ضمن فعاليات مجلس "ليالي الشعر"، أحد أبرز البرامج الثقافية في معرض أبوظبي الدولي للكتاب، الذي ينظمه مركز أبوظبي للغة العربية، تواصلت الأمسيات الشعرية التي تجمع بين التنوع الفني والعمق المعرفي، حيث استضاف المجلس أمسيتين لافتتين؛ الأولى سلطت الضوء على فن الهايكو في المشهد الخليجي، والثانية احتفت بتجربة الشاعرة العراقية الراحلة لميعة عباس عمارة.
قصيدة الهايكو
في الأمسية الأولى، التي حملت عنوان "قصيدة الهايكو في المشهد الشعري الخليجي"، قدّم الأديب والكاتب السعودي محمد منصور آل فاضل قراءة معمّقة في هذا الشكل الشعري الياباني التقليدي، وذلك في حوار أدبي أدارَه الكاتب موسى محرق.
استعرض آل فاضل خصائص الهايكو، الذي يتكوّن من ثلاثة أسطر غير مقفّاة ومقسّمة إلى 17 مقطعًا، ويتميّز بتكثيفه اللغوي وتركيزه على تصوير لحظات حسية مستوحاة من الطبيعة أو من مشاعر التأمل الصامت، من دون تقييم أو تحليل، بل بتوصيل مباشر للانطباع الجمالي.
فن الايكو في المنطقة العربية
وأوضح أن الهايكو العربي أصبح شكلاً أدبيًا حاضرًا في تجارب شعرية عربية، مستعرضاً نماذج من تجارب الشاعر المغربي سامح درويش، والسوري محمد عضيمة، والسوري سامر زكريا.
كما أشار إلى نشأة هذا الفن في منطقة الخليج من خلال تجربة الدكتورة خيرية السقاف، التي تُعد من أوائل من كتبوا الهايكو في السعودية، وتبعها عدد من الشعراء الخليجيين مثل أحمد القيسي، عبد الله العنزي، طالب غلوم، عمار حمودي، عبد الحق موتشاوي، ومحمد الصاري.
وأشار إلى تأسيس أندية متخصصة بالهايكو في السعودية والكويت، ما يعكس ازدهار هذا الفن في المشهد الأدبي الخليجي المعاصر.
ليالي الشعر
وفي أمسية ثانية ضمن مجلس "ليالي الشعر"، استحضرت تجربة لميعة عباس عمارة، إحدى أهم رموز الشعر العراقي الحديث، في أمسية مزجت بين الشعر والموسيقى والغناء، وشاركت فيها الشاعرة أروى السامرائي التي قدّمت شهادات وقراءات في نتاج لميعة، مستعرضة قدرتها على التعبير بالعربية الفصيحة واللهجة العراقية العامية، التي قرّبتها من جمهورها المحلي، وأسهمت في تحوّل العديد من قصائدها إلى أغانٍ شعبية، أبرزها "أشتاق لك يا نهر".
حضور الشعر
وأضفى الفنان سلطان مرعي على الأمسية بُعداً طربياً بأدائه الغنائي لعدد من قصائد لميعة، بمرافقة عازف العود محمد سعد، بينما أدار الأمسية المنتج والمخرج حسين محمود العنزي، الذي أضاء على تجربة الشاعرة من زوايا ثقافية وإنسانية.
وتأتي هذه الأمسيات لتؤكد مجدداً حضور الشعر بوصفه صوتاً متجدداً في معرض أبوظبي الدولي للكتاب، ولتمنح الزوار فرصة للتفاعل مع تجارب شعرية أصيلة ومبتكرة تجمع بين محلية الهوية وعالمية التعبير.