
تعد "لا ماسيا" أحد أهم رموز كرة القدم العالمية، وهى الأكاديمية التي تمثل القلب النابض لنادى برشلونة الإسباني، والمصدر الأول لنجومه الذين سطروا تاريخًا استثنائيًا مع الفريق الأول، وساهموا فى جعل برشلونة أحد أعظم أندية العالم فى العصر الحديث.
الاسم "لا ماسيا" لا يرمز فقط لأكاديمية الشباب، بل أيضًا إلى المبنى التاريخى الذى استضاف هؤلاء اللاعبين الشبان لسنوات.
النشأة والتطور

يرجع أصل "لا ماسيا" إلى مبنى ريفى قديم بنى عام ١٧٠٢ بالقرب من موقع ملعب "كامب نو" فى منطقة ليس كورتس بمدينة برشلونة. ومع تدشين ملعب "كامب نو" عام ١٩٥٧، جرى تحويل المبنى إلى مقر اجتماعي للنادي. وفى ظل توسع أنشطة النادي، بات المبنى غير كافٍ لهذا الغرض، فتم تخصيصه عام ١٩٧٩ ليصبح مركز إقامة وتدريب للاعبين الشباب القادمين من خارج المدينة. ومنذ ذلك الحين، أصبحت لا ماسيا مركزًا لتنشئة الأجيال الكروية القادمة على أسس فنية وفكرية تتماشى مع فلسفة النادي الكتالوني.
فى ٣٠ يونيو ٢٠١١، توقفت لا ماسيا عن العمل كمقر إقامة للاعبين، وانتقلت الأكاديمية إلى منشآت أكثر حداثة فى مدينة "جوان غامبر الرياضية"، حيث تم تزويد المرافق بكل ما يلزم لتطوير المواهب فى بيئة احترافية متكاملة.
نظام أكاديمى فريد
تحتضن لا ماسيا أكثر من ٣٠٠ لاعب شاب، يتلقون تدريبًا عالى الجودة، ليس فقط على المهارات البدنية والفنية، بل أيضًا على القيم الجماعية والانضباط والتواضع، وهى مبادئ أساسية فى هوية نادى برشلونة. تتبع الأكاديمية نهجًا تكتيكيًا موحدًا مستوحى من فلسفة "التيكى تاكا"، التى تعتمد على السيطرة على الكرة والتمرير القصير والتحركات الجماعية.
مصنع النجوم



خرجت من رحم لا ماسيا أسماء لامعة حفرت أسماءها فى تاريخ النادي، وامتدت شهرتها إلى العالمية، أبرزهم:
تشافي، أندريس إنييستا، ليونيل ميسي، كارليس بويول، فيكتور فالديز، جويليرمو أمور، سيرجيو بوسكيتس، جيرارد بيكيه، سيرجى بارخوان، بيب جوارديولا، لوبو كراسكو، تينتى سانشيز، بيدرو، ألبرت فيرير، أنطونيو أولمو، جوردى ألبا، جابرى جارسيا، أوليجر بريساس، سيرجى روبيرتو، رامون كالديري، بويان كركيتش، لامين يامال.
يعد عام ٢٠٠٩ علامة فارقة فى تاريخ الأكاديمية، حين توج ليونيل ميسي، أحد أبرز خريجى لا ماسيا، بجائزة الكرة الذهبية كأفضل لاعب فى العالم، ليكون أول من ينال هذا الشرف من أبناء الأكاديمية.
لا ماسيا الحديثة.. تواصل الإبداع


رغم التغيرات الكبيرة فى سوق الانتقالات واعتماد الأندية الكبرى على الشراء أكثر من التكوين، ما زالت لا ماسيا تثبت قيمتها، وآخر دليل على ذلك كان فى بطولة يورو ٢٠٢٤، حيث تألق الثنائى الإسبانى لامين يامال ودانى أولمو، وكلاهما من خريجى الأكاديمية. لامين يامال، الذى لا يتجاوز عمره ١٦ عامًا، لعب دورًا حاسمًا فى تتويج منتخب إسبانيا بلقب البطولة، بعد أن تصدر قائمة التمريرات الحاسمة بصناعته لأربعة أهداف.
أما دانى أولمو، فقد نال جائزة هداف البطولة برصيد ثلاثة أهداف، ما يؤكد استمرار لا ماسيا فى رفد الكرة الإسبانية والعالمية بالمواهب.

إرث لا ينسى
ما يجعل لا ماسيا مميزة ليس فقط عدد اللاعبين الذين تخرجوا منها، بل نوعية هؤلاء اللاعبين وتأثيرهم الفعلى فى تشكيل هوية برشلونة ومنتخب إسبانيا، حيث كان العمود الفقرى لتتويجات برشلونة فى العقد الأول من القرن الحادى والعشرين، وكذلك فى إنجازات إسبانيا القارية والعالمية، يتكوّن فى معظمه من خريجى هذه الأكاديمية العريقة.
فى النهاية، تبقى لا ماسيا أكثر من مجرد أكاديمية رياضية إنها رمز للالتزام، والعمل الجاد، والإبداع الكروي، والهوية الكتالونية التى لا تعرف الحدود.