شواطئ.. البنية السردية في روايات نبيل عبد الحميد (2) - خليج نيوز

آراء حرة

الأربعاء 07/مايو/2025 - 08:32 م

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

تتابع الباحثة ميرفت محمد فوزي بالنقد والتحليل الأدبي فى كتاب البنية السردية في روايات نبيل عبد الحميد، والصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب بقولها: هكذا بدت الشخصية في انعزالها ووحدتها، إلا انه يتعرض لحادث يغيره ويحوله إلى شخصية أخرى متحولة، أي مدورة. ويبدأ الحادث الذي جعله يتغير عندما وقعت به " ملة " السرير الذي ينام علية، ولم يستطع النهوض منه لمدة يومين، وهذا ما جعله يفكر في حالة وما آلت إليه نفسه من الوحدة والحرمان فيبرر لنفسه، ويقول: إنه لو كان له بنت أو ولد لنفعه في تلك الورطة، ولكن من أين له بالأولاد وهو لم يتزوج ؟ فأين هي المرأة التي يضمن أن يجدها مختلفة عن زوجة أبية ؟.      
في رواية " فرس النبي " هناك شخصية رئيسية تدعى " فرس النبي"، وهى شخصية مستديرة، ذات أبعاد ثلاثة " " فرس النبي، والقطب، وعضو مجلس الشعب". لقد بدأت شريرة واستمرت في شرها، وانغمست في الشر إلى درجة يصعب تخيلها، فقد صورها السارد بأبعادها الثلاثة بعناية فائقة دون شخصيات رواياته الأخرى. 
بدأ السارد تقديم الشخصية بالبعد الثاني وهو القطب رجل الدين، وعضو مجلس الشعب، وعرض لنا حاله وحال من حوله، ورأى المحيطين به  ، فقد كان موضع احترام وتقدير، إلى أن جاءت الفرصة ليعرض لنا الراوي ماضي هذه الشخصية، وذلك عن طريق ظهور صديق قديم له في الكار القديم (تجارة المخدرات بالقطعة)، فاستطاع أن يطلعنا " السارد " على شخصية القطب عن طريق هذا الصديق " أبو العيون ". 
وقبل أن يعرض ماضي الشخصية فإنه يطلعنا على حاضرها، حتى يستكمل لنا الصورة كاملة في حاضرها وماضيها، ويظهر ذلك في العرض الثرى بالوصف الدقيق الذي يعبر عنه المؤلف على لسان أبو العيون الصديق القديم في قولة: " اقتربت المرسيدس الحمراء من مبنى كبير، فخم، تحيط به حديقة واسعة مملوءة بالخضرة وبالأضواء الخافتة، توقفت العربة أمام البوابة، ونزل الحاج قطب فاردًا هامته في تعاظم بينما يلملم أطراف عباءته، كان القصر واسعًا من الداخل مملوء بالأثاث الفاخر، وكان هناك بعض الرجال ينتظرون في الصالة، وقفوا جميعا عندما دخل الحاج قطب، وأقبلوا ليسلموا ويقتربوا.
هذا هو حاضر الشخصية كما ذكرها المؤلف على لسان الصديق القديم أبو العيون، ثم جاء دور الماضي وهو الصديق القديم أبو العيون الذي سيكون له الدور الأكبر في معرفتنا بحال الشخصية في الماضي " فرس النبي " ويقول الراوي:" جاء عباس وهمس إلى الحاج، فالتفت إلى هناك وكان أبو العيون ينظر في خبث. ذهب إليه القطب، وسلم علية في توجس، ثم سحبة إلى مكتبة، فوجئ أبو العيون بالمكتب الفخم، وكراسي الفوتية التي تملأ الحجرة، ما شاء الله مكتب، كراسي جلد يا معلم فرس، شدة القطب في انفعال وأغلق الباب.. طاوعه أبو العيون ثم راح يتحسس الكرسي ويدور حوله ساخرًا.. الله يرحم الشلت والمساند، وركن المزاج يا معلم فرس النبي.  
جلس القطب في رزانة وأشعل سيجارة.. ثم قال متثاقلًا..أبو العيون.. أصول الضيافة أن أكرمك على العين والرأس، وأصول الضيف أن يكون موزونا، ويحفظ لسانه من الغلط. استطاع الراوي أن يبين لنا ماضي الشخصية وحاضرها عن طريق الصديق القديم الذي وصف لنا القطب وحالة الجديد، كما وصف لنا حالة فرس البني تاجر المخدرات البسيط.    
يأتي البعد الثالث للشخصية وهو عضوية المجلس حيث الحصانة والسلطة وهناك سبل وأعوان لذلك، نعرض لهم عندما نستطلع العالم الخفي بالشخصية عندما يدعى القطب لزيارة خاصة فى إحدى العوامات المطلة على النيل، وتتم الصفقات الحرام فى تلك العوامة في زمن الانفتاح الذي  أراد السارد أن يظهره، ويكشف عن البعد الثالث " عضو مجلس الشعب " جلب وراءه سلبيات كثيرة، منها قروض البنوك، والمستشفيات الإستمثارية وبيع القطاع العام، وأصبح الإنسان فيها لا قيمة له أمام هذا الانفتاح. 
وتذهب الباحثة ميرفت فوزي بقولها، لقد كانت لنوعية الشخوص في القص دور بارز في تحديد مسارات القص، مثل اختياره لشخصية فرس النبي بأبعادها الثلاثة، وإسقاطها على قضايا المجتمع المصري خاصة في فترة السبعينيات من القرن العشرين، حيث الانفتاح الاقتصادي ومساوئه. 
كانت أيضا كل شخصياته نمطية، إما خيرة، وإما شريرة، كما استخدم مباشرة في وصفة للشخصيات، مثل الوجه الثعلبي، والمكشوف، وفى ذلك دلالة واضحة، ودائما ما يكون الفن ضد كل توقعاتنا في الحياة، يكون دائمًا الخير أو الشر وما بينهما، ولا يوجد إنسان شرير بطبعة، وإنما تكون الظروف المحيطة به سببًا في شره، وأنه أحيانًا يحمل الخير في طياته، إلا أن المجتمع لم يعطه فرصة لذلك والعكس تماما بالنسبة إلى الإنسان الخير، ربما تأتى علية لحظة فارقة في حياته فيصبح شريرًا. 
وفى الخاتمة تقول الباحثة: الكاتب نبيل عبد الحميد في أعمالة الإبداعية لم يخالف توقعاتنا، ولو فعل ذلك لأضاف إلى أعمالة بعدًا إثرائيًا، لكنة انشغل بتوصيل البعد الوعظي والأخلاقي عن البعد الفني للعمل، فهو ابن ثقافة الالتزام، وكان فيها الأديب صوت لعصره، فالتزم بهذا الدور الوظيفي ولم يتجاوز عنه.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق الإيجار القديم.. 5 سنوات لإنهاء العقود وزيادات تدريجية للإيجارات - خليج نيوز
التالى والد الطفل ياسين: شوفت العذاب.. وفضلت آخد حق ابنى بالقانون خليج نيوز