خليج نيوز

البابا لاون يدعو إلى بناء عالم يسوده السلام والعدالة والحقيقة خليج نيوز

استقبل  قداسة البابا لاوُن الرابع عشر، بابا الفاتيكان، أعضاء السلك الدبلوماسي المعتمد لدى الكرسي الرسولي، مؤكِّدًا التزام الكنيسة الكاثوليكية بمرافقة الأسرة الدولية بروح من الحوار، والانفتاح، وخدمة الخير العام. 

وفي بداية خدمته البطرسية، شدّد الحبر الأعظم على أنّ الدبلوماسية البابوية ليست مجرّد أداة سياسية، بل امتداد حيّ لرسالة الكنيسة الجامعة، التي تسعى إلى الدفاع عن كرامة الإنسان، وتعزيز العدالة والسلام، وتذكير العالم بالحقيقة التي تُحرّر. 

وفي هذا اللقاء الذي عُقد في الفاتيكان، دعا البابا إلى "وضع الإنسان في قلب كل علاقة دولية"، مؤكّدًا أنّ السلام لا يُبنى إلا انطلاقًا من القلب، وأنّ العدالة تتطلّب شجاعة الدفاع عن الأضعف، وأنّ الحقيقة تظلّ حجر الزاوية في كل حوار صادق. وقد وجّه الأب الأقدس نداءً قويًّا إلى إحياء روح التعددية، ووقف سباقات التسلّح، وتعزيز قيم التلاقي بدلًا من منطق الصراع والانقسام.

قال البابا لاوُن الرابع عشر في حوارنا هذا، أرغب أن يسود دومًا الشعور بأنّنا عائلة واحدة، إذ إنّ الجماعة الدبلوماسية تمثّل في الحقيقة عائلة الشعوب بأسرها، التي تشارك بعضها بعضًا أفراح الحياة وأتراحها، وتتقاسم القيم الإنسانية والروحية التي تحرِّكها. إنّ الدبلوماسية البابوية ما هي إلا تعبير حيّ عن كاثوليكية الكنيسة، وفي عمله السياسي يُحرَّك الكرسي الرسولي إلحاح راعويٍّ عميق، يدفعه لا للبحث عن امتيازات أو منافع زمنية، بل لتعزيز رسالته الإنجيلية في خدمة البشريّة. وهي، في عملها هذا، تحارب اللا مبالاة بكل أشكالها، وتوقظ الضمائر بلا كلل، كما فعل سلفي المكرَّم، الذي لم يكفّ عن الإصغاء لصرخة الفقراء والمعوزين والمهمّشين، وكان متنبّهًا أيضًا إلى التحدّيات الكبرى التي تطبع زمننا الحاضر، من حماية الخليقة إلى قضايا الذكاء الاصطناعي.

تابع الأب الأقدس يقول إنّ حضوركم بيننا اليوم ليس فقط علامة ملموسة على اهتمام بلدانكم بالكرسي الرسولي، بل هو بالنسبة لي عطية ثمينة، تتيح لي أن أجدّد التعبير عن رغبة الكنيسة – ورغبتي الشخصيّة – في بلوغ كل شعب ومعانقة كل إنسان على وجه هذه الأرض، متعطّش ومعوز إلى الحقيقة، والعدالة، والسلام! وإنّ خبرة حياتي نوعًا ما التي تشكّلت بين أميركا الشمالية وأميركا الجنوبية وأوروبا، هي بدورها تجسيد لتلك الرغبة العميقة في تجاوز الحدود والانفتاح على الشعوب والثقافات المختلفة.

وأضاف الحبر الأعظم يقول ومن خلال العمل الدءوب والصبور لأمانة سرّ الدولة، أرجو أن تتوثّق سبل المعرفة والحوار معكم ومع بلدانكم، تلك التي منحني الله نعمة زيارتها في مراحل متفرّقة من حياتي، ولا سيما حين كنت رئيسًا عامًا للرهبنة الأوغسطينية. وإني أضع ثقتي في العناية الإلهية بأن تمنحني فرصًا أخرى للّقاء بأوطانكم وشعوبكم، لكي أُثبِّت في الإيمان إخوتي وأخواتي المنتشرين في جميع أنحاء العالم، ولكي أبني جسورًا جديدة مع كلّ إنسان ذي إرادة صالحة.

تابع الأب الأقدس يقول وفي سياق هذا الحوار، أرغب أن نضع نُصب أعيننا ثلاث كلمات أساسيّة، تشكّل أعمدة العمل الرسولي للكنيسة، وأُسس العمل الدبلوماسي للكرسي الرسولي. وأولى هذه الكلمات: السلام. فلقد باتت هذه الكلمة، في كثير من الأحيان، تُفهم على نحوٍ سلبي، أي كغياب للحرب أو النزاع فحسب، لأنّ التضادّ قد غدا من سمات الطبيعة البشرية، ويلازمانا في كل حين، ويدفعنا إلى أن نعيش في “حالة صراع” دائم، في البيت، وفي العمل، وفي المجتمع. وهكذا يبدو السلام وكأنه مجرد هدنة، أو فسحة راحة مؤقتة بين معركتين، لأنه مهما حاولنا جاهدين، فإن التوترات حاضرة على الدوام، مثل الجمر المتقد تحت الرماد، الجاهز للاشتعال مجددًا في أي لحظة.

أخبار متعلقة :