تحظى زيارة الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب، المرتقبة إلى منطقة الشرق الأوسط، والقمة الخليجية الأمريكية المصاحبة لها، باهتمام واسع من قبل الخبراء والمحللين السياسيين، الذين يرون أنها قد تشكل منعطفًا مهمًا فى التعاطى الأمريكى مع الملفات الإقليمية الحساسة.
وفى سلسلة حوارات خاصة مع «الدستور»، أكد الخبراء الأمريكيون، خضر زعرور، أستاذ العلوم السياسية فى جامعة نورث كارولينا، وروبرت رابيل، أستاذ العلوم السياسية بجامعة فلوريدا، وفرانك مسمار، عضو الحزب الجمهورى، وبارى دوناديو، الكاتب والمحلل السياسى، أن هذه الجولة، التى تشمل السعودية وقطر والإمارات، ستركز على بحث سبل إنهاء الحرب فى غزة وإحياء عملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية، فى ظل تباين واضح فى المواقف بين إدارة «ترامب» ورئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو.
وتوقعوا أن تناقش القمة الخليجية الأمريكية سبل تعزيز التحالف الاستراتيجى فى المنطقة، ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة، فى محاولة لإعادة رسم خريطة التحالفات الإقليمية.
فرانك مسمار: إطلاق مبادرات سلام أوسع نطاقًا.. ودعم إنسانى للفلسطينيين
■ ما الملفات التى سيناقشها ترامب خلال زيارته المنطقة؟
- ستركز المحادثات الثنائية على تعزيز الاستثمارات المتبادلة، واستكشاف سبل جديدة للتعاون الاقتصادى، فضلًا عن أزمات المنطقة، لا سيما إيران وغزة.
■ ما توقعاتك بشأن مناقشات أزمات المنطقة؟
- لطالما كانت الولايات المتحدة لاعبًا رئيسيًا، وأعتقد أن مناقشات دونالد ترامب فى المملكة العربية السعودية ستشمل تقييم الأدوار الإقليمية الحالية والمستقبلية للولايات المتحدة. وقد تتضمن الوجود العسكرى الأمريكى والبعثات الدبلوماسية والدعم المقدم للحلفاء. والهدف سيكون ضمان الاستقرار فى الشرق الأوسط، مع تعزيز السلام والأمن فى جميع أنحاء المنطقة، ومعالجة النزاعات المحتملة، والتوسط فى النزاعات.
وستناقش الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية استراتيجيات لتحقيق الأهداف المشتركة، بما فى ذلك تعزيز التنمية الاقتصادية، وتعزيز الاستقرار السياسى، ودعم التقدم الاجتماعى. وغالبًا ما تشمل هذه الأهداف الجهود التعاونية لإدارة التوترات الإقليمية، وتعزيز التعاون بين دول الخليج، ودعم مبادرات الشرق الأوسط الأوسع نطاقًا التى تسهم فى الازدهار على المدى الطويل.
ويظل التعاون الأمنى والدفاعى محوريًا للعلاقة الأمريكية السعودية، وستتطرق المناقشات إلى المبادرات الأمنية المشتركة، واتفاقيات الأسلحة والشراكات الدفاعية التى تهدف إلى تعزيز البنية التحتية الأمنية لمنطقة الخليج.
وقد تشمل الموضوعات الرئيسية برامج التدريب العسكرى، وتبادل المعلومات الاستخباراتية والعمليات التعاونية لمواجهة التهديدات الإقليمية، بما يضمن تعزيز قدرة البلدين على الاستجابة بفاعلية للتحديات الأمنية المحتملة.
■ هل ستتضمن المناقشات ملف مكافحة الإرهاب؟
- بالتأكيد؛ فمكافحة الإرهاب أولوية مشتركة للولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية، وسيشمل الحوار استراتيجيات لتعزيز جهود مكافحة الإرهاب، وتبادل المعلومات الاستخباراتية، وتنسيق الإجراءات لتفكيك الشبكات الإرهابية، وستكون هناك تدابير للتصدى للتطرف، وتحسين أمن الحدود، وتنفيذ سياسات فعالة لمكافحة الإرهاب.
■ كيف سيكون حضور أزمة قطاع غزة خلال المناقشات؟
- سيحاول المجتمعون معالجة الحالة فى غزة، وستكشف الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية عن آليات لدعم الجهود الإنسانية، وتسهيل مبادرات السلام، وتقديم المساعدات للشعب الفلسطينى.
وقد تشمل المناقشات استراتيجيات دبلوماسية للتوسط فى الصراع الإسرائيلى الفلسطينى، وتعزيز الحوار بين أصحاب المصلحة، والبحث عن حلول قابلة للتطبيق لضمان السلام الدائم فى المنطقة.
■ كيف تنظر إسرائيل لتلك الزيارة؟
- إسرائيل ترى تلك الزيارة فرصة مهمة للاستفادة من نفوذ ترامب فى الضغط على حماس لقبول صفقة إطلاق سراح الرهائن. وقد تضمن الصراع الإسرائيلى المستمر مع حماس محاولات عديدة لتأمين إطلاق سراح الرهائن، ويمكن أن تكون زيارة ترامب محورية فيما يخص صياغة شروط التفاوض التى قد يقبلها الطرفان. بالإضافة إلى ذلك من المرجح أن تشمل المناقشات مبادرات سلام أوسع نطاقًا فى المنطقة، والتعاون الأمنى، وتعزيز العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة وإسرائيل.
لقد تم بالفعل إطلاق سياسة واضحة تجاه غزة، إذ يجب على «حماس» نزع سلاحها وحل نفسها كميليشيا مسلحة، وكذلك الحال لوكلاء إيران الآخرين فى المنطقة، وسيُعرض على بعض الفلسطينيين مغادرة غزة طواعية، وستتم إعادة بناء غزة على مدى السنوات العشرين المقبلة، وستكون منطقة مزدهرة.
خضر زعرور: قد يضغط على «نتنياهو» لوقف إطلاق النار
■ ما أهم النقاط على جدول أعمال «ترامب» خلال زيارته إلى الشرق الأوسط؟
- من المتوقع أن تكون زيارة الرئيس ترامب، المقررة الأسبوع الجارى، إلى الخليج العربى، والتى تشمل الرياض والدوحة وأبوظبى، أقلّ صخبًا وأكثر بهجة، وتتضمن لهجة أكثر تصالحية من زيارته السابقة، إذ تواجه الولايات المتحدة جبهة موحدة من دول المنطقة، ومعارضة شديدة للسياسات الأمريكية من المجتمع الدولى. فى الفترة الماضية، شهد الشرق الأوسط تغيرات جذرية، خاصة بعد الهجوم الإسرائيلى على غزة، واحتلال أجزاء من سوريا ولبنان، والعمليات العسكرية فى اليمن.
وفى ظل هذه المعارضة للسياسة الخارجية الأمريكية، وإدراكًا من «ترامب» لتوجه المنطقة نحو الصين، من المرجح أن يتناول أهم قضايا المنطقة، وأبرزها وقف هذه الحروب التى لا تنتهى، وبدء محادثات السلام على أساس الدولتين، وإقامة دولة فلسطينية، والتوصل إلى اتفاق نووى جديد مع إيران، وزيادة التعاون الأمنى وفرص الاستثمار.
ومن المرجح أن يتناول الرئيس «ترامب» هذه القضايا مع القيادة المحلية، مع إدراكه لاعتماده على الأطراف الفاعلة فى المنطقة لتحقيق أى أهداف واقعية، خاصة مع ترسيخ الصين نفوذها فى المنطقة.
ومع ذلك، سيعود «ترامب» إلى الوطن محققًا نجاحات باهرة، على سبيل المثال، من المقرر أن تقدم المملكة العربية السعودية لمقاولى الدفاع الأمريكيين طلب شراء جديد بقيمة تزيد على ١٠٠ مليار دولار، وهو ما لم يكن ممكنًا فى عهد إدارة «بايدن».
بالإضافة إلى ذلك، ستستثمر الإمارات العربية المتحدة نحو مليارى دولار فى إحدى مبادرات الرئيس ترامب الخاصة بالعملات المشفرة، علاوة على ذلك، تعمل قطر على بناء ملعب جولف جديد باسم «ترامب»، وهو ما يمثل دفعة قوية للرئيس، وتخطط الدوحة لشراء طائرة رئاسية جديدة من الولايات المتحدة.
■ هل تتوقع التوصل إلى حل واضح لحرب غزة خلال الزيارة؟
- خلال حملته الانتخابية، زعم الرئيس ترامب مرارًا وتكرارًا أنه سينهى الحرب فى غزة وأوكرانيا، ويتزايد الضغط الدولى والإقليمى والمحلى الأمريكى منذ أكثر من ١٧ شهرًا لوقف الحرب، ويُدرك الرئيس ترامب الأزمة الإنسانية وخطر امتدادها، ما قد يُضعف حلفاء أمريكا فى المنطقة ويُقوّض أمنها، ومع تزايد الضغوط الدولية وتزايد الدعم لتحقيق أهدافه، أتوقع أن يدفع الرئيس ترامب نتنياهو لإقرار وقف إطلاق نار جديد فى غزة.
وما ظهر مؤخرًا من البيت الأبيض هو تمييز واضح بين أهداف السياسة الخارجية للولايات المتحدة وأهداف إسرائيل، وبدأ «ترامب» يُركز على تحقيق سياسته الخارجية كعلامة واضحة على الابتعاد عن الرواية الإسرائيلية، ومع ذلك، حتى لو تمكن الرئيس من تثبيت وقف إطلاق النار، فمن المرجح أن يكون قصير الأجل وأن يُقوّضه «نتنياهو».
■ لماذا لم يعلن «ترامب» أنه سيزور إسرائيل؟
- يبدو أن الزعيمين يختلفان أيضًا حول نهج الرئيس ترامب فى حل البرنامج النووى الإيرانى، فبينما يؤمن «ترامب» بالتوصل إلى حل سياسى، يُريد «نتنياهو» نهجًا عدوانيًا يشمل شن هجوم عسكرى على المنشآت النووية الإيرانية، وأراد «نتنياهو» تنسيق الاستراتيجيات مع الولايات المتحدة بشأن التصدى لإيران فى المنطقة.
روبرت رابيل: توقيع صفقات عسكرية واستثمارية ضخمة
■ ماذا عن زيارة ترامب إلى دول الخليج؟
- ستتضمن الزيارة مناقشة عدة قضايا مترابطة، منها البرنامج النووى الإيرانى وغزة والاستثمار، وأعتقد أن صفقات السلاح ستكون على رأس جدول الأعمال، فقد تعهدت المملكة العربية السعودية باستثمار ٦٠٠ مليار دولار فى الولايات المتحدة على مدى أربع سنوات، وتعهدت الإمارات العربية المتحدة باستثمار ١.٤ تريليون دولار على مدى عشر سنوات، وسيحضر قادة الأعمال، بدعوة خاصة، منتدى الاستثمار الأمريكى السعودى، لإبرام صفقات فى قطاعات مختلفة.
■ هل يمكن أن تساعد الزيارة فى التوصل لحلول لأزمات المنطقة؟
- نعم.. يبدو أن دول الخليج العربى تُفضل التوصل إلى اتفاق دبلوماسى مع إيران؛ فقد زار وزير الدفاع السعودى خالد بن سلمان، إيران، والتقى المرشد الأعلى خامنئى ومسئولين كبارًا آخرين، ما يشير إلى أن المملكة تُفضل الاستقرار فى المنطقة، والزيارة ستساعد فى حدوث ذلك.
وفيما يتعلق بأزمة قطاع غزة، يرغب الخليج العربى فى انتهاء الأعمال العدائية، لكن هناك إدراكًا بأنه لا ينبغى أن يكون لحماس أى دور فى مستقبل غزة، وستؤكد السعودية ودول الخليج الأخرى معارضتها أى محاولة لتهجير الفلسطينيين، لكنها لن تحاول إقناع الرئيس الأمريكى بالضغط على إسرائيل لوقف القتال.
ولا بد أن نتذكر أن رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلى نتنياهو زار واشنطن مرتين، وهذا دليل على أن ترامب أبدى دعمه لإسرائيل بشكل واضح، ومن المرجح أن يزور إسرائيل قريبًا.
بارى دوناديو: لا يحتاج لزيارة إسرائيل لأنه يهاتف نتنياهو كل يومين تقريبًا
■ ما أهم النقاط على جدول أعمال «ترامب» خلال زيارته الشرق الأوسط؟
- سيتحدث «ترامب» مع المملكة العربية السعودية ودول الخليج الأخرى الحليفة لها، فى مجموعة واسعة من القضايا مثل «غزة وإيران واليمن».
■ هل تتوقع التوصل إلى حل واضح لحرب غزة خلال زيارته؟
- لقد تم بالفعل إطلاق سياسة واضحة تجاه غزة، إذ يجب على «حماس» نزع سلاحها وحل نفسها كميليشيا مسلحة، وكذلك الحال لوكلاء إيران الآخرين فى المنطقة، وسيُعرض على بعض الفلسطينيين مغادرة غزة طواعية، وستتم إعادة بناء غزة على مدى السنوات العشرين المقبلة وستكون منطقة مزدهرة.
■ لماذا لم يعلن «ترامب» أنه سيزور إسرائيل؟
- لا أحد يعرف أبدًا ما سيفعله «ترامب». قد يزور إسرائيل، لكننى لا أعتقد أنه بحاجة إلى ذلك. أعتقد أنه يتحدث هاتفيًا مع «نتنياهو» كل يومين.
أخبار متعلقة :