الوحش يتنفس.. 4 خبراء دوليين يتحدثون لـ«الدستور» عن مستقبل جماعات «الإسلام السياسى» خليج نيوز

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

 

أجمع خبراء من الولايات المتحدة، وفرنسا، وإيطاليا على أن الأحداث فى سوريا ستؤدى إلى تغييرات جيوسياسية كبيرة وإعادة تشكيل التحالفات الإقليمية، كما أكدوا أن جماعات الإسلام السياسى لا تزال تشكل تهديدًا كبيرًا لاستقرار الدول العربية، مع تصاعد القلق بشأن احتمال عودة تنظيم داعش.

وأشاد الخبراء، فى حوارات خاصة لـ«الدستور»، بدور مصر وتجربتها الرائدة فى التصدى لتطرف جماعات الإسلام السياسى، مؤكدين أنها الدولة العربية الوحيدة التى تمكنت من ردع تلك الجماعات بشكل فعّال، داعين الدول الغربية إلى تعزيز التعاون مع مصر لمكافحة التطرف والإرهاب بشكل شامل.

 

آن سبيكهارد:  التنظيمات الإرهابية فى سوريا قد تبدأ فى قتال بعضها البعض قريبًا

 

قالت «آن سبيكهارد»، الباحثة الأمريكية، مدير المركز الدولى لدراسة التطرف العنيف، إن ما حدث مؤخرًا فى سوريا يمثل لحظة تاريخية تستحق الاحتفاء على مستوى العالم، حيث وصل الربيع العربى إلى ذروته فى سوريا، مع خروج بشار الأسد من السلطة، وإطلاق سراح السجناء، وبدء الشعب فى تحديد مسار مستقبله.

ورجحت أن يكون للإسلام السياسى دور فى السلطة الجديدة، إذ تتجه الحكومة المقبلة نحو تضمين عناصر من هذا التيار فى الحكومة، رغم تعهد ممثلى الإسلام السياسى بحماية الأقليات وضمان حقوق الشعب، ما يفتح الباب أمام آمال بتحقيق توافق وطنى يضع مصلحة الجميع فى المقدمة.

ورأت أنه لن يُسمح لـتنظيم «داعش» بالعودة، حيث قصفت القوات الأمريكية بالفعل معاقله، كما تستمر قوات سوريا الديمقراطية والقوات الأمريكية فى مراقبته، قائلة: «قلة قليلة تدعم عودة داعش لأنه ادعى أنه يتبع الإسلام وينفذ الشريعة ويؤسس دولة إسلامية حقيقية، ولكن الذين عاشوا تحت حكمه والعديد من الذين قابلناهم والذين خدموه يقولون إنهم ليسوا إسلاميين، بل هم وحشيون للغاية وفاسدون».

واعتبرت أن ما حدث فى سوريا مؤخرًا يظهر قوة الشعوب، التى تنتظر وتتحرك أخيرًا ضد الديكتاتوريين الوحشيين الذين ليس لهم الحق فى الحكم، قائلة: «هذا لا ينبئ بعودة الإسلام السياسى بقدر ما ينبئ بأمل فى استعادة العدالة ومحاربة الوحشية والفساد فى الحكم فى مختلف أنحاء المنطقة».

وذكرت أن الجماعات التى تغلبت على «الأسد» تؤمن بالتأكيد بالإسلام السياسى، ولكن يبدو أن القيادة الحالية تتطلع إلى القوى السياسية المهمة فى المنطقة التى من الممكن أن تحصل على الدعم منها، ما يشير إلى أنها ستعدل حكمها ليكون ديمقراطيًا ويحمى الأقليات وحقوق المرأة مع مراعاة رغبات أغلبية السكان المسلمين.

وعن احتمالية أن تشهد سوريا حربًا أهلية وانقسامات، قالت: «من الممكن أن تبدأ الجماعات فى قتال بعضها البعض. تدعم تركيا الجماعات التى تضم أعضاء سابقين فى داعش والذين انخرطوا فى عمليات وحشية، وتركيا تكره الأكراد، وإيران لديها أسبابها للتدخل أيضًا، وقد قصفت إسرائيل الأسلحة الاستراتيجية».

وقالت: «هناك العديد من الجهات الفاعلة الخارجية التى يمكنها زعزعة الاستقرار، وقد استخدمت إيران وتركيا سابقًا مجموعات بالوكالة لتحقيق أهدافهما، حتى إن تركيا ساعدت داعش بالسماح لمقاتليها الدوليين بالعبور إلى سوريا من تركيا لمحاربة الأكراد».

ورأت أنه قد تشهد العراق واليمن والسودان أحداثًا مشابهة لما وقع فى سوريا، وقد يتعرض الحوثيون فى اليمن للهجوم حيث يواجه كل وكلاء إيران تحديات كبيرة، مواصلة: «من الصعب تحديد التأثير الدولى المتتالى، ولكن الأمور تتغير بسرعة فى الشرق الأوسط».

 

أدريان كالاميل:  «الإخوان القطبيون» انتصروا على «الخُمينيين» بدعم من إحدى الدول

 

أكد أدريان كالاميل، الباحث الأمريكى المتخصص فى قضايا الإرهاب، أن مصر تلعب دورًا حاسمًا فى التصدى لتنظيمات الإسلام السياسى، خاصة أنها الدولة الوحيدة التى نجت من استيلاء جماعة الإخوان عليها، بعدما أدرك المصريون أن رئيسها محمد مرسى كان يحاول اختطاف الثورة، فقاموا بخلعه قبل أن يتمكن الإخوان من إحكام قبضتهم على مصر.

وقال: «خلال عملية انتقالية طويلة، رأى المصريون الوجه الحقيقى لجماعة الإخوان، والآن تحاول (هيئة تحرير الشام)، بقيادة أحمد الشرع، ترسيخ سلطتها فى سوريا، وهو أمر قد يحدث فى غضون أسابيع أو حتى أشهر، ويمكن لمصر أن تعمل كقوة موازنة ضدها، وضد التنظيم الخُمينى أيضًا، لذا فالولايات المتحدة بحاجة إلى دعم هذه الجهود المصرية، لإيقاف ميل المنطقة لصالح هذه التنظيمات».

وذكر أن سوريا من الممكن أن تشهد حربًا أهلية وانقسامات بعد استيلاء «هيئة تحرير الشام» على السلطة، خاصة فى ظل سعيها لترسيخ قبضتها بسرعة كبيرة على الدولة التى تتمتع بتركيبة سكانية متنوعة على أسس دينية وإثنية واجتماعية وثقافية وقِبلية.

وأضاف: «من الصعب أن نتخيل سوريا بدون صراع فى المستقبل، فليس لدىّ أى أمل فى بلد مزقته سنوات من الحرب الأهلية، وتم غزوه واحتلاله من الجهاديين، الذين يحاولون تشكيل حكومة بسرعة، بناءً على طلب الرئيس التركى أردوغان».

وتابع: «أتوقع أن سوريا لن ترى السلام، وأنا أصلى من أجل الناس الذين اعتقدوا أن هيئة تحرير الشام قد تختلف عن بربرية الحكم البعثى، لأنه سيتم استبدال ديكتاتورية وحشية بأخرى، والحياة فى سوريا ستشبه الحياة تحت حكم طالبان فى أفغانستان».

وأشار كالاميل إلى أن عودة تنظيم «داعش» لا تزال ممكنة بعد سقوط نظام الأسد فى سوريا، خاصة أن الحرب الخاطفة التى شنتها «هيئة تحرير الشام» على المدن السورية شهدت إفراغ السجون، التى كانت تحتجز العديد من سجناء «داعش»، لذا فإن هناك مخاوف من عودتهم إلى ساحة المعركة.

وواصل: «ربما يكون تنظيم داعش قد فقد خلافته المادية مع انتشار المقاتلين فى مختلف أنحاء المنطقة وإفريقيا، لكن انهيار (سوريا الأسد) خلق نوعًا من الفراغ الذى يمكن لتنظيم داعش أن يملأه».

وتابع: «يجب علينا أيضًا أن نضع فى اعتبارنا حقيقة مفادها أن هيئة تحرير الشام اضطرت إلى سحب المقاتلين من كتائب القاعدة والكتائب الجهادية المتعددة، ومن الطاجيك والأوزبك والشيشان، وقد رأيت لقطات لجندى متمرد يحمل شارة داعش، ونحن ما زلنا فى ضباب الحرب والوصول إلى التقارير الموثوقة غائب».

وعن أسباب عودة جماعات الإسلام السياسى إلى الساحة مرة أخرى، قال الباحث الأمريكى «الإسلام السياسى لم يغادر المنطقة أبدًا، ومن المهم أن ندرك طبيعة الشكلين المتطرفين المهيمنين عليه فى هذا العصر المتطرف، وهما القطبية والخُمينية». وأوضح أن «الخُمينية» تم تصديرها من إيران إلى دول مثل لبنان والعراق واليمن، لتعمل كركيزة دينية، تدفع الجمهورية الإسلامية الإيرانية من خلالها مسيرتها نحو الهيمنة الإقليمية، وهو أمر كان النظام الإيرانى يعمل عليه بنشاط لـ«تصدير الثورة» منذ عام ١٩٧٩. 

وبيّن أن الوجه الآخر من نفس عملة الإسلام السياسى هو «القطبية»، وهى سلالة عنيفة من جماعة الإخوان وإطار دينى يقود تنظيمات «هيئة تحرير الشام» و«طالبان» و«القاعدة» و«داعش» وغيرها.

ولفت إلى أن هذه المجموعات تعمل حاليًا على ملء الفراغات، استمرارًا لما شهدته المنطقة خلال أحداث عام ٢٠١١، مع سقوط الأنظمة فى تونس وليبيا وحتى مصر، بعد أن استطاع الإخوان والقطبيون استغلال الفراغ للاستيلاء على السلطة. وواصل: «فى اليمن أيضًا استولى الحوثيون الخمينيون على البلاد، وفى سوريا أنفقت الجمهورية الإسلامية الإيرانية الكثير من الدماء والأموال لدعم الرئيس السورى بشار الأسد فى حرب استمرت ثمانى سنوات، بعدما حاول القطبيون الإطاحة بالرئيس السورى، وبعد ما يقرب من عقد من الزمان، فاجأت المرحلة التالية من هذه الحرب العالم، بعد أن انتظر القطبيون، ممثلين فى (هيئة تحرير الشام)، وبدعم من إحدى الدول المجاورة، حتى تم عزل الأسد وحصلوا أخيرًا على النتيجة المرجوة بعد فشلهم لعدة سنوات».

 

جيوفانى جياكالونى:  الرئيس السيسى جعل مصر ركيزة لمكافحة الإخوان وأفكارهم

 

رأى كبير المحللين فى الفريق الإيطالى للأمن والقضايا الإرهابية وإدارة الطوارئ فى الجامعة الكاثوليكية بميلانو، جيوفانى جياكالونى، أن هناك أسبابًا كثيرة وراء سقوط سوريا فى قبضة الجماعات المسلحة، أبرزها أن بشار الأسد أصبح زعيمًا ضعيفًا ولم يعد أحد من رجاله يدعمه.

وأوضح «جياكالونى»: «ليس من قبيل المصادفة أن الجيش السورى لم يقاتل كثيرًا، ووصل الجهاديون إلى دمشق على الفور تقريبًا. وعلى جانب آخر لم يعد لدى الروس أى مصلحة فى دعم نظام الأسد، ربما لأنه أصبح غير مريح. وليس من قبيل المصادفة أيضًا أن الأسد صرح مؤخرًا بأن الروس هم الذين أجبروه على مغادرة البلاد».

وأضاف: «كما أن حماس وحزب الله، بمهاجمتهما إسرائيل فى ٧ أكتوبر ٢٠٢٣، حركا عن غير قصد الآلية التى كسرت فعليًا ما يسمى بمحور المقاومة الذى دعمهما. الحروب هكذا، نعرف كيف تبدأ، لكننا لا نعرف كيف تنتهى».

وأكد: «أعتقد أن درس ما يسمى (الربيع العربى) ساعد فى فهم أن جماعة الإخوان الإرهابية خطيرة، وليست معتدلة بأى شكل، ولا تجلب إلا المشكلات. ومن الجيد أن نتذكر أنه فى كل مرة جرى فيها استخدام الإرهابيين كوكلاء لقضايا جيوستراتيجية، كانت النتائج كارثية. كما حدث فى أفغانستان والعراق وليبيا وسوريا فى عام ٢٠١١».

ورأى أن خطر تنظيم داعش الإرهابى لا يزال قائمًا، إذ قصفت الولايات المتحدة بالفعل العديد من مواقع داعش فى سوريا لمنع الجهاديين من الاستفادة من الوضع الفوضوى لشن هجمات، وقال: «لكننى أخشى أيضًا (القاعدة)، ولا أريد أن يخطئ الناس فى الاعتقاد بأنه اختفى أو أصبح معتدلًا، لأن هذا ليس صحيحًا».

وذكر أن «جماعة الإخوان كانت موجودة دائمًا، لكنها كامنة فقط، وهذه هى المشكلة الكبرى مع الإسلام السياسى. إنهم يتكيفون ويتسللون وينتظرون وفى اللحظة الأكثر ملاءمة لهم يعودون إلى العمل». وتابع: «فى الأردن، على سبيل المثال، يتحركون كثيرًا، والآن هناك مخاوف بشأن ذلك البلد أيضًا.. ما إن يجد الإسلاميون فراغًا فى السلطة يحاولون الاستفادة منه لإدخال أنفسهم والسيطرة على السلطة. لقد فعلوا هذا دائمًا، وهذا ما يحدث بالضبط فى سوريا».

وشدد على أنه مع وصول الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى السلطة فى مصر، أصبحت الدولة ركيزة من ركائز مكافحة إسلاموية الإخوان: «أعتقد أنه من المهم العمل جنبًا إلى جنب مع مصر لوقف هذا التهديد، كما يجب على أوروبا أن تعمل جنبًا إلى جنب مع مصر لمواجهة تسلل هذه الأفكار».

ولم يستبعد نشوب حرب أهلية فى سوريا وحدوث انقسامات خطيرة: «أنا مندهش من أن الجماعات الإسلامية والعرقية المختلفة فى سوريا لم تبدأ بعد فى إطلاق النار على بعضها البعض. وهذا يشير بوضوح إلى وجود اتجاه خارجى يدير الوضع فى سوريا. علينا فقط أن نرى إلى متى سيتمكنون من السيطرة على هذا الوضع، أنا لست متفائلًا». 

 

سمير أمغار:  عودة «داعش» واردة مع ضعف «الدولة الوطنية».. وقد نفاجأ بحركة إرهابية جديدة عابرة للحدود خلال الفترة المقبلة

 

وصف الدكتور سمير أمغار، الفرنسى المتخصص فى علم الاجتماع السياسى، ما حدث فى سوريا بأنه تحول على المستوى الوطنى والإقليمى والدولى، يترك تغييرات جيوسياسية هائلة، إلى جانب تأثيره فى إعادة ترتيب التحالفات الإقليمية، خاصة على ضوء الحرب فى أوكرانيا، وقبل كل شىء الحرب على غزة.

وتحدث الأستاذ فى مركز الدراسات والبحوث فى اللغة والثقافة الأمازيغية بالجزائر، عن التخوف بشأن هذا اللاعب الجديد، الممثل فى «هيئة تحرير الشام»، قائلًا: «كان العديد من الخبراء يعتقدون أن جماعات الإسلام السياسى فى تراجع. لكنها صامدة ولا تزال تمثل خطرًا على استقرار الدول العربية فى المنطقة، خاصة أن خطر العدوى مرتفع».

وحذر من إمكانية عودة تنظيم «داعش»، وسيطرته على أماكن متعددة مرة أخرى، قائلًا: «كل شىء ممكن. الخوف الرئيسى هو أن يؤدى انتصار هيئة تحرير الشام إلى إعادة تعبئة تنظيم داعش، وأن تتسامح الهيئة مع هذه الجماعة الإرهابية وتستخدمها كقوة مساعدة».

وأرجع النجاح الذى حققته هيئة تحرير الشام إلى عدة عوامل، بداية من التسليح الجيد، إلى جانب الاستفادة من دعم دول مثل تركيا، فى مواجهة جيش بشار الأسد المُنهك والمُتَعب.

وأضاف: «بالإضافة إلى ذلك، سئم الشعب السورى من الحرب الأهلية، ورأى فى هيئة تحرير الشام مُحررًا، فضلًا عن الاستراتيجية الجديدة لهيئة تحرير الشام، التى تسعى إلى طمأنة الغرب وسوريا من خلال إظهار الانفتاح والبراجماتية».

وحذر المتخصص فى علم الاجتماع السياسى من إمكانية أن تشهد سوريا حربًا أهلية وانقسامات، بعد سيطرة «هيئة تحرير الشام» على السلطة، قبل أن يستدرك بقوله: «لكن من الواضح أن هذه الجماعة تحاول اتباع سياسة عملية وشاملة».

وواصل: «يجب ألا ننسى أن الشعب السورى مُنهك بسبب ١٤ عامًا من الحرب الأهلية، لذا، للبقاء فى السلطة، يجب على هيئة تحرير الشام اكتساب الشرعية، وإظهار أنها قادرة على جلب الاستقرار والسلام إلى البلاد».

ورأى أن ما حدث فى سوريا قد يكون فرصة للجماعات المسلحة المتمركزة فى العراق واليمن والسودان لإعادة التعبئة واستعادة الدافع، وإنشاء «حركة إرهابية عابرة للحدود الوطنية» فى كل هذه البلدان، خاصة فى تلك التى تكون فيها سلطة الدولة ضعيفة.

واختتم بالحديث عن الدور المصرى فى مكافحة جماعات التطرف، قائلًا: «تتمتع مصر بخبرة كبيرة فى هذا المجال، خاصة أنها واجهت هذه المشكلة لأكثر من ٤٠ عامًا، ونجحت فى احتواء هذا التهديد من خلال اتباع سياسة أمنية فعالة ونهج عملى فى التعامل مع الحركات المتطرفة، فهى دولة تعرف كيف تتعامل مع هذه المشكلة، ولا شك أنها ستشارك خبرتها مع دول أخرى فى المنطقة».

 

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق