منير أديب يكتب: ترامب ما بين صفقة لم يحققها وحلم يسعى لتحقيقه - خليج نيوز

البوابة 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

ليس كل ما تُريده الولايات المتحدة الأمريكية تستطيع أن تفعله، فالرئيس الأمريكي دونالد ترامب لم يستطع إقرار صفقة القرن التي طرحها قبل أكثر من 4 سنوات، صحيح نقل السفارة الأمريكية كما وعد إلى القدس، ولكن بقيت إسرائيل في عزلتها الإقليمية.

صفقة القرن التي طرحها ترامب في هذا التوقيت لم تنل إسرائيل منها شيئًا غير نقل السفارة، وهو أمر يبدو شكليًا، فواشنطن منحازة لإسرائيل منذ إنشائها في العام 1948، بل وتعتبرها الولاية 51، وكان هذا واضحًا من حجم التسليح الذي قدمته أمريكا في الحرب الإسرائيلية الأخيرة.

ربما فشل دونالد ترامب في إقرار هذه الصفقة في ولايته الأولى في العام 2016، وهو ما جعله يُعيد الحلم مرة ثانية، ولعل المسمى تغير من مجرد صفقة للقرن إلى حلم القرن، ولعل الصفقة تحولت إلى صفعة على وجه واشنطن لم تتخفف منها حتى الآن.

والسؤال الذي يطرح نفسه، هل تحولت الصفقة إلى مجرد حلم غير قابل للتمكين أو التنفيذ؟ فعندما تتحول الأحلام الممكنة إلى أحلام مستحيلة تظل في طور الحلم، ويبدو أن هذا ينطبق على ما طرحه دونالد ترمب وأصر عليه.

أمريكا دولة كبيرة اقتصاديًا وعسكريًا، وهناك تحالف استراتيجي بين نيويورك والقاهرة، ولكن هذا التحالف مبنى على المصلحة، ومحددات الأمن القومي المصري، وهذا ما يدفعنا إلى القول، إن القاهرة سوف تظل على موقفها من رفض تهجير الفلسطينيين إلى أراضيها.

رفض القاهرة ليس مرتبطًا برفض تهجير الفلسطينيين إلى أراضيها وفقط، ولكن رفض مبدأ التهجير عمومًا حتى ولو كان لدولة ثالثة بخلاف القاهرة والأردن، وهذا الموقف مرتبط بدفاع القاهرة عن القضية الفلسطينية ورفض أي محاولات لتصفيتها.

لا تستطيع واشنطن أن تفرض وجهة نظرها على القاهرة فيما يضر بأمنها القومي، ولا أحد يملك قرار القبول من عدمه، ولذلك السعي للضغط على القاهرة لن يأتي بأي نتائج سوى مزيد من التشدد في موقفها.

صحيح القاهرة تعيش ظروفًا اقتصادية ليست على ما يُرام، لكن الجبهة الداخلية تُدعم وتؤيد القيادة السياسية في كل قرارتها التي تتعلق برفض التهجير وما يترتب عليها، إيمانًا منها بضرورة هذا الدعم، ولأن الرأي العام المصري لديه مواقف حادة من إسرائيل على خلفية الحروب التي خضناها معها على مدار سبعين عامًا ويزيد.

لن تستجدي القاهرة المواقف العربية، ولن تنتظر مزيدًا من الدعم والتأييد لموقفها من رفض التهجير، ولكنها ستظل تواجه أي محاولات من شأنها تصفية القضية الفلسطينية، مهما تعرضت لتشويه سواء من أصحاب القضية أو من بعض المنتفعين.

الموقف الأمريكي الذي يُراهن على مزيد من الضغوط، لكن يجد أمامه إلا قيادة وشعب سوف يتمسكان بالثوابت الوطنية؛ فهما على نفس اتحادهما في حرب العام 1973، هذه ليست شعارات ولكنه واقع على الأرض.

الموقف الأمريكي يُشجع على مزيد من الفوضى في المنطقة العربية، وإسرائيل سوف تكون مضطرة لأنّ تحصد ثمار غرسها، دولة معزولة لديها عدوات مع الشرق والغرب، ولن يظل ميزان القوة لصالحها طوال الوقت.

وأي قوة نتحدث عنها؟ إذا أنها فشلت فشلًا ذريعًا في مواجهة المقاومة الفلسطينية بعد حرب دامت خمسة عشرة شهرًا، فلم تُحقق أي هدف لها، لا تحرير الأسرى ولا القضاء على حماس ولا على حكمها، واضطرت في النهاية لاستجداء خروج هؤلاء الأسرى عبر طاولة المفاوضات.

دخلت تل أبيب في عداء مع الجميع، وباتت مرفوضة وملفوظة أيضًا من الجميع، بل تستجدي عداء القاهرة، وهي تعلم حجم مصر وقوتها وقدرتها، ولذلك سوف تقطف إسرائيل ثمار التصعيد مع القاهرة كما قطفته من قبل مع الشعب الفلسطيني عندما هاجمتها حماس في 7 أكتوبر عام 2023.

سيظل ما طرحه دونالد ترامب مجرد حلم، وهو ما سيؤثر على العلاقات المصرية الأمريكية، وستكون تل أبيب أكثر ضعفًا مما كانت عليه بسبب إصرارها على تهجير الفلسطينيين، وأقصد هنا المواجهات الأخيرة التي خرجت منها صفر اليدين رغم قوتها الباطشة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق