في إطار العلاقات الأخوية المتينة بين جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية، استقبل الدكتور علي الغمراوي، رئيس هيئة الدواء المصرية، وفدًا سعوديًا رفيع المستوى برئاسة الدكتور هشام الجضعي، الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للغذاء والدواء السعودية، وذلك بحضور الدكتور طارق الهوبي، رئيس الهيئة القومية لسلامة الغذاء.
تأتي الزيارة في سياق دعم التعاون المشترك بين الجانبين في القطاع الدوائي، وتأكيدًا على حرص القيادتين على تحقيق التكامل العربي في المجالات الحيوية وعلى رأسها الأمن الصحي.
رؤية موحدة لتعزيز الأمن الدوائي العربي
تهدف الزيارة إلى توسيع آفاق التعاون الفني والتنظيمي بين الهيئتين، وتبادل الخبرات الرقابية، وبحث سبل التكامل في التصنيع الدوائي، بما يعكس رغبة البلدين في بناء نموذج عربي ناجح في هذا القطاع الاستراتيجي. وتأتي هذه الخطوة تماشيًا مع المستجدات العالمية، والحاجة إلى أنظمة رقابية أكثر تماسكًا وكفاءة في مواجهة التحديات الصحية.
مصر والسعودية.. قوى إقليمية تقود مستقبل الدواء
وفي كلمته، أعرب الدكتور علي الغمراوي، عن سعادته وترحيبه بالوفد السعودي، مؤكدًا أن التعاون بين مصر والمملكة يعد شراكة استراتيجية ممتدة تتجاوز الأطر التقليدية، وتشمل أبعادًا سياسية واقتصادية وثقافية. وأضاف أن مصر والسعودية تتصدران قائمة الدول العربية والشرق أوسطية في صناعة وتداول الدواء، إذ يتبادلان المركزين الأول والثاني من حيث القيمة السوقية وعدد الوحدات المباعة، مما يفرض عليهما مسؤولية مضاعفة لتعزيز الأمن الصحي بالمنطقة.
وأشار إلى أن التعاون بين الهيئتين يمثل حجر الزاوية نحو تحقيق تكامل حقيقي في مجال الدواء، سواء من حيث التصنيع أو الرقابة، خاصة أن السوقين المصري والسعودي من أكبر مستوردي المواد الخام الدوائية في المنطقة، بما يمنحهما ميزة تنافسية مهمة على المستويين الإقليمي والدولي.
إمكانيات صناعية مصرية تسند الشراكة
واستعرض رئيس هيئة الدواء المصرية ما تملكه مصر من بنية تحتية قوية في مجال تصنيع الدواء، حيث تضم 179 مصنعًا للأدوية، منها 11 مصنعًا حاصلاً على اعتمادات دولية، و150 مصنعًا للمستلزمات الطبية، و5 مصانع للمواد الخام، و4 مصانع للمستحضرات الحيوية، بالإضافة إلى أكثر من 986 خط إنتاج. وأكد أن هذه الإمكانات تعزز من قدرة مصر على تحقيق الاكتفاء الذاتي بنسبة 91%، والتصدير إلى 147 دولة، وهو ما يعزز من فرص التكامل الصناعي مع السعودية، ويدعم الأمن الدوائي العربي.
وضع خارطة طريق مشتركة
وأكد الغمراوي، أن لقاء اليوم يمثل فرصة لوضع خارطة طريق واضحة ومحددة التوقيتات، ترسخ لرؤية استراتيجية طويلة الأمد، وتجسّد طموحات القيادتين المصرية والسعودية، وتلبي آمال الشعوب في تكامل دوائي فعّال ومستدام.
الجضعي: نموذج للتكامل العربي في التنظيم الدوائي
من جانبه، أكد الدكتور هشام الجضعي، الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للغذاء والدواء السعودية، أن التعاون مع هيئة الدواء المصرية يمثل نموذجًا رائدًا لتكامل عربي حقيقي في المجال التنظيمي، مشيرًا إلى أهمية توحيد الجهود وتعزيز التنسيق بين الهيئات الرقابية لدعم جودة وسلامة المستحضرات الطبية على مستوى الإقليم.
ولفت إلى أهمية تطوير آليات مشتركة للإنذار المبكر، وبناء قدرات بشرية متبادلة عبر تنظيم ورش عمل تدريبية، وتبادل الخبرات، وتشكيل فرق عمل متخصصة لتوحيد المواصفات الفنية والتنظيمية، بما يسهم في تطوير بنية تحتية رقابية موحدة ومستقرة.
ملامح التنفيذ وبداية التنسيق المشترك
وخلال اللقاء، جرى مناقشة مشروع مذكرة تفاهم بين الجانبين، وتشكيل فريق عمل مشترك لتنفيذ البنود المقترحة، مع الاتفاق على تعيين نقاط اتصال رسمية لتيسير المتابعة المستمرة، وضمان تحويل التفاهمات إلى خطوات فعلية على أرض الواقع.
حضور رفيع المستوى يعكس جدية الشراكة
وشهد الاجتماع حضورًا رفيع المستوى من الجانبين، حيث شارك من الجانب المصري كل من: الدكتور تامر الحسيني، نائب رئيس الهيئة، والدكتور محمد الدمرداش، نائب مجلس الدولة والمستشار القانوني للهيئة، والدكتورة أماني جودت، معاون رئيس الهيئة والمشرف على مكتب الرئيس، والدكتورة حنان أمين، رئيس الإدارة المركزية للمستحضرات الصيدلية، والدكتورة أسماء فؤاد، رئيس الإدارة المركزية للمستحضرات الحيوية والمبتكرة والدراسات الإكلينيكية، والدكتورة أميرة محجوب، رئيس الإدارة المركزية للعمليات، والدكتور أسامة حاتم، معاون رئيس الهيئة للسياسات والتعاون الدولي، والمشرف على السياسات الدوائية ودعم الأسواق، والدكتورة داليا أبو حسين، مدير عام الإدارة العامة لتوكيد الجودة.
أما من الجانب السعودي، فقد حضر اللقاء كل من: الأستاذة آلاء بنت فؤاد سندي، مساعد الرئيس التنفيذي لقطاع الشؤون التنفيذية، والدكتور محمد بن علي دهاس، مساعد نائب الرئيس للفروع والتفتيش، والأستاذ عبد العزيز بن سليمان، رئيس قسم العمليات الدولية، والأستاذ فيصل بن محمد المحيذيف، خبير أول في الشؤون التنظيمية، والأستاذة تغريد بنت علي الحميضي، باحثة خبيرة بالقانون الدولي، والأستاذ فيصل بن عبد العزيز العسكر، مدير إدارة الشراكات، والأستاذ سعد بن منصور القحطاني، خبير أول مراسم.
عكَس الحضور رفيع المستوى من الجانبين الجدية الكاملة في المضي قدمًا نحو تنفيذ مخرجات هذا اللقاء.
واتسمت الأجواء بروح التعاون والانفتاح الكامل على النقاش والتنسيق في كل الملفات المطروحة. وتم التأكيد على ضرورة البناء على هذا اللقاء بتواصل مؤسسي مستمر، وترجمة الخطط إلى واقع، بما يعكس مكانة البلدين، ويُسهم في تطوير المنظومة الصحية والدوائية في المنطقة العربية بأسرها.
