كشف أربعة مسؤولين أمريكيين أن اتفاق وقف إطلاق النار المفاجئ بين الولايات المتحدة وجماعة الحوثي اليمنية جاء بعد أسابيع من التصعيد العسكري، وبعد أن بدأت أجهزة الاستخبارات الأمريكية تلتقط إشارات متزايدة على أن الحوثيين يبحثون عن مخرج من التصعيد بعد سبعة أسابيع من القصف الأمريكي المكثف.
وبحسب المسؤولين، فإن قادة الحوثيين بدأوا خلال أول عطلة نهاية أسبوع من مايو التواصل سرًا مع حلفاء واشنطن في الشرق الأوسط.
ويأتي هذا التطور بعد حملة عسكرية واسعة قادتها القيادة المركزية الأمريكية، والتي كانت تُتوقع أن تستمر لفترة طويلة من عام 2025، لكنها توقفت فجأة في السادس من مايو بعد 52 يومًا من العمليات، ما سمح للرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإعلان "الانتصار" قبل توجهه في زيارة إلى الشرق الأوسط.
منذ نوفمبر 2023، كان الحوثيون قد صعدوا هجماتهم على الملاحة البحرية في البحر الأحمر، ما أدى إلى تعطيل حركة التجارة الدولية.
وقد أطلقوا مئات الهجمات باستخدام الطائرات المسيرة والصواريخ.
و كانت قد أكدت مصادر دبلوماسية، أن إيران لعبت دورًا محوريًا في دفع الحوثيين نحو التفاوض، بالتزامن مع خوض طهران محادثات نووية مع الولايات المتحدة تهدف إلى رفع العقوبات الاقتصادية عنها وتجنب مواجهة عسكرية محتملة.
ورغم ما بدا مستحيلًا قبل أشهر، فإن قرار الحوثيين وقف الهجمات على السفن الأمريكية جاء نتيجة تحرك أمريكي سريع ومبني على معلومات استخباراتية دقيقة، بحسب مسؤولين، مشيرين إلى أن الاتفاق لم يُعرض أو يُنسق مع إسرائيل، الحليف الوثيق للولايات المتحدة.
ولم يكن الحوثيون وحدهم من شعروا بالضغوط، إذ أشارت مصادر في البنتاجون إلى أن الحملة الجوية كانت باهظة الثمن للولايات المتحدة، حيث خُسرت طائرات مسيّرة وطائرتان مقاتلتان، كما تزايد استنزاف الذخائر باهظة التكلفة.
وأفاد أحد المسؤولين بأن وزير الدفاع أمريكا، استدعى سلسلة اجتماعات عاجلة في البيت الأبيض فور تلقيه إشارات الاستعداد الحوثي للتفاوض، وخلصت المشاورات إلى أن هناك "فرصة سانحة" لوقف التصعيد.
وتولى ستيف ويتكوف، مبعوث ترامب إلى الشرق الأوسط والمفاوض بشأن الملف النووي الإيراني، إدارة المحادثات غير المباشرة مع الحوثيين عبر وسطاء، حيث تواصل مع كبير مفاوضي الجماعة والمتحدث باسمها محمد عبدالسلام، الذي بدوره كان على اتصال مباشر مع زعيم الحوثيين عبدالملك الحوثي.
وبحلول السادس من مايو، أعلن ترامب التوصل إلى اتفاق، قائلًا للصحفيين: "قالوا لنا: من فضلكم توقفوا عن قصفنا، ولن نهاجم سفنكم".
من جهته، قال عبدالسلام إن وقف إطلاق النار جاء استجابة لهجمات أمريكية اعتبرها الحوثيون عدوانًا، مضيفًا: "إذا أوقفوا عدوانهم، سنوقف ردنا".
وكان لكل من الطرفين مصلحة في إنهاء النزاع.
فقد وفر الاتفاق للحوثيين فرصة لإعادة تنظيم صفوفهم وتقليل الخسائر، بعد أن تكبدوا خسائر كبيرة على المستويين البشري واللوجستي.
كما دمرت الضربات الأمريكية منشآت أسلحة ومراكز قيادة، ومخزونات صواريخ وطائرات وسفن مسيرة.
وتُعد الضربة الأمريكية لميناء رأس عيسى في 17 أبريل نقطة تحول رئيسية، حيث أسفرت عن مقتل 74 شخصًا، وكانت الأكثر دموية في الحملة، ما زاد من الضغوط على الجماعة.
وعلقت آنا كيلي، نائبة المتحدثة باسم البيت الأبيض، على الاتفاق قائلة: "إنه صفقة جيدة أخرى لأمريكا ولأمننا"، مؤكدة أن الهدف كان ضمان حرية الملاحة، وقد تحقق ذلك باستعادة الردع الأمريكي.