في العاشرة مساءً.. قصة حظر التجول في عهد الملك فاروق خليج نيوز

لم تكن عادة إغلاق المحال والمقاهي في العاشرة مساءً أمرًا اعتياديًا في مصر خلال النصف الأول من القرن العشرين. لكن الأوضاع الاستثنائية التي فرضتها الحرب العالمية الثانية (1939-1945)، وتداعياتها الأمنية، دفعت سلطات الاحتلال البريطاني إلى فرض حظر تجول ليلي صارم على القاهرة وعدة مدن كبرى. 

f607fe854b.jpg

الاحتلال البريطاني وحظر التجول

في تلك الفترة، كانت مصر تحت سيطرة الاحتلال البريطاني، الذي اتخذ من القاهرة قاعدة استراتيجية لعملياته في الشرق الأوسط. ومع تصاعد تهديدات الحرب، رأت القوات البريطانية ضرورة فرض حظر تجول يبدأ من العاشرة مساءً، بحجة تأمين الجبهة الداخلية، ومنع أي أنشطة معادية أو مظاهرات قد تعرقل المجهود الحربي.

هذا القرار لم يكن سوى حلقة من سلسلة إجراءات أمنية طالت حياة المصريين، حيث أُجبرت المحال التجارية والسينمات والمقاهي على الإغلاق المبكر، وتوقفت حركة المواصلات العامة بعد العاشرة. وأدى ذلك إلى تغيرات اجتماعية وثقافية ملحوظة، إذ تقلصت الأنشطة الليلية، وقلّت التجمعات العامة.

d981787815.jpg

حريق القاهرة وأحكام عرفية جديدة

ورغم أن حظر التجول بدأ في سياق الحرب العالمية الثانية، إلا أنه عاد بقوة عقب أحداث حريق القاهرة الشهير في 26 يناير 1952، الذي التهم عشرات المحلات الكبرى والسينمات والفنادق، من بينها محلات "شوكريل" و"شملا" الشهيرة.

في أعقاب تلك الليلة الدامية، تم إعلان الأحكام العرفية، وعُيّن النحاس باشا حاكمًا عسكريًا للبلاد، وفرضت السلطات مجددًا حظرًا للتجول في العاصمة. لكن الموقف السياسي لم يدم طويلًا؛ فبعد 24 ساعة فقط من الحريق، أقال الملك فاروق وزارة النحاس، محمّلًا إياها مسؤولية الفوضى.

4649e2d4d2.jpg

نهاية الحظر والضغط الشعبي

بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، تزايدت الدعوات الوطنية لرفع الحظر وإنهاء الأحكام العرفية. ورغم محاولات الاحتلال البريطاني إطالة أمد الإجراءات الأمنية بحجة "عدم استقرار الأوضاع"، إلا أن ضغط الشارع المصري، وتصاعد الحركة الوطنية، أجبر السلطات على التراجع.

بحلول أواخر الأربعينيات، ومع اقتراب نهاية حكم الملك فاروق، تم رفع حظر التجول تدريجيًا، في خطوة عُدّت انتصارًا رمزيًا للسيادة الوطنية واستعادة الحياة الطبيعية.

79078fd04b.jpg

حظر التجول.. أداة سياسية وأمنية

شكلت فترات حظر التجول في عهد الملك فاروق مشهدًا معبّرًا عن طبيعة العلاقة بين سلطة الاحتلال البريطاني والشعب المصري. لم يكن الحظر مجرد إجراء أمني بل تحول إلى رمز للاحتلال والوصاية الأجنبية، لذلك لم يكن غريبًا أن يرتبط رفعه بتصاعد الوعي السياسي الوطني.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق موجة حارة بجميع المحافظات.. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم الإثنين 12 مايو 2024 - خليج نيوز
التالى والد الطفل ياسين: شوفت العذاب.. وفضلت آخد حق ابنى بالقانون خليج نيوز