الصالون الثقافي بمعرض الكتاب يناقش تأثير الإسكندرية في إبداع أونجاريتي - خليج نيوز

صدي 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

شهدت قاعة الصالون الثقافي بمعرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ56 ندوة تحت عنوان "الشاعر الإيطالي أونجاريتي عاش في الإسكندرية فعاشت فيه"، وذلك ضمن محور "تأثيرات مصرية".


أدار الجلسة الإعلامي محمد عبده بدوي، الذي استهل حديثه بالإشادة بمدينة الإسكندرية، التي احتضنت العديد من الشعراء والأدباء الأجانب وأثرت فيهم.
وأوضح أن أونجاريتي عاش في الإسكندرية لمدة عشرين عامًا قبل أن ينتقل إلى فرنسا وعدة أماكن أخرى، مشيرًا إلى أن أعماله ترجمت إلى العديد من اللغات، وأن شعره اتسم بالغموض والتكثيف اللغوي.

وفي مداخلته، أكد الدكتور حسين محمود، أستاذ الأدب الإيطالي بجامعة حلوان، أنه لا يمكن تقديم أونجاريتي كشاعر إيطالي فقط، حيث كان يردد دائمًا أنه مصري، بل إسكندراني تحديدًا.


وأشار إلى أن الكاتب محمود الشيخ كتب عنه في كتابه "الشعراء الطليان"، واصفًا إياه بأنه "صاحب البيت الحر"، نظرًا لتأثره بالأدب الفرنسي وسعيه الدائم إلى التجديد، إلا أن محمود خالف هذا الرأي، معتبرًا أن أونجاريتي كان يعبر عن حاجاته الشعرية المستوحاة من حياته في الإسكندرية، خاصة أنه عاش حياة فوضوية وبوهيمية، مما جعله يرفض القوالب الشعرية التقليدية التي قد تعيق تعبيره عن ذاته.


وأضاف محمود أن هناك شاعرين إيطاليين بارزين ولدا في الإسكندرية في الحقبة ذاتها، هما جوزيبي أونجاريتي وفيليبو توماسو مارينيتي، مشيرًا إلى أن الأول تبنى الحركة الهرمسية، بينما أسس الثاني المستقبلية الإيطالية.


كما أوضح أن أونجاريتي لم يكن شاعرًا فقط، بل عمل مترجمًا، وصحفيًا، وموظفًا حكوميًا، وكتب في جريدة "كراسات مصرية"، مستخدمًا أحيانًا أسماء مستعارة.

فيما ركز الدكتور فوزي حسين، أستاذ الأدب الإيطالي بجامعة عين شمس، على عنصرين أساسيين في فهم أونجاريتي: نشأته في الإسكندرية وانتماؤه إلى الحركة الهرمسية. وأوضح أن الإسكندرية في أواخر القرن التاسع عشر لم تكن سوى قرية صغيرة، وكان الشاعر جزءًا من مجموعة أدبية تُعرف بـ"الكوخ الأحمر"، حيث اجتمع شعراء وأدباء ذوو توجهات فوضوية.


وأضاف أن البحر، والصحراء، والتعددية الثقافية، كانت كلها عناصر شكلت وجدانه الشعري.
وأكد حسين أن بعض الكلمات العربية ظهرت في شعر أونجاريتي، مما يعكس مدى تأثره بالبيئة البدوية التي عاش فيها. أما عن الحركة الهرمسية، فقد أشار إلى أنها لا تعني الغموض فقط كما يُشاع، بل إنها تيار أدبي قائم على التكثيف الرمزي، وقد أصبح أونجاريتي رمزًا لها، بفضل ما تميزت به أشعاره من إيحاءات وتأويلات متعددة.

من جانبها، تناولت الدكتورة كرستين سمير، أستاذ الأدب الإيطالي بجامعة بدر، رؤية الشاعر لفن الشعر، حيث استشهدت بمقولة له في لقاء تلفزيوني: "الشعر بالنسبة لي هو كلمة، والكلمة تجميع لحروف، وواجبها أن تنير الظلام بداخل الإنسان".
وأضافت أن أونجاريتي كان يحرص على تكرار الحروف في قصائده ليعبر عن رموز معينة، كما كان يستخدم الأصوات الثقيلة في النطق ليعكس معاناة الإنسان.
وأشارت إلى أن الفترة التي قضاها في الإسكندرية، والتي امتدت لأربعة وعشرين عامًا، كانت فترة تكوينه الفكري، حيث نشأ في بيئة تؤمن بمفهوم "الكوزموبوليتانية"، الذي يجعل المواطنة ممتدة للعالم بأسره، وليس مقتصرة على بلد بعينه.
كما تطرقت سمير إلى الجوانب السياسية في شخصية أونجاريتي، موضحة أنه كان مؤيدًا للفاشية، ومتأثرًا بشدة ببينيتو موسوليني، الذي كتب مقدمة أحد كتبه، إلا أن هذا الانتماء أضرّه لاحقًا، حيث تم عزله من منصبه كأستاذ جامعي بعد الحرب العالمية الثانية.
واختتمت "سمير" حديثها بالتأكيد على أن فلسفة الوجودية كانت حاضرة بقوة في شعر أونجاريتي، حيث لم يكتب عن تجربته الشخصية فقط، بل تناول في قصائده أسئلة وجودية كبرى حول العدم، والخوف، والمعاناة الإنسانية، ورغبة الخلاص، مما جعله أحد أهم الأصوات الشعرية في عصره.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق