يواجه الدور الإقليمي والدولي لسوريا تحديات كبيرة، تزامنًا مع تحولات عميقة في الداخل السوري، حيث تتطلع دمشق إلى إعادة تموضعها كلاعب أساسي في المشهد العربي بعد سنوات من العزلة الدبلوماسية والحرب المدمرة.
وفي هذا الإطار، أكد الباحث السياسي السوري مازن بلال، أن "المسألة لا تتعلق بسوريا وحدها، بل بفقدان النظام العربي لأدواره التاريخية".
وأضاف في تصريحات خاصة لـ"الدستور" أن سوريا رغم التحديات، ستستعيد دورها الإقليمي بلا شك، إلا أن الأولوية الحالية تتمثل في إعادة بناء الدولة ومؤسسات الشرعية التي تضررت بشدة خلال السنوات الماضية.
سوريا تواجه أزمة شرعية واضحة
وأشار إلى أن البلاد تشهد "أزمة شرعية واضحة" تتزامن مع "حراك اجتماعي نشط يهدف إلى رسم هوية جديدة للجمهورية السورية".
وبيّن أن هذا الحراك يرتكز على إرث سياسي واجتماعي يمتد إلى الجمهورية السورية الأولى، مما يمنح السوريين قدرة على تجاوز المرحلة الحالية من عدم الاستقرار السياسي والمؤسسي.
ولفت الباحث إلى أن التحديات الداخلية تتطلب مسارًا واضحًا نحو الانتقال السياسي، حيث إن نجاح السلطة الحالية في تحقيق انتقال فعلي يمكن أن يكون خطوة محورية نحو استعادة دور سوريا الفاعل في العالم العربي.
وأكد بلال ضرورة إعادة النظر في الأولويات الوطنية لتعزيز الشرعية السياسية، معتبرًا أن إعادة بناء الثقة بين الشعب والمؤسسات الحكومية هي الأساس لبناء دور عربي جديد.
تأتي هذه الرؤية في وقت تشهد فيه المنطقة العربية إعادة تشكيل موازين القوى. فالتغيرات السياسية، من المصالحة الخليجية إلى التطبيع مع بعض الدول الإقليمية، تفرض على دمشق التفكير بشكل استراتيجي لاستعادة موقعها ضمن النظام العربي.
ونوه بلال بأن التحديات الاقتصادية والاجتماعية الهائلة التي تواجه البلاد، بما في ذلك إعادة الإعمار ومعالجة آثار النزاع، تمثل اختبارات أساسية لنجاح أي مشروع لإعادة الدور الإقليمي لسوريا. ويرى أن تفعيل الإرادة الشعبية وتمكين المجتمع المدني من المشاركة في صياغة المرحلة الانتقالية سيعزز من فرص تحقيق الاستقرار الداخلي وبالتالي تعزيز العلاقات الخارجية.
في هذا السياق، يشير إلى أن سوريا، التي كانت محور التوازنات الإقليمية لعقود طويلة، يمكنها أن تستعيد هذا الدور إذا ما تمكنت من تحقيق التوافق الداخلي والبناء على إرثها التاريخي والدبلوماسي. ويظل العامل الاقتصادي، الذي تضرر بشدة بسبب الحرب والعقوبات الدولية، من أكبر العقبات أمام هذه الطموحات.
ختامًا، قال إنه رغم المصاعب الهائلة، فإن سوريا تمتلك مقومات حضارية وجيوسياسية تؤهلها لاستعادة موقعها العربي والدولي، شريطة أن تنجح في تحقيق مصالحة داخلية وترسيخ مبادئ الشرعية السياسية ضمن إطار وطني جامع.
0 تعليق