الاصطفاف الشعبى قوة إيجابية خليج نيوز

د. وجدى زين الدين

 ما زلت أواصل الحديث عن تماسك الجبهة الداخلية فى ظل الأخطار المحدقة التى تستهدف كيان الدولة المصرية ومقدراتها. ويبرز الاصطفاف الشعبى كحائط صد منيع وركيزة أساسية فى مواجهة كل التهديدات التى تلاحق مصر. إن الأمن القومى ليس مجرد مسئولية تقع على عاتق المؤسسات الأمنية فحسب، بل هو مفهوم شامل يتداخل فيه السياسى والاقتصادى والاجتماعى والثقافى، ويستلزم تضافر جهود كل أطياف المجتمع. فالشعب المصرى بتاريخه العريق ووحدته الوطنية المتجذرة يمثل العمق الاستراتيجى الحقيقى للدولة، وقوته الكامنة هى السلاح المهم فى وجه كل من تسول له نفسه المساس بأمن واستقرار الوطن.

إن أهمية الاصطفاف الشعبى فى مواجهة تهديدات الأمن القومى المصرى تتجلى فى عدة جوانب حيوية. ويعزز هذا الاصطفاف من الجبهة الداخلية ويحصنها ضد محاولات الاختراق والفتنة التى تسعى إليها قوى الشر لزعزعة الاستقرار وبث الفرقة بين أبناء الوطن الواحد. عندما يكون الشعب متماسكًا ومؤمنًا بقضاياه الوطنية، يصبح عصيًا على الشائعات المغرضة والأخبار الكاذبة التى تهدف إلى تقويض الثقة فى المؤسسات الوطنية وإثارة البلبلة.. وحدة الصف الشعبى تمثل صمام أمان يحمى المجتمع من الانقسام والتشرذم، ويقطع الطريق على المتربصين لتحقيق أجنداتهم الخبيثة. ويمثل الاصطفاف الشعبى دعمًا قويًا ومساندة حقيقية للجهود التى تبذلها الدولة ومؤسساتها المختلفة فى سبيل حماية الأمن القومى. عندما يشعر المواطن بأنه جزء لا يتجزأ من منظومة الأمن، وأنه شريك فاعل فى الحفاظ على استقرار وطنه، فإنه يكون أكثر استعدادًا للتعاون مع الأجهزة الأمنية وتقديم المعلومات التى قد تسهم فى إحباط المخططات الإجرامية والتصدى للعناصر الإرهابية والمتطرفة. هذه الشراكة الحقيقية بين الشعب ومؤسساته تعزز من فاعلية الإجراءات الأمنية وتزيد من قدرتها على استباق التهديدات والتعامل معها بكفاءة عالية. كما يعكس الاصطفاف الشعبى صورة قوية ومتماسكة للدولة المصرية أمام العالم، ويؤكد صلابة إرادة شعبها وقدرته على تجاوز التحديات والصعاب. هذه الصورة تبعث برسالة واضحة إلى الأعداء والمتربصين بأن محاولاتهم لزعزعة استقرار مصر ستبوء بالفشل أمام وحدة شعبها وعزيمته الصلبة. كما أن هذا الاصطفاف يعزز من مكانة مصر الإقليمية والدولية، ويجعلها شريكًا موثوقًا وقوة فاعلة فى تحقيق الأمن والاستقرار الإقليمى والدولى. ويسهم الاصطفاف الشعبى فى تعزيز مفهوم المواطنة المسئولة والانتماء الوطنى، ويغرس فى نفوس الأجيال الجديدة قيم التضحية والفداء وحب الوطن. عندما يرى الشباب والنشء مظاهر الوحدة والتكاتف بين أبناء الشعب، فإن ذلك يعزز من شعورهم بالمسئولية تجاه وطنهم ويدفعهم للمساهمة الإيجابية فى بنائه وتقدمه وحمايته من أى أخطار تهدده. فالتربية الوطنية السليمة التى تنطلق من الوحدة والتلاحم الشعبى هى الضمانة الحقيقية لاستمرار قوة الوطن وتماسكه عبر الأجيال. الاصطفاف الشعبى هو قوة ضغط إيجابية تدفع نحو تحقيق المصالح الوطنية العليا وتجاوز الخلافات الثانوية. عندما تتحد إرادة الشعب حول الأهداف الاستراتيجية للدولة، يصبح من الأسهل على القيادة السياسية اتخاذ القرارات الصعبة وتنفيذ الإصلاحات الضرورية لتحقيق التنمية الشاملة وتعزيز الأمن القومى. فالشعب الواعى والمساند هو السند الحقيقى للقيادة فى مواجهة التحديات الداخلية والخارجية.

إن التهديدات التى تواجه الأمن القومى المصرى متنوعة ومتعددة الأوجه، بدءًا من الإرهاب والتطرف العابر للحدود، ومرورًا بالتدخلات الإقليمية التى تسعى إلى تقويض الاستقرار وزعزعة الأمن، ووصولًا إلى التحديات الاقتصادية والاجتماعية التى تتطلب تضافر الجهود لمواجهتها. الاصطفاف الشعبى ليس مجرد خيار، بل ضرورة حتمية لضمان بقاء الدولة وتقدمها وازدهارها.

وتحقيق هذا الاصطفاف يتطلب جهودًا متواصلة لتعزيز الوعى الوطنى، وتعميق قيم الوحدة والتسامح، وترسيخ الثقة بين الشعب ومؤسساته، وتوفير المناخ الذى يشجع على الحوار البناء والمشاركة الفعالة فى صنع القرارات الوطنية. كما يتطلب أيضًا معالجة المشكلات الاقتصادية والاجتماعية التى قد تستغلها قوى الشر لبث الفرقة والتحريض على الفتنة. إن بناء مجتمع قوى ومتماسك هو الضمانة الأقوى لمواجهة أى تهديدات تستهدف أمنه واستقراره.

نعم الاصطفاف الشعبى يمثل الحصن الحصين للأمن القومى المصرى، وهو القوة الكامنة التى تستطيع أن تتجاوز بها مصر كل التحديات والأخطار.