خلال ما يزيد قليلًا على ثلاثة أشهر، هدد الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بضم أراضٍ ذات سيادة، وتراجع عن التزامه بأقدم تحالفات أمريكا، وفرض رسومًا جمركية على معظم أنحاء العالم - مُبشرًا من جانب واحد بنظام عالمى جديد وغير مؤكد.ولكن مع مرور مئة يوم على ولايته الثانية، لم يُحقق مؤلف كتاب "فن الصفقات" بعد الاتفاقيات الكبرى التى وعد بها.
قال إيان بريمر، رئيس مجموعة أوراسيا، وهى شركة تقييم مخاطر غير حزبية فى نيويورك: "إن توجه الرئيس فى السياسة الخارجية شائع ومنطقي: إنهاء الحروب، وتأمين الحدود، والتجارة العادلة. هكذا انتُخب". "لكنه يحاول القيام بكل شيء دفعة واحدة، وكان تنفيذه كارثيًا حتى الآن. وهذا أحد أسباب انخفاض شعبيته بشكل كبير".
السلام فى أوكرانيا والشرق الأوسط
وفى هذا السياق نشرت صحيفة بوليتيكو الأمريكية تقريرا حول حصاد المائة يوم الأولى من حكم ترامب، قالت فيه إن جعجعة ساكن البيت الأبيض الانتخابية، التى أوحت بأن كل هذه الأمور ستكون سهلة، قد أبرزت مبالغته ونفاد صبره الذى اصطدم بالواقع منذ عودته إلى الحكم. ولكن هذا ليس لقلة محاولاته، فبعد عودته إلى منصبه بأربع سنوات من الخبرة الرئاسية، حاول ترامب تطبيق أجندة أكثر تطرفًا، ساعيًا إلى تحقيق أكثر وعوده طموحًا، مستخدمًا سياسة القوة لانتزاع تنازلات من الحلفاء والخصوم على حد سواء.
وأضافت أن ترامب دمّر أهم ما امتلكته الولايات المتحدة على مدى الثمانين عامًا الماضية، ألا وهو الثقة، فى الوقت الذى يحاول فيه البيت الأبيض استغلال مرور مئة يوم على توليه منصبه، تواجه الإدارة أدلة جديدة على إخفاقاتها على جبهات السياسة الخارجية التقليدية.
ورفضت روسيا اقتراح ترامب لإنهاء الحرب فى أوكرانيا، وهو ما وعد به "منذ اليوم الأول" وبعد ساعات، ردّ الناخبون الكنديون على ترامب برسالة قوية، ردًّا على تنمره بشأن أن تصبح كندا "الولاية رقم ٥١" فى أمريكا بانتخاب زعيم الحزب الليبرالى مارك كارنى رئيسًا للوزراء. وأكمل ذلك انقلابًا مذهلًا ومثيرًا للسخرية فى حملة انتخابية، قبل أن تتحول إلى استفتاء وطنى على ترامب، بدا أن مرشحًا محافظًا أكثر تأييدًا له سيفوز على الأرجح.
وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومى الأمريكى برايان هيوز: "مع الاضطرابات، هناك بعض التقلبات، لكن الاستراتيجية طويلة المدى متينة وستجنى ثمارها"، مضيفا أن هناك الكثير من العمل الذى يتعين القيام به والرئيس ترامب يُنجزه بسرعة، لكن كل ذلك يدور حول محور واحد، وهو سياسة خارجية "أمريكا أولًا".
وطالما شكّك ترامب فى تحالفات أمريكا القائمة على القيم مع حلفائها الديمقراطيين، وقد كان صريحًا بشأن نهجه القائم على المعاملات التجارية مع العالم، عارضًا مكافأة الدول التى ترغب فى الاستثمار فى الولايات المتحدة ومعاقبة الجميع.
وأثار الرئيس الأمريكى قلق حلفائه فى أوتاوا وكوبنهاجن بنهج إمبريالى يُعيد إلى الأذهان حقبة ماكينلي، بينما يسعى فى الوقت نفسه إلى ترك إرث تاريخى كصانع سلام.
ومنح ترامب رجل الأعمال ستيف ويتكوف، مبعوثه الرسمى إلى الشرق الأوسط، سلطة قيادة محادثات فى الشرق الأوسط مع إيران وروسيا فى آنٍ واحد.
وفى هذه الأثناء، شن ترامب حملة قصف ضد الحوثيين المدعومين من إيران لإعادة فتح ممرات الشحن فى البحر الأحمر، وشن حملة صارمة على المعابر الحدودية، وحرب تجارية عالمية قد تؤدى فى نهاية المطاف إلى سلسلة من الصفقات التجارية، ولكنها حتى الآن تسببت بشكل رئيسى فى حالة من عدم اليقين الاقتصادي.
أشار البيت الأبيض إلى إنجازات أخرى، منها: حثّ المكسيك وكندا على تعزيز أمن الحدود؛ وإقناع بنما بإنهاء مشاركتها فى مبادرة الحزام والطريق الصينية؛ وتأمين إطلاق سراح ٤٦ أمريكيًا محتجزين فى الخارج؛ وإقناع الدول بقبول رحلات إعادة غير المواطنين الذين كانوا فى الولايات المتحدة بشكل غير قانوني؛ والحصول على التزامات تزيد على تريليون دولار من المستثمرين الأجانب.
وصرح اثنان من حلفائه خارج البيت الأبيض بوجود مبدأ موحّد وراء تركيز ترامب الجديد على صندوق الثروة السيادية، وحربه التجارية، وحتى اهتمامه الجاد بالاستحواذ على جرينلاند وكندا: تقليل اعتماد أمريكا على الصين من خلال إعادة الصناعات التحويلية إلى الوطن وإيجاد مصادر جديدة للمعادن الأساسية.