سلّط رئيس القطب الجزائي الوطني لمكافحة الجرائم المتصلة بتكنولوجيات الإعلام والاتصال، لدى محكمة دار البيضاء، اليوم الاربعاء، عقوبات متفاوتة في حق 20 متهما بينهم 12 موقوفاً بالمؤسسة العقابية الحراش، أغلبهم موظفون ببلدية الجلفة. لضلوعهم في فضيحة اهتزت لها وزارة الداخلية، تعلقت بارتكاب جريمة تزوير طالت جوازات سفر وبطاقات تعريف بيومترية لفائدة رعايا سوريين مقيمين في الجزائر.
وفي منطوق الحكم، تم الحكم على متهم موقوف بـ3 سنوات حبسا نافذا وغرامة مالية قدرها 1 مليون دج. فيما أدين 11 متهما موقوفا من بينهم 4 رعايا سوريون بعقوبات ترواحت بين العامين والعام حبسا نافذا وغرامة مالية بـ500 ألف دج.
كما برّأت الهيئة القضائية ذاتها المتهمين غير الموقوفين في القضية من التهم المنسوبة إليهم. مع الحكم غيابيا على 4 متهمين فارّين بـ5 سنوات حبسا نافذا وغرامة مالية قدرها 2 مليون دج.
وفي الدعوى المدنية، ألزمت المحكمة المتهمين المدانين بالتضامن بأداء تعويض للوكيل القضائي للخزينة العمومية قدره 1 مليون دج، جبراً بالاضرار اللاحقة.
التماس 7 سنوات سجنا في المحاكمة السابقة
وفي جلسة سابقة، التمس وكيل الجمهورية بعد السماع للمتهمين، توقيع عقوبات متفاوتة تراوحت بين عامين و7 سنوات حبسا نافذا. لمتابعتهم بجنحة إدخال عن طريق الغش معطيات في نظام المعالجة الآلية إضرارا بهيئة عمومية. جنحة تكوين جمعية أشرار لغرض الإعداد لجنحة، جنحة إساءة استغلال الوظيفة.
وبالرجوع إلى تفاصيل القضية، تم تمكين رعايا سوريين مقيمين في الجزائر من جوازات سفر وبطاقات تعريف بيومترية. رغم عدم تقديمهم شهادات الجنسية أمام المصلحة البيومترية لدى مصالح البلدية المذكورة، لعدم امتلاكهم لها.
وأسفرت التحقيقات الأمنية عن سلسلة من التوقيفات طالت حتى رعايا سوريين. أحدهم تم إيداعه الحبس المؤقت خلال التحقيق، ويتعلق الأمر بالمدعو “م.محمد “. فيما استفاد أربعة آخرون من البلد ذاته من إجراءات الرقابة القضائية.
والخطير في الوقائع، وجد المحققون بعد استغلالهم استمارات طلب الوثائق البيومتيرية، لمختلف البصمات الموجودة فيها. تبين بأن البصمة الموضوعة على الاستمارة الخاصة بالطفل السوري “أ.احمد ” تخص المدعو “ب ق. سليمان”. وهو موظف بالمصلحة البيومترية، الأمر الذي أكد استلامه الملف ووضع بصمته عليه في مكان والد الطفل.
كما تبين وجود عبارة مدوّنة بالقلم الجاف باللون الأحمر على استمارة طلب الوثائق البيومترية الخاصة بالطفل السوري “م. يوسف”. وهو ما يوحي بقيام المتهم بصفته موظفاً سابقاً، بإيداع الملف لأجل المعالجة بحكم علاقاته الواسعة مع موظفي البلدية.
“شكوى تفجّر القضية”
انطقلت وقائع القضية بتاريخ 28-02-2024 ، في أعقاب شكوى أمام أمن ولاية الجلفة تقدم بها المدعو “ب.خ. عبد الله”، رئيس مصلحة الوثائق البيومترية ببلدية الجلفة، بعد اكتشافه صدور جوازات سفر وبطاقات تعريف بيومترية عن طريق التزوير لصالح أجانب لا يحملون الجنسية الجزائرية. وتم توجيه الاتهام في أول الأمر للمدعو “ب. ق. عميرة” موظف ببلدية الجلفة وأشخاص آخرين يشتبه في تورطهم بذات الفعل.
وعليه، تمت مباشرة التحقيق في القضية بخصوص ملفات الأجانب من جنسية سورية المُعالجة بمصالح الوثائق اليومترية. والتي تم من خلالها صدور بطاقات التعريف الوطني البيومترية وجوازات سفر من دون شهادة الجنسية الجزائرية، فتبين استفادة 13 شخصاً أجنبياً، منهم 12 طفلا سوريا قاصراً، معظمهم من مواليد 2010 و2018 ، من 3 12 بطاقات تعريف وطنية وجوازات سفر بيومترية.
بسماع المسمى “ب.خ. عبد الله” رئيس المصلحة البيومترية بالجلفة بخصوص ما تم اكتشافه من صدور جوازات السفر و بطاقات التعريف الوطنية بيومترية لأشخاص أجانب لا يحملون الجنسية الجزائرية. صرّح أنه ورد إلى علمه عن طريق الموظف المدعو “عز الدين م” أنه بتاريخ 13-02-2024 وجد أن ملفات أشخاص أجانب من جنسية سورية لا يحملون الجنسية الجزائرية، قد عولجت ملفاتهم بمصالحه وأصدرت من خلالها بطاقات التعريف الوطنية وكذا جوازات سفر بيومترية وتم استلامها من طرفهم.
حيث قام بسحب ملفاتهم من أرشيف المصلحة ليتبين له أنه تم تسجيل وجود 13 ملفاً مودعاً من بينهم 12 طفلا سوريا تم إصدار لـ12 منهم بطاقات تعريف وطنية وجوازات سفر بيومترية على مستوى مصالحه.
غياب شهادة الجنسية في الملفات
مضيفا أنه بعد قيامه بالبحث عن الملفات القاعدية الخاصة ببطاقات التعريف الوطنية سالفة الذكر على مستوى مصالحه.تبين أن الملفات المودعة بالمصلحة ذاتها تتضمن شهادة ميلاد وصور فوتوغرافية وكذا فصيلة الدم فقط دون وجود شهادة الجنسية. فيما يخص جوازات السفر والتي تبين بأن ملفاتها تتضمن قسيمة الضرائب، صورتين شمسيتين، وبطاقة التعريف البيومترية وهو الملف كامل.
بالاستفسار مع كل الموظفين الذين عملوا على حضر البيانات ومعالجة الملفات و يتعلق الأمر بكل من المتهم ” ش. محمد “، والمتهم ” ص. سليمان”، ” المدعو “س. محمد” المدعو و المتهم “م. عزالدين الذين ” فاخبروه بأن المدعو ” “ب. ق. عمر” موظف بالبلدية هو من قام بتسليمهم الملفات على أساس أن شهادة الجنسية على مستوى المحكمة وسيوافيهم بها لاحقا .
أما بخصوص أعوان حجر البيانات كل من المدعو “م. إبراهيم” و المدعو “م. محمد” والذين أخطراه بأن المدعو” ب.ق.سليمان”. هو من استغل حسابهما والرقم السري الخاص بهما وعمل على إدخال بيانات فيه. كما أن الملفات تم استلامها من الموظف المتهم المدعو “أ.عطا الله”، مصرحا بأن الموظفين السالفي الذكر قاموا بإدخال بيانات الأطفال الأجانب بقاعدة البيانات الوطنية المرتبطة بأجهزة الإعلام الآلي. من خلال حساباتهم الخاصة على أساسها تم صدور وثائق بيومترية واستلامها من طرف الأجانب.
مؤكدا المعني انه يصعب مراقبتها والتحقق منها إلا في حالة ما إن تحصل على معلومات تخصها ليقوم بمطابقة الوثائق المطلوبة بالملف مع ما هو مدوّن بقاعدة البيانات، مصرحا انه بعد اكتشاف الأفعال و تحصله على ملفاتهم قام بتحرير مراسلة إلى الأمين العام لبلدية الجلفة قصد اتخاذ الإجراءات اللازمة وعمل على تقييد شكوى ضد المتهمين .
وأضاف رئيس المصلحة البيومترية بأن مسؤولية حجز بيانات خاطئة تخص الوثائق البيومترية والمساس بأنظمة المعالجة الآلية للمعطيات تقع على عائق أعوان حجز البيانات.
التزوير في البصمات
واستكمالا لاجراءات التحقيق، تم استلام استمارات طلب الوثائق البيومتيرية من طرف مصالح الأمن، لتبين وجود بعض البصمات على بعضها على أساس أن ولي أمره هم من قاموا بإبداع الملفات. و بعد استغلال مختلف البصمات من طرف المحققين الشخصية تبين بأن البصمة الموضوعة على استمارة الخاصة بالطفل “الشايب احمد ” فهي تخص المدعو” ب ق. سليمان “. وهو موظف بالمصلحة البيومترية، الأمر الذي يؤكد استلامه الملف و معالجته ووضع بصمته على الاستمارة بدلا عن والد الطفل.
كما تبيّن وجود عبارة مدونة بالقلم الجاف باللون الأحمر “عميرة بن قنيسة- جنسية” على استمارة طلب الوثائق البيومترية الخاصة بالطفل السوري “محمد يوسف”. الأمر الذي يوحي قيام الموظف السابق، بإيداع الملف لأجل المعالجة، خاصة أن له علاقات مع موظفي البلدية.
أخبار متعلقة :