في الصعيد، حيث لا مكان للضعف، كُتبت قصة فتاة تحدّت الصعب بالحلم، وأثبتت أن العمل ليس عيبًا.. بل كرامة.
مني، ابنة النجع، محافظة قنا لم تُكمل تعليمها بعد الإعدادية، فقد رحل والدها وتركها في مواجهة المسؤولية مبكرًا. وجدت نفسها فجأة الأكبر بين سبعة أطفال، وأمام أم أنهكها المرض، وأخت توأم تتقاسم معها الفقر والمصير.
في عمر العاشرة، كانت تتسلّق النخيل لجني البلح، وكادت أن تفقد حياتها بعد مواجهة مع ثعبان، لكنها نجَت لتبدأ فصلًا جديدًا من الكفاح. من تغليف الخبز وبيعه إلى ادخار أول جنيه لمشروعها الصغير.
ثم جاء التحول الكبير: اقترحت عليها جارة أن تشتري "توك توك"، ففعلت. لم تهب سخرية الناس ولا معاكسات الطريق، وتحمّلت الحوادث، وكسرت الحواجز بنظرة حاسمة، وشعار لا يفارقها: "العمل مش عيب ولا حرام."
تحوّلت "مني" إلى سائقة يعرفها أهل البلدة باسم "مني توك توك"، تعمل من الثامنة صباحًا حتى المساء، وتنفق على علاج والدتها وتعليم إخوتها. صار لها زبائن يطلبونها بالاسم، وحلم لا يفارقها: "أشوف أمي بخير، وأشيل عن إخواتي الهم، ونبقى واقفين على رجلينا."
في عيد العمال، تحضر "مني" كرمز للكرامة التي لا تُشترى، وللعامل الذي لا يمدّ يده، بل يمسك بالمقود ويمضي، مهما كان الطريق وعرًا.




