عمر أنس.. مصور الغلابة وراصد طموحاتهم - خليج نيوز

البوابة نيوز 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
7f6b2110f7.jpg
محمد الصدفى

 

لم يكن الزميل الفنان عمر أنس مجرد مصور صحفي عادي بل كان مقاتلًا ينتمي لمصر المحروسة.. ينتمي لناسها وبسطائها من سكان العشوائيات وباعة الأرصفة وأطفال الشوارع. ظل أنس على مدى عمره المهني يفاجئنا دومًا بلقطاته الصحفية غير الاعتيادية الملتقطة بعفوية دون إدراك أشخاص محتواها أنهم تحت عدسة كاميرته الجاهزة دومًا لالتقاط ما هو معبر ومثير. وكم فاجأنا بلقطات فذة من ردهات البرلمان وأحياء الفقراء مجسدا المقولة الأكاديمية «صورة عمر بألف كلمة».

عمل أنس بأماكن عدة كانت جميعها اختيارًا عمديًا منه لتحقيق مبدأه في أن تكون لقطاته خارج مقص الرقيب أو المنع.. فاختار، بالإضافة لمجلة «الإذاعة والتليفزيون»، جريدة «الأهالي» الناطقة بلسان حزب التجمع المنتمية لناس مصر وفقرائها.. ولعل اللقطة التي اقتنصها عمر لأسرتين تعيشان بمنزلين متقابلين فى شارع ضيق يستطيع أفرادها أن يصافحوا بعضهم البعض والتي فازت بجائزة مسابقة تصوير عالمية.. لعلها تعبر عن انتماءات عمر لناسنا البسطاء.. مهام صحفية عديدة جمعتني بالزميل العزيز عمر.. أذكر منها تلك المهمة المضنية التي أمضينا فيها ليلتين بحثًا عن عائلة الجندي البطل أيمن محمد حسن الذي أطلق النار على عدد من الجنود الصهاينة بعد تكرار استفزازاتهم.. لم يكن لدينا في تلك المهمة، بحسب خبر جهاز التيكرز آنذاك، سوى أنه من سكان الشرقية.. ومن بيت لبيت وقرية وأخرى إلى أن التقينا أسرته بأحد منازل حواري مدينة الزقازيق.. وكان علينا التخفى ومراوغة عناصر أمن الدولة المحيطين بالمنزل.

ودفاعًا عن صناعاتتا الوطنية، التي كانت جريدة «الأهالي» تضعها على رأس أولوياتها في النشر، كانت مهمتنا لشركة فوسفات أبو طرطور بالبحر الأحمر والتي عايشنا فيها متاعب ونضال عمال الشركة الذين يعملون في ظروف خطرة بين تفجيرات الديناميت وانهيار حواف الأنفاق.. فيما كانت توجهات الدولة وقتها قد قررت تصفية الشركة وتشريد العمال.. وفي مهمة صحفية أخرى تبدت جرأة الزميل عمر إبان اقتحامنا مدينة أولاد صقر معقل المرشح الخصم للأستاذ لطفي واكد نائب رئيس حزب التجمع ورئيس مجلس إدارة «الأهالي» في انتخابات التسعينيات والالتقاء بناسها وناخبيها.. وقد عاتبنا الأستاذ لطفى - رحمة الله عليه - وقتها على هذه المغامرة خشية علينا، فيما نجانا منها ذكاء عمر أنس الذي أبرز كارنيه مجلة «الإذاعة والتليفزيون» بعد أن توجس فينا أهالي المرشح الخصم.. وفي تحقيق صحفي عن أثر رفع أسعار السجائر قروش معدودة مطلع التسعينيات على دخل المواطن، قدمنا أنفسنا والزميل عمر لرئيس الشركة بهوية «مندوبي إعلانات».. يومها، أقنعه عمر بالتقاط صورة له وهو يدخن سيجارة سوبر رغم أن الرجل لم يكن مدخنًا.. ليستخدمها سكرتير التحرير الفني بعبقرية في رسم الموضوع تحت عنوان «مزاج المصريين في خطر»!.

لقد ظلت كاميرا عمر أنس على مدى عمره المهني راصدة لأحوال الناس ومعبرة عن طموحاتهم حتى النفس الأخير.. كما لم تكن «بوستاته» الأخيرة سوى صرخة في هذا الاتجاه.. بح صوته فيها لنيل مكافأة نهاية خدمته فى مجلة «الإذاعة والتليفزيون»، وأظنه لم يتحصل عليها.. كما ندد بسوء الخدمات العلاجية بالمستشفيات وغلاء أسعار العلاج.. لقد بقي عمر حتى الرمق الأخير مناضلًا بكاميرته وكلماته عن مواقفه وانحيازاته.. وأراد الله أن تكون مشيئته فى أن يترجل هذا الفارس النبيل وأن يستريح عند مليك رب غفور رحيم.

75ff9290fa.jpg
عدسة عمر أنس
74c9bbff7f.jpg
عدسة عمر أنس
8db3926043.jpg
عدسة عمر أنس
582320106b.jpg
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق