يااااه يا الميدان كنت فين من زمان.. غردت بها عايدة الأيوبي، في عودة للغناء بعد سنوات من الغياب، لتبقى تلك الكلمات رغم مرور السنوات معبرة عن روايح يناير ، وتلك الأيام.
في كل ذكري لثورة ٢٥ يناير تطاردني مئات بل الاف الذكريات، والقصص، والصور، فكل شارع في وسط المدينة، كل ركن في ميدان التحرير له قصة، له ذكري، له جزء في العقل و القلب.
وبين حنين ومراجعة دائمة لكل ما مر، تبقي الفتاة العشرينية تطاردني بالحماس، والشغف، والألم، تفتقد من رحلوا، وتسعد بالحديث والكتابة عن يناير، ورفقاء يناير.
لعلها ثمانية عشر يوم من الاتفاق، نعم فالجميع اتفقوا في ذلك الوقت، اتفقوا أن الوطن يستحق الأفضل، اتفقوا علي سقوط و رحيل النظام حتي وإن كان القادم غير معلوم.
الجميع اتفقوا علي العيش والحرية والعدالة الاجتماعية، لم نشعر ببرد يناير، فالأمل في الغد كان كفيل أن يطمئن قلوبنا، فاندفعنا بإعلان التنحي ننظف الشوارع، ونزين الطرقات، متطلعين للمستقبل وما يحمله من أمال.
لم تخفق يناير، فمصر قبل يناير لم تكن جنة ، ولعل الذكري تنفع المؤمنين ، فلقد نخر الفساد النظام لعقود ، فأصبح هاشًا، واغتر رجال النظام بأنفسهم فلم يستمعوا لأحد بل قال الرئيس الراحل محمد حسني مبارك "خلوهم يتسلوا "، فما كان للفساد إلا أن ينتهي، وما كان للغمة إلا أن تنزاح ، لتسدل الستار، ويبدأ التاريخ يسطر أيام جديدة لملحمة بطلها الشعب المصري في الوعي والبناء.
ثورة ٢٥ يناير التي بدأت باحتجاجات انتهت لثورة غير مخططة ومنظمة، لكنها كشفت النقاب عن ازمات حقيقة عاني منها الشعب المصري لعقود، من تردي البنية التحتية ، وترهل الجهاز الإداري ، وتردي أنظمة الصحة و التعليم، والتدهور الاقتصادي، والتدهور الاجتماعي ، لنجد أن ما كنا نحسب أنه ازمات ما هو إلا قشور سطحية مخبئة تحتها أنهار من الأزمات لم يفكر أحد في اقتحامها أو معالجتها بل تركها الجميع تتراكم حتي أصبح فاتورة إصلاحها صعبة، وستتحملها أجيال.
لذلك ما زالت أردد: لم تخفق يناير بل نجحت بدليل نجاح ٣٠ يونيو، ولكن الطريق مازال طويلًا، فبرغم كل ما يتم من بناء ومبادرات وأبرزهم حياة كريمة ومئة يوم صحة وبداية جديدة، إلا اننا مازلنا متعثرين في الإصلاح الاقتصادي وتحقيق العدالة الاجتماعية والإصلاح السياسي.
وبرغم الحوار الوطني، لكننا مازلنا نحتاج إلى مزيد من الحوار، من المكاشفة، من المصالحة ومزيدا من الحرية.
وبينما لا يزال جزء مني في الميدان، جزء مازال يهتف هناك بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية، إلا أنه بعد مرور كل هذه الأعوام مازلت مؤمنة بأن افكار يناير مستمرة ، فا يناير ثورة أفكار ، و الأفكار تنتقل من جيل إلي جيل ، وأصحاب الأفكار يستمر نضالهم في صور واشكال عديدة.
فتحية إلى هذا الجيل الذي مازال يؤمن بحلمه ويسعى دائما للإصلاح وسلام على من رحلوا تاركين لنا احلام لا تسقط ابدأ بالتقادم.
0 تعليق