كيف استغل الإخوان ثورة 25 يناير لتحقيق مكاسبهم السياسية؟ خليج نيوز

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

في يوم 25 يناير 2011، اجتمع المصريون في ميدان التحرير بمشهد موحد، صامدين أمام طغيان نظام دام لعقود، يملؤهم الأمل بمستقبل أفضل، وبينما كان الجميع يرفع شعارات الحرية والعدالة الاجتماعية، كان هناك من يراقب بحذر، منتظرًا اللحظة المناسبة ليعيد كتابة المشهد وفق أجندته الخاصة، كانت جماعة الإخوان التي بدأت موقفها بالحياد، لم تلبث أن انقضت على أحلام الثورة، مستغلةً الفوضى السياسية والاضطرابات الاجتماعية لتحقيق مكاسبها، دون الاكتراث بما خلفته من انقسامات وتوترات قوضت الوحدة الوطنية.

الإخوان وثورة يناير: من الحياد إلى الانقضاض

مع اندلاع ثورة 25 يناير، التزمت جماعة الإخوان الحذر في البداية، إذ صرح قادتهم بأنهم لن يشاركوا في الاحتجاجات، معتبرين أنها دعوات شبابية غير محسوبة العواقب، ومع تسارع الأحداث وتنحي الرئيس الراحل حسني مبارك، ظهرت الجماعة على الساحة كأحد أبرز اللاعبين، مدعيةً أنها كانت شريكًا أساسيًا في نجاح الثورة.

لكن الحقيقة كانت مغايرة تمامًا، وفي اللحظات الحرجة، دخلت قيادات الإخوان في مفاوضات مباشرة مع نائب الرئيس حينها، عمر سليمان، للتوصل إلى تسويات تعزز مصالحهم، ورغم ادعائهم تمثيل إرادة الشعب، كانوا في الواقع يسعون لترسيخ وجودهم السياسي على حساب القوى المدنية والشباب الذين قادوا الحراك الثوري.

خداع التحالفات السياسية

ومع بدء التحضير لأول انتخابات برلمانية بعد الثورة، أعلنت الجماعة أنها لن تنافس على أكثر من ثلث المقاعد، محاولة كسب تعاطف القوى السياسية الأخرى، لكن سرعان ما تراجعوا عن تعهداتهم، ليخوضوا الانتخابات بكتلتهم الكاملة، متحالفين مع التيارات السلفية، مستغلين الشعارات الدينية لتعبئة الناخبين.

وتحولت الانتخابات إلى ساحة استقطاب ديني، حيث رفع الإخوان وحلفاؤهم شعارات مثل "الإسلام هو الحل"، مدعين أن التصويت لصالحهم واجب ديني، وأن معارضيهم يعملون ضد الشريعة، وهذه الاستراتيجية لم تكتفِ بشق صف القوى المدنية، بل زرعت بذور الانقسام المجتمعي العميق الذي استمر لسنوات.

غزوة الصناديق

وفي استفتاء مارس 2011، الذي عُرف باستفتاء التعديلات الدستورية، استغل الإخوان المناخ الديني للتأثير على نتائج التصويت، وأطلقوا عليه مصطلح "غزوة الصناديق"، في إشارة إلى معركة بين "الإيمان" و"الكفر"، وصوّر دعاة الإخوان معارضي التعديلات كأعداء للدين، مستخدمين خطابًا طائفيًا أضر بالوحدة الوطنية.

واستدعوا دعاة متشددين للطعن في شركاء الوطن من المسيحيين، ما أدى إلى تصاعد التوترات الطائفية في وقت كانت البلاد بأمسّ الحاجة فيه إلى التكاتف.

من مرشح "الاستبن" إلى أخونة الدولة

ورغم تعهدهم بعدم المنافسة على رئاسة الجمهورية، دفع الإخوان بخيرت الشاطر كمرشح للرئاسة، وبعد استبعاده قانونيًا، قدموا محمد مرسي كـ"المرشح الاستبن"، الذي فاز لاحقًا في الانتخابات الرئاسية وسط أجواء مشحونة بالاستقطاب.

ومع تولي مرسي الرئاسة، بدأت الجماعة في تنفيذ مخطط "أخونة الدولة"، حيث تم تعيين أعضاء التنظيم في مناصب حساسة، بغض النظر عن كفاءتهم، وهذا النهج أثار غضب الشارع المصري، خاصةً مع تفاقم الأزمات الاقتصادية والخدمية مثل انقطاع الكهرباء ونقص الوقود.

وفي الوقت نفسه، فتح مرسي المجال لتحالفات خارجية مشبوهة، أبرزها مع قطر وتركيا، ما أثار تساؤلات حول سيادة القرار الوطني، وداخليًا، ازداد التحريض الطائفي، خاصة مع حصار الكاتدرائية المرقسية في أعقاب تصريحات قادة الإخوان العدائية.

الإعلان الدستوري.. نقطة الانفجار

وفي نوفمبر 2012، أصدر مرسي إعلانًا دستوريًا منح نفسه فيه صلاحيات مطلقة، ما اعتبره معارضوه انقلابًا على الديمقراطية، واشتعلت الاحتجاجات في الشوارع، بينما كانت الجماعة ماضية في فرض سيطرتها على مؤسسات الدولة.

ومن هنا، تصاعدت الأزمات بشكل غير مسبوق؛ أبرزها أزمة سد النهضة، حيث تم بث اجتماع استراتيجي على الهواء مباشرة، في فضيحة أضرت بسمعة مصر الإقليمية/ ولم تقتصر الانتقادات على الداخل، بل امتدت إلى الخارج، حيث بدأت الدول تنظر إلى مصر كدولة تعاني من انعدام الاستقرار والارتباك السياسي.

الفشل الإداري والتحريض الطائفي

وخلال حكم الإخوان، شهدت البلاد تدهورًا اقتصاديًا وخدميًا غير مسبوق، والأزمات اليومية أصبحت واقعًا، من انقطاع الكهرباء إلى نقص الوقود، بينما كان النظام مشغولًا بترسيخ قبضته السياسية.

وفي الوقت نفسه، ارتفعت وتيرة التحريض الطائفي، ما أدى إلى وقوع أحداث دموية لم تشهدها مصر من قبل. أبرز هذه الأحداث كان حصار الكاتدرائية المرقسية، الذي أودى بحياة مواطنين وأثار غضبًا شعبيًا واسعًا.

نهاية المشهد

وبينما كانت البلاد تغرق في أزمات اقتصادية واجتماعية، كان المصريون يستعدون للخروج مرة أخرى لإنقاذ ثورتهم التي اختُطفت في 25 يناير 2011، من خلال خروجهم في 30 يونيو 2013، خرج الملايين إلى الشوارع مطالبين برحيل نظام الإخوان، في مشهد أعاد الأمل باستعادة مكتسبات الثورة.

وما بين استغلال الشعارات الدينية، والتحالفات المشبوهة، والتحريض الطائفي، تمكن الإخوان من السيطرة على مفاصل الدولة لفترة قصيرة، لكن سياساتهم قادت إلى سقوطهم المدوي، تاركين وراءهم إرثًا من الانقسام والخداع السياسي.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق