أقدم الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، اليوم الجمعة، على توقيع سلسلة من الأوامر التنفيذية الهامة التي تستهدف تعزيز وتوسيع نطاق إنتاج الطاقة النووية في الولايات المتحدة الأمريكية.
وتأتي هذه الخطوة في سياق جهود الإدارة الأمريكية لمواجهة الارتفاع الكبير في الطلب على الطاقة، لا سيما من قطاعات مراكز البيانات المتنامية وتطبيقات الذكاء الاصطناعي التي تتطلب كميات هائلة من الكهرباء.
وبموجب هذه الأوامر، أصدر الرئيس ترامب توجيهات مباشرة إلى اللجنة التنظيمية النووية المستقلة في البلاد، وهي الهيئة الفيدرالية المسؤولة عن تنظيم استخدام المواد النووية، بتقليص الإجراءات واللوائح التنظيمية المعقدة، وتسريع وتيرة إصدار التراخيص اللازمة لإنشاء مفاعلات ومحطات طاقة نووية جديدة.
وتهدف هذه التوجيهات إلى تقليص الفترة الزمنية لعملية الترخيص، التي تستغرق عادة عدة سنوات، لتصبح في حدود 18 شهرًا فقط.
إنتاج الطاقة النووية
وقد جاءت هذه الإجراءات ضمن مجموعة أوسع من الأوامر التنفيذية التي وقعها الرئيس ترامب يوم الجمعة، والتي تهدف بشكل أساسي إلى دعم وتنشيط قطاع إنتاج الطاقة النووية في البلاد.
وأوضح مستشار للرئيس الأمريكي أن هذه الأوامر التنفيذية الأربعة تهدف إلى إطلاق ما وصفه بـ"نهضة" حقيقية في مجال الطاقة النووية المدنية في الولايات المتحدة، مع طموح استراتيجي يتمثل في زيادة إنتاج الطاقة النووية في البلاد بمقدار أربع مرات خلال السنوات الخمس والعشرين المقبلة.
وأكد الرئيس ترامب، الذي وعد بأن تكون الإجراءات الجديدة "سريعة للغاية وآمنة للغاية"، على ضرورة ألا تتجاوز مدة دراسة طلبات بناء المفاعلات النووية الجديدة فترة الثمانية عشر شهرًا.
كما أعرب عن اعتزامه إجراء إصلاحات هيكلية في هيئة التنظيم النووي، بالإضافة إلى تعزيز عمليات استخراج اليورانيوم وتخصيبه محليًا.
وفي تصريحات أدلى بها للصحفيين من المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض، قال الرئيس ترامب: "الآن هو وقت الطاقة النووية". من جانبه، أشار وزير الداخلية، دوغ بورغوم، إلى أن التحدي الرئيسي الذي تواجهه الولايات المتحدة حاليًا هو "إنتاج ما يكفي من الكهرباء للفوز في مبارزة الذكاء الاصطناعي مع الصين"، مما يسلط الضوء على البعد الاستراتيجي والتنافسي لهذه الخطوة.
ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية (فرانس برس) عن مسؤول كبير في البيت الأبيض قوله: "نريد أن نكون قادرين على اختبار ونشر المفاعلات النووية" بحلول شهر يناير من عام 2029، وهو ما يعكس جدولًا زمنيًا طموحًا لتنفيذ هذه الرؤية.
وتجدر الإشارة إلى أن الولايات المتحدة لا تزال تحتل المرتبة الأولى كأكبر قوة نووية مدنية في العالم، حيث تمتلك حاليًا 94 مفاعلًا نوويًا عاملًا. وقد ازداد متوسط أعمار هذه المفاعلات ليصل إلى 42 عامًا، مما يبرز الحاجة إلى تحديث وتوسيع هذا الأسطول.
وفي السياق الحالي، يمكن أن تستغرق عملية إصدار تراخيص المفاعلات النووية في الولايات المتحدة أكثر من عشر سنوات في بعض الحالات. وعلى الرغم من أن هذه العملية الطويلة تهدف في المقام الأول إلى ضمان أعلى معايير السلامة النووية، إلا أنها في الوقت نفسه لا تشجع على إطلاق مشاريع جديدة بسبب تعقيداتها وطول أمدها.
ونقلت وكالة رويترز للأنباء عن مسؤول كبير آخر في البيت الأبيض قوله إن التحركات الجديدة تشمل إجراء إصلاحات جذرية للجنة التنظيمية النووية، تتضمن مراجعة مستويات التوظيف في اللجنة، وتوجيه وزارتي الطاقة والدفاع للعمل بشكل مشترك على بناء محطات طاقة نووية على الأراضي الاتحادية المملوكة للدولة.
وأضاف المسؤول أن الأوامر التنفيذية تسعى أيضًا إلى تنشيط عمليات إنتاج اليورانيوم وتخصيبه داخل الولايات المتحدة، بهدف تقليل الاعتماد على المصادر الخارجية وتعزيز أمن الطاقة الوطني.
وكان الرئيس ترامب، بعد توليه منصبه في شهر يناير، قد أعلن حالة طوارئ وطنية في مجال الطاقة، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة لديها إمدادات غير كافية من الكهرباء لتلبية احتياجات البلاد المتزايدة، وبشكل خاص احتياجات مراكز البيانات الضخمة التي تقوم بتشغيل أنظمة الذكاء الاصطناعي المتقدمة. وتعتبر هذه الأوامر التنفيذية الجديدة خطوة عملية نحو معالجة هذا النقص المتوقع وتأمين مستقبل الطاقة في البلاد.