خليج نيوز

صناعة البتروكيماويات في مصر.. من دعم الحياة اليومية إلى قيادة النمو الصناعي والتصدير

في قلب التحول الاقتصادي الذي تشهده مصر، تبرز صناعة البتروكيماويات كأحد أبرز الأعمدة التي تعزز من استقلالية القرار الصناعي وتدفع بعجلة التنمية نحو آفاق جديدة. 

فهذه الصناعة لا تقتصر على كونها مجرد قطاع إنتاجي، بل تمثل شريانًا حيويًا يتغلغل في تفاصيل الحياة اليومية، من عبوات المياه البلاستيكية إلى مكونات السيارات والهواتف الذكية، مما يجعلها عنصراً رئيسياً في خطط الدولة لتعميق التصنيع المحلي وتقليص الاعتماد على الخارج.

ضمن رؤية الدولة المصرية 2030، تتسارع الجهود لتطوير هذا القطاع الحيوي عبر مجموعة من المشاريع الكبرى، بدءًا من مجمع السويس لمشتقات الميثانول، الذي يُعد نموذجًا متكاملًا للتكامل الصناعي بين شركات إنتاج الميثانول واليوريا والصودا الكاوية، باستثمارات تقترب من 120 مليون دولار، وصولًا إلى مشاريع استراتيجية تُنفذ تحت مظلة الشركة المصرية القابضة للبتروكيماويات، والتي تهدف إلى تحقيق طفرة في إنتاجية المنتجات البتروكيماوية ذات القيمة المضافة العالية.

ومن بين أبرز تلك المشروعات، مشروع إنتاج الميلامين في شركة موبكو الذي يستفيد من فائض إنتاج الأمونيا وثاني أكسيد الكربون لتحويلها إلى سماد اليوريا، مع خطة لإنتاج 40 ألف طن سنويًا من الميلامين. هذا المشروع يُعد تجسيدًا عمليًا لفكرة "صفر هدر" في الصناعة الكيميائية.

في السياق ذاته، يشهد مشروع مجمع البحر الأحمر للبتروكيماويات بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس تقدمًا ملموسًا، ويستهدف إنتاج نحو 4.4 مليون طن سنويًا من المنتجات البترولية والبتروكيماوية، مع اعتماد على أربعة ملايين طن من الزيت الخام المستورد، ومخطط لبدء تشغيله في عام 2030.

أما في مدينة العلمين الجديدة، فيتم العمل على إنشاء مجمعات إنتاج الصودا آش، والسيليكون ومشتقاته، والبتروكيماويات، حيث يهدف مشروع الصودا آش إلى إنتاج 600 ألف طن سنويًا من كربونات الصوديوم، بينما يستهدف مجمع السيليكون إنتاج 45 ألف طن سنويًا من السيليكون المعدني، اعتمادًا على خام الكوارتز المصري فائق النقاء، وذلك ضمن استثمارات تتجاوز 172 مليون دولار.

ولا تتوقف الخطط الطموحة عند هذا الحد، إذ يتم تطوير مشروع عملاق لإنتاج ما يقرب من 4 ملايين طن من المنتجات البتروكيماوية وقرابة مليون طن من المنتجات البترولية سنويًا، انطلاقًا من مزيج الزيت الخام المنتج من الصحراء الغربية، باستثمارات ضخمة تصل إلى 14 مليار دولار.

ولضمان استدامة تغذية هذه المشروعات بالمواد الخام، تم تأسيس شركة الإسكندرية لسلاسل الإمداد، بالتعاون بين الشركة القابضة للبتروكيماويات والقطاع الخاص، لإنشاء محطة متكاملة لاستيراد وتخزين مادة الإيثان بميناء الدخيلة، ما يمثل خطوة محورية لضمان استقرار إمدادات الصناعة.

في الإطار ذاته، وبدعم من توجه الدولة نحو تعزيز الأمن الغذائي وزيادة الرقعة الزراعية، يجري العمل على إنشاء مجمع صناعي متكامل لإنتاج الأسمدة النيتروجينية داخل شركة راكتا بمحافظة الإسكندرية، تحت مظلة شركة شمال أبو قير للمغذيات الزراعية، لتوفير الأمونيا ونترات الأمونيوم للسوق المحلي وتصدير الفائض، مع استكشاف سبل استخدام الهيدروجين الأخضر كبديل نظيف ومستدام للغاز الطبيعي.

تواصل مصر اليوم تقدمها بخطى ثابتة نحو تعزيز مكانتها في سوق البتروكيماويات العالمي، عبر مشروعات متكاملة واستثمارات استراتيجية، واضعة نصب أعينها هدفًا واضحًا: صناعة متطورة ومستدامة تدعم الاقتصاد الوطني وتفتح آفاقًا جديدة للتصدير، متوافقة مع مستهدفات التحول الأخضر والتنمية الشاملة.

 

أخبار متعلقة :