الجمعة 28/فبراير/2025 - 07:26 ص 2/28/2025 7:26:26 AM
حددت وزارة الأوقاف موضوع خطبة الجمعة اليوم 28 فبراير 2025، الموافق 29 شعبان 1446 هـ بعنوان: "يا باغي الخير أقبل".
وقالت وزارة الأوقاف: إن الهدف من هذه الخطبة هو التوعية بفضائل شهر رمضان المعظم، والتنبيه على وجوب الإقبال على مواسم الخير، علما بأن الخطبة الثانية تتناول إبراز أهمية الحفاظ على الآثار المصرية، وصون الثروات الطبيعية لبلدنا العزيز.
موضوع خطبة الجمعة اليوم 28 فبراير 2025
يا باغي الخير أقبل
الحمد لله رب العالمين، بديع السماوات والأرض، ونور السماوات والأرض، وهادي السماوات والأرض، سبحانه، منه العطاء والإمداد، وبيده الإشقاء والإسعاد، لا تطيب الألسنة إلا بذكره، ولا تعمر القلوب إلا بمعرفته ومحبته، ولا تستقيم الجوارح إلا بطاعته، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وحبيبه وخليله، صاحب الخلق العظيم، النبي المصطفى الذي أرسله الله تعالى رحمة للعالمين، اللهم صل وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فيا باغي الخير أقبل، فأنت على أعتاب أيام ممجدة، وأوقات منورة، ساعات من الفضل والعطاء الإلهي قد أقبلت، ورحمات وتجليات من الرحمن تنزلت، وبركات من السماوات والأرض قد فتحت، فهيئ قلبك لمراد ربك، فإن للقلوب النقية استقبالا وتعظيما لشعائر الحق {ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب}.
يا باغي الخير أقبل، فها هو شهر رمضان المبارك، تغلق فيه أبواب النيران وتفقد لهيبها، وتفتح أبواب الجنان ويفوح في الدنيا شذاها ونسيمها، وتصفد الشياطين فتنحسر همزاتها، في لحظة أنس لطيفة، وساعة قرب منيفة، واعلم أنه ما من ذرة من ذرات الوجود إلا وتتشوق إلى تلك الليلة الشريفة المتفردة من ليالي الزمان، فإنه «إذا كان أول ليلة من شهر رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن، وغلقت أبواب النار فلم يفتح منها باب، وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب، وينادي مناد كل ليلة: يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار، وذلك كل ليلة».
أبشر أيها المكرم، فأنت على موعد شريف مع شهر أذن الله فيه لخزائن أنوار القرآن أن تنفتح، وللأرض أن يتجدد اتصالها بالسماء، فتدفقت أنوار القرآن منزلة بالوحي الأشرف، متجلية على قلب الجناب الأنور في ليلة ساطعة، وكأنها ألف شمس قد اجتمعت لشهود تنزل القرآن الكريم على الأرض {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون}.
يا باغي الخير أقبل وأبشر، فحاديك قرآن يشهد لك، وركعات تناديك، وقيام بالليل يحقق أمانيك، فهلم إلى سجدة خشوع، ودمعة خضوع، وآية تنير دربك، ودعوة تقيل عثرتك، ونظرة عفو وعتق من ربك، فإن رمضان حكاية شهود وعرفان، وفضل وإحسان، وصلة وامتنان، فهل من مشمر لنفحات رمضان؟!
ويا عباد الله، جددوا ربط قلوبكم بمولاكم، أشعروا نفوسكم أن لحظة سامية نفيسة من الأنس بالله تعالى قد أقبلت، وأدوا شكر نعمة إدراك رمضان، اجبروا خواطر الناس، ابحثوا عن أبواب الفقراء والمساكين واليتامى، ملتمسين الحال النبوي الشريف «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان جبريل يلقاه في كل ليلة من رمضان، فيدارسه القرآن، فلرسول الله صلى الله عليه وسلم حين يلقاه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة»، تحروا أيها الكرام الأزمنة الشريفة، والأحوال الكريمة، وارفعوا إلى ربكم أكف الضراعة، وبثوا إلى الله تعالى ما بقلوبكم، متحققين بحال الذل والخضوع، يمددكم ربكم بمزيد فوق المزيد، فإن «للصائم عند فطره دعوة لا ترد».
أيها الكرام، أشيعوا في أسركم وأهليكم ومن يحيط بكم أن زمنا شريفا منورا ساميا عاليا راقيا قد أطل، املأوا قلوبكم لطفا وأنسا واستمدادا واستنارة بالأنوار التي بثها الله تعالى في شهر رمضان، افرحوا بأيام الله، واشكروا نعمة شهودها، {قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون}.
***
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم)، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
عباد الله، اعلموا أن صون مقدرات الوطن دليل النبل والشرف، وآية الوطنية الصادقة، وعلامة التدين الصحيح، ألستم معي أن الحفاظ على آثار مصر أقل ما يقدم لوطننا العزيز؟! ألا تعلمون أننا مأمورون بالسير في الأرض والنظر في آثار السابقين؟ فكيف يكون ذلك إذا لم نحفظ آثارهم؟! اسمعوا إلى قول الحق تبارك وتعالى: {قد خلت من قبلكم سنن فسيروا في الأرض}، انتبهوا أيها الناس إلى هذه الحقيقة القرآنية الثابتة، إنها دعوة شريفة إلى النظر في آثار أمم قد خلت، وهدى وموعظة من أحوال السابقين.
ويا من تدعون إلى مقاطعة آثار البلاد انتبهوا! فلستم أكثر إسلاما وأزيد إيمانا من الصحابة رضي الله عنهم، ألم يترك سيدنا عمرو بن العاص رضي الله عنه آثار مصر المحروسة شاهدا على حضارة المصريين وعظمتهم، ودليلا ساطعا على نبوغهم وإبداعهم؟! {أفلا تتفكرون}، {أفلا تعقلون}.
أيها الكرام، اعلموا أن المحافظة على الموارد والثروات الطبيعية لبلادنا المباركة حق واجب على كل مواطن، فقد أمرنا الله تعالى بالإصلاح ونهانا عن الفساد والإفساد، فقال سبحانه: {وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين}، ودعانا الجناب الأكرم صلوات ربي وسلامه عليه إلى الحفاظ على الثروات القومية والطبيعية كالأنهار والبحار والآبار والأراضي وما فيها من ثروات وبركات، فقال صلوات ربي وسلامه عليه: «إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها، فينظر كيف تعملون» فأروا الله من أنفسكم خيرا في تعاملكم مع الحياة وكنوزها، ومع الحضارة وآثارها، واستجيبوا لقول الله جل جلاله: {وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب الـمفسدين}.
اللهم أدم على بلادنا نعمة الأمن والسكينة والأمان
وبلغنا اللهم شهر رمضان
أخبار متعلقة :