عبد المنعم السيد : يوضح المعالجات المقترحة لقانون الايجارات القديمة في مصر
قال الدكتور عبد المنعم السيد مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستيرايجية، إن قانون الإيجارات القديمة في مصر واحدًا من أكثر القضايا المثيرة للجدل نظرًا لما يرتبط به من أبعاد اجتماعية واقتصادية وقانونية معقدة. فعلى مدى عقود شكّل هذا القانون مظلة حماية لفئات واسعة من المستأجرين، لكنه في الوقت ذاته فرض قيودًا مشددة على حقوق الملاك، وأدى إلى تشوهات واضحة في سوق العقارات، وأثر على الاستثمار والصيانة في القطاع السكني والتجاري على حد سواء.
وأضاف لـ"الدستور"، أنه لا شك أن هذا الموضوع الشائك له العديد من الجوانب المختلفة لأزمة الإيجارات القديمة في الوحدات السكنية والتجارية والإدارية والتأثيرات الاجتماعية والاقتصادية المرتبطة بها، ويحسب للرئيس عبد الفتاح السيسي والبرلمان فتح هذا الملف المسكوت عنه طيله 70 عاما، موضحا أن الهدف الأساسي هو محاوله تحقيق التوازن بين حقوق الملاك وضمان الأمان الاجتماعي للمستأجرين.
وشدد على ضرورة أن يتضامن الجميع أغلبية ومعارضة وحكومة في إيجاد توازن بين المالك والمستأجر في مسألة الإيجار القديم، موضحا أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال طرد كبار السن من منازلهم في الأماكن التي استقروا بها ومن ثم إيجاد توازن بين المالك والمستأجر في مسألة الإيجار القديم هو أفضل الحلول وإيجاد نصوص توافقيه تراعي واقع المستأجرين وحقوق الملاك.
الإطار القانوني وتطور التشريع
وذكر أن العلاقة الإيجارية المنظمة في مصر بدأت منذ عشرينات القرن الماضي بقوانين استثنائية خاصه قانون 1920 وقانون 1921 والتي هدفت إلى حماية المستأجرين في ظل ظروف الحروب والتقلبات الاقتصادية.
أهم القوانين
*القانون 199 لسنة 1952 الذي خفض بنسبة 15% على القيمة الإيجارية للوحدات التى أنشئت من أول يناير 1944 حتى 18 سبتمبر 1952 ويسرى مــن أكتوبر 1952.
*القانون 55 لسنة 1958 خفض بنسبة 20% على الأماكن المنشأة من 18 سبتمبر 1952 حتى 12 يونيو 1958 اعتبارا من إيجار يوليو 1958.
*القانون رقم 168 لسنة 1961 خفض بنسبه 20% على إيجارات الأماكن المنشأة منذ 12 يونيو 1958 حتى 5 نوفمبر 1961 واعتبارا من ديسمبر 1961.
صدر القانون رقم 46 لسنة 1962 للأماكن المنشأة بعد نوفمبر 1961 وطبقًا لأحكامه تم تحديد القيمة الإيجارية على أساس أن يعطى الإيجار عائدًا سنويًا قدره "5%" من قيمة الأرض والمبانى، "3%" من قيمة المبني مقابل استهلاك رأس المال ومصروفات الإصلاحات والإدارة،
*القانون رقم 49 لسنة 1977، الذي نظم العلاقة بين المالك والمستأجر للوحدات السكنية وغير السكنية القانون رقم 136 لسنة 1981، الذي رسّخ مبدأ الامتداد القانوني للعقود وقيّد قدرة المالك على تعديل القيمة الإيجارية.
وذكر أن هذه القوانين ثبتت الإيجار لمدى الحياة، بل وسمحت بامتداد العلاقة الإيجارية إلى الأبناء والأحفاد، ما أدى إلى استمرار عقود إيجار بقيمة زهيدة في مواقع متميزة لفترات تتجاوز 70 عامًا، واستمرّ الوضع كذلك حتى جاء حكم المحكمة الدستوريهة العليا الذي كان بمثابة الحجر الذي حرك المياه الراكدة.
حكم المحكمة الدستورية وتعديلات 2022
وذكر أنه في مايو 2018، أصدرت المحكمة الدستورية العليا حكمًا بعدم دستورية استمرار العلاقة الإيجارية للوحدات غير السكنية المؤجرة للأشخاص الاعتباريين (مثل الشركات والمؤسسات)، باعتبار أن هذا الامتداد يخل بمبدأ المساواة ويعتدي على الملكية الخاصة.
استجابة لهذا الحكم، أصدر البرلمان قانون رقم 10 لسنة 2022، والذي أتاح إنهاء العلاقة الإيجارية في الوحدات غير السكنية المؤجرة للأشخاص الاعتباريين خلال 5 سنوات من صدوره، مع زيادة تدريجية في الإيجار خلال تلك المدة.
وأردف أنه يظل التحدي قائمًا بالنسبة للوحدات السكنية المؤجرة للأشخاص الطبيعيين، والتي ما زالت تخضع لقانون الإيجارات القديمة دون إصلاحات جوهرية.
وفي سياق متصل أفاد عبد المنعم السيد، أنه لا شك أن التأثير الاقتصادي لقانون الإيجارات القديمة له تأثير سلبي متمثل في تشوه سوق الإيجار من حيث أسعار الإيجارات القديمة لا تتناسب مطلقًا مع القيمة السوقية للوحدات، ما يخلق سوقًا مزدوجًا وغير عادل على سبيل المثال، هناك محلات تجارية في مناطق راقية (وسط البلد – الزمالك – جاردن سيتي) تُؤجر بـ 10 إلى 50 جنيهًا شهريًا، بينما تصل قيمتها السوقية لعشرات الآلاف.
وفيما يخص إهدار الثروة العقارية يرى الخبير الاقتصادي، أن عدد الوحدات المؤجرة بنظام الإيجار القديم يقدر بحوالي 3 ملايين وحدة سكنية ومئات الآلاف من الوحدات التجارية، مشيرا إلى أن هناك كثير من هذه الوحدات مغلقة ولا يتم الاستفادة منها، ما يقلل من المعروض في السوق.
وفيما يخص ضعف العائد الاستثماري
يقول عبد المنعم، إن انخفاض العائد يجعل الملاك يحجمون عن صيانة العقارات أو تطويرها، ما يسرّع من تهالك البنية العمرانية كما يعزف المستثمرون عن الدخول في سوق الإيجارات طويلة الأجل، بسبب غياب الضمانات القانونية بتحرير العقود.
وفيما يخص فقدان الحصيلة الضريبية
ذكر أن الحكومة تخسر جزءًا كبيرًا من الضرائب العقارية والدخل نتيجة تدني الإيجارات، حيث تُحسب الضريبة وفقًا للإيجار الفعلي، وليس السوقي.
ويرى أن هناك خوف من تشريد ملايين المستأجرين يعيشون في وحدات إيجار قديم، ويمثلون فئات محدودة الدخل أو كبار السن، يتم تحرير مفاجئ للعلاقة الإيجارية قد يؤدي إلى تهجير بعض الأسر من مساكنهم الأصلية.
ويقول مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية، إن هناك حالات يعيش فيها مستأجرون من الطبقة العليا أو ورثة أغنياء في شقق راقية بإيجارات رمزية، بينما يدفع محدودي الدخل إيجارات مرتفعة في أماكن أقل جودة، لافتا أن هذا الوضع غير عادل ويُخالف مبدأ تكافؤ الفرص.
تجمد الثروة العقارية
يري عبد المنعم السيد، أن عدم تدوير الوحدات القديمة يؤدي إلى بطء حركة السكن بين الفئات، ويمنع الاستفادة من ملايين الوحدات المغلقة.
وفيما يخص المبادرات التشريعية الحالية
أردف الخبير الاقتصادي، أن مجلس النواب يماقش حاليًا مشروع قانون جديد لتعديل قانون الإيجارات القديمة للوحدات السكنية. أبرز ملامحه:
• فترة انتقالية لمدة 5 سنوات. والفضل زيادتها إلى 7 أو 8 سنوات
• زيادة تدريجية للإيجار بنسب سنوية (مثلًا: 15%).
• تحرير العلاقة الإيجارية بعد انقضاء الفترة الانتقالية.
• دراسة إنشاء صندوق دعم للمستأجرين محدودي الدخل.
• وضع ضوابط لمنع طرد كبار السن أو ذوي الاحتياجات دون توفير بدائل.
وأيضا من المهم تصنيف المنطقة السكنية
اقترح عبد المنعم السيد بتحديد قيمة الإيجار وفقًا لموقع الوحدة السكنية ومستوى المنطقة الاجتماعية، على سبيل المثال، تختلف أسعار الإيجار بين شقق تقع في حي الزمالك وشقق في منطقة بولاق الدكرور لافتا إلى أنه رغم وجود تحفظات على بعض تفاصيل المشروع، إلا أن الفكرة العامة تعكس توجهًا نحو تحقيق توازن تدريجي في العلاقة بين المالك والمستأجر وهذا أمر مهم وعادل.
وفيما يخص المعالجات والتوصيات المقترحة، ذكر أنه = لكي تنجح أي محاولة إصلاح لقانون الإيجارات القديمة، لا بد من الجمع بين حماية الطرف الأضعف (المستأجر) والحفاظ على حق المالك.
التوصيات
وشدد على ضرورة إدراج زمني واضح لتحرير العلاقة الإيجارية تصل إلى 7 سنوات، كما لا بد من منح المستأجرين فترة انتقالية لا تقل عن 5 سنوات إلى 7 سنوات أو 8 سنوات، كما يجب رفع الإيجار تدريجيًا بنسبة 10 – 20% سنويًا حتى الوصول للسعر السوقي.