات مؤقتة من ناحية إدخال المساعدات وغيرها، ولا تزال غير مطبقة.
وكذلك، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بشأن رئيس الوزراء الإسرائيلى ووزير الدفاع السابق وأيضًا قياديين فى حماس، لكن إسرائيل قتلتهم.
أما عن الضفة الغربية، فالوضع فيها لا يقل خطورة، فالمستوطنات تتوسع بشكل كبير، وتتصاعد الهجمات من قبل المستوطنين والجنود، إلى جانب تدمير المنازل، والاعتقالات، وتقييد الحركة، والتهجير القسرى، كما أن هناك مخاوف جدية من احتمال إعلان إسرائيل ضم أجزاء أو كل الأراضى المحتلة منذ عام ١٩٦٧ بشكل رسمى.
ورغم هذا كله، يواصل الشعب الفلسطينى تمسّكه بأرضه وهويته وحقوقه، فنحن نواجه واحدة من أعنف المحاولات لاقتلاعنا، لكننا باقون، مدعومون بالقانون الدولى، وبحقنا المشروع فى العيش بحرية وكرامة فى وطننا.
كذلك، فالتهجير القسرى مرفوض تمامًا فى القانون الدولى، وفقًا لاتفاقية جنيف الرابعة، ونقل السكان المدنيين قسرًا يُعد انتهاكًا جسيمًا، وقد يرقى إلى جريمة حرب، بل وحتى إلى تطهير عرقى أو إبادة جماعية فى حال كان ممنهجًا أو واسع النطاق، وهذه الجرائم يعاقب عليها القانون الجنائى الدولى.
لذلك، فإن أى دعوة للتهجير- سواء من قبل سلطات الاحتلال أو أى جهة أخرى- مرفوضة تمامًا، وعلى المجتمع الدولى أن يقف بوضوح ضد هذه الانتهاكات، ويدافع عن القانون الدولى، ويحمى الشعب الفلسطينى وحقه الثابت فى أرضه ووطنه.
■ برأيك.. هل ما زال حل الدولتين قائمًا؟
- أقولها بشكل شخصى: مع كل يوم يمر، يزداد الوضع تعقيدًا، لكنه ليس ميئوسًا منه، ورغم الألم الكبير، لا يزال هناك أمل، وفرص يجب أن نتمسك بها.
فى شهر يونيو المقبل مثلًا، سينعقد مؤتمر دولى مهم- تحت رعاية الجمعية العامة للأمم المتحدة- لبحث سبل تنفيذ قراراتها المتعلقة بالقضية الفلسطينية، خاصة حل الدولتين، من أجل الوصول إلى سلام عادل وشامل ودائم فى الشرق الأوسط.
وهذا المؤتمر سيُناقش تطبيق الرأى الاستشارى التاريخى الذى أصدرته محكمة العدل الدولية فى يوليو ٢٠٢٤، الذى أكد بشكل واضح أن استمرار الاحتلال الإسرائيلى للضفة الغربية، بما فى ذلك القدس الشرقية، وقطاع غزة، هو أمر غير قانونى ويجب أن يتوقف.
وسيكون المؤتمر فرصة حقيقية لإعادة النظر فى الأوضاع الجارية فى الأراضى الفلسطينية المحتلة، وسيعقد تحت رئاسة كل من: فرنسا والمملكة العربية السعودية.
وأنا شخصيًا أُعول كثيرًا على هذا المؤتمر، خاصة بعد زيارة الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون لمصر، والموقف السعودى الواضح الذى يدعو إلى وقف نزيف الدم والإبادة، وإقامة دولة فلسطينية كاملة السيادة والحقوق.
وعلى المؤتمر أن يتناول أيضًا قضايا أساسية، أساسها كيفية تحقيق حق الشعب الفلسطينى فى تقرير مصيره، ومسألة التمييز المنهجى والفصل العنصرى «الأبارتايد»، والإجراءات المؤقتة التى أصدرتها محكمة العدل الدولية فى قضية الإبادة الجماعية، ومذكرات التوقيف الدولية التى أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية.
وكل هذه القضايا ليست هامشية، بل هى جوهرية وفى صلب حل الدولتين، ويجب أن تكون على طاولة البحث إذا أردنا فعلًا الوصول إلى حل عادل ومستدام يحقق الاستقرار والتنمية الحقيقية فى المنطقة.
■ ماذا عن الخطة المصرية لإعادة الإعمار ورفض مصر القاطع التهجير؟
- أنا لست سياسية، ولكن من منطلق إنسانى بحت، أرى أن الخطة المصرية تُشكّل منطلقًا مهمًا يجب البناء عليه، فهى تركز على حل للخروج من دوامة العنف الحالى فى غزة نحو أفق سياسى، ومن أجل أن تثمر هذه الخطة من المهم أن تُقابل بجدية من جميع الأطراف.
وموقف مصر الراسخ من رفض التهجير هو موقف مشرف تشكر عليه.
ماذا عن دور المرأة السودانية فى إحلال السلام؟
- لطالما أظهرت النساء السودانيات شجاعة وصمودًا استثنائيًا، ولعبن أدوارًا قيادية فى مواجهة الظلم، وكنّ فى الصفوف الأمامية لحركات التغيير عبر تاريخ السودان الحديث، وكثيرات منهن خاطرن بحياتهن فى سبيل منع النزاعات، والمساعدة فى حل الأزمات، والمطالبة بالحقوق والعدالة، ونِلن احترامًا واسعًا على هذه الجهود.
ولكن رغم هذا الدور، يتم تهميش النساء إلى حد كبير عندما يتعلق الأمر باتخاذ القرار وتحديد مستقبل السودان، مع أنهن كنّ ومازلن جزءًا أساسيًا من القدرة على بناء السلام والدفاع عن حقوق الإنسان، إلا أن مشاركتهن فى المفاوضات وصنع القرار لا تزال محدودة جدًا، لأن التركيز هو على الرجال المتحاربين.
والاعتراف بدور المرأة فى بناء مستقبل السودان ليس خيارًا، بل ضرورة، فإذا أردنا سلامًا حقيقيًا فى السودان علينا أن نضع النساء فى قلب هذا السلام، فمستقبل السودان العادل والمستقر لا يمكن أن يُبنى دون النساء، ولا يُرسم إلا بمشاركتهن الكاملة.
■ هل من كلمة أخيرة بشأن ما يجرى بالمنطقة؟
- كغيرى فى منطقتنا، ومثل كثيرين فى العالم اليوم، أحاول أن أجد الكلمات فى زمن تبدو فيه الكلمات عاجزة، لكننى أؤمن أن الصوت الإنسانى، حين يُقال بصدق، يمكن أن يكون بداية لتغيير حقيقى.
وما يحدث اليوم فى السودان وفلسطين ليس مجرد أرقام أو أخبار عابرة، بل هو معاناة يومية، واعتداء صارخ على الكرامة الإنسانية، ونداء مُلحّ لأن نتوقف.. أن نرى.. وأن نتحرك.
أزمات منطقتنا تتكاثر وتتشابك، وتزداد الحاجة إلى الحكمة والبصيرة.. نحتاج إلى وعى أكبر ومسئولية أعمق لنضمن مستقبلًا مشرقًا لأوطاننا، يقوم على السلام والعدل والكرامة لكل شعوبنا.