رئيس تايوان يدعو الصين إلى السلام - خليج نيوز

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

في الذكرى الأولى لتوليه منصب الرئاسة، أعاد الرئيس التايواني لاي تشينج-ته التأكيد على موقف بلاده الساعي للسلام، مشددًا في خطاب حمل لهجة دبلوماسية حذرة على أن تايوان تمدّ يدها للحوار مع الصين، ولكنها في الوقت ذاته لن تتخلى عن حقها في الدفاع عن النفس وتعزيز قدراتها العسكرية. هذا التوازن بين الدعوة للسلام والتحذير من الحرب، يعكس جوهر الأزمة التايوانية-الصينية وتحدياتها المستمرة، وسط تصاعد التوترات الإقليمية والتبدلات في المشهد الجيوسياسي الدولي.

إقليما منفصلنا 

تتمسك الصين بموقفها التقليدي الذي يعتبر تايوان إقليماً انفصاليًا لا بد من "إعادته إلى الوطن الأم"، ولو بالقوة إذا استدعى الأمر، بينما تؤكد تايوان بقيادة لاي أن الجزيرة تدار بحكم ديمقراطي مستقل، وأن "شعب تايوان وحده هو من يقرر مستقبله"، وهو موقف يضع الحكومة التايوانية في تصادم مباشر مع الرواية الرسمية لبكين.


رفض لاي مطالب الصين بالسيادة الكاملة على تايوان ليس موقفًا جديدًا، لكنه في ظل تصاعد الحشد العسكري الصيني ومناوراتها المتكررة حول الجزيرة، يبدو أكثر جرأةً وربما أيضًا أكثر خطورة. فتصريحات لاي الأخيرة تشير إلى أنه لا يتبنى فقط خطاب الاستقلال الضمني، بل يُسند موقفه بدعوة مباشرة لاستئناف الحوار على "قدم المساواة"، وهو ما تعتبره بكين تجاوزًا غير مقبول لخطوطها الحمراء.
 

نداء للحوار أم إعلان تحدٍ؟


رغم نبرة الخطاب السلمية، لم يخلُ حديث لاي من تحذير واضح مفاده أن تايوان لن تتهاون في الدفاع عن نفسها. قالها بوضوح: "عندما يتعلق الأمر بالسعي إلى السلام، لا يمكن أن نسير وراء أحلام أو أوهام". وفي ظل تزايد التوترات حول مضيق تايوان، تحمل هذه الكلمات أكثر من دلالة رمزية، إذ تشير إلى توجه استراتيجي يعتمد على ما يمكن تسميته "السلام من موقع القوة".
الدعوة للحوار لم تُطرح بصيغة استجداء، بل بوصفها خيارًا مفضلاً ضمن شروط الاحترام المتبادل، وهي صيغة تتحدى جوهر الموقف الصيني الذي لا يعترف بحكومة تايوان كندّ مشروع. ولهذا لم يكن مفاجئًا أن يأتي رد بكين سريعًا وحادًا، حيث اتهمت وكالة أنباء "شينخوا" الرسمية الرئيس لاي بتعمد تصعيد التوترات، بل ووصفت إدارته بأنها تسعى إلى "الاستقلال لتحقيق مكاسب شخصية وحزبية"، في لهجة تُبرز بوضوح حجم الانقسام في الرؤية والنيات.

جاء الخطاب التايواني في سياق عسكري مشحون، فالصين كثّفت في الشهور الأخيرة مناوراتها العسكرية في محيط تايوان، إذ شهدت المنطقة تدريبات مكثفة في مايو وأكتوبر 2024، وتكرر الأمر الشهر الماضي. وفي تقريرها اليومي، أعلنت وزارة الدفاع التايوانية رصد ست طائرات حربية و11 سفينة صينية بالقرب من الجزيرة خلال 24 ساعة فقط، في مؤشر واضح على استمرار الضغط العسكري الصيني.
هذه التحركات لا تعكس فقط استعدادًا ميدانيًا، بل تحمل رسائل سياسية موجهة للداخل الصيني، ولتايوان، وللمجتمع الدولي، خصوصًا الولايات المتحدة التي تربطها علاقة دفاعية غير رسمية بالجزيرة. وتصر بكين على أن هذه المياه الاستراتيجية هي ضمن سيادتها، وهو ما ترفضه تايبيه بشدة وتراه محاولة لفرض أمر واقع بالقوة.


الرهانات المستقبلية: إلى أين تتجه الأزمة؟


يبقى الوضع في مضيق تايوان من أعقد الملفات الجيوسياسية، إذ يتقاطع فيه البُعد المحلي بالصراع الدولي على النفوذ في شرق آسيا. ورغم تأكيد لاي على أن "الحرب لا رابح فيها"، فإن الوقائع العسكرية وتبادل الاتهامات بين الطرفين يوحيان بأن فرص التصعيد تبقى قائمة.
تايوان اليوم، كما يبدو من خطاب لاي، لا تعيش في وهم الحماية الدولية أو في ظل اتفاقات السلام، بل تستعد لأسوأ السيناريوهات، حتى وهي تفتح نافذة للحوار. في المقابل، تصر بكين على قراءة كل نداءات السلام كجزء من "مشروع انفصالي"، ما يعقّد إمكانية استئناف مفاوضات فعلية دون تغيير جذري في المواقف السياسية لكلا الطرفين.
 

 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق احتفال البطاركة الأرثوذكسية الشرقية احتفالاً بمرور 17 قرنا على مجمع نيقية - خليج نيوز
التالى والد الطفل ياسين: شوفت العذاب.. وفضلت آخد حق ابنى بالقانون خليج نيوز