خليج نيوز

مَن المتسبب في انتشار ظاهرة المذابح الأسرية؟ خبراء يكشفون الأسباب والحلول - خليج نيوز

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

انتشرت الجرائم الأسرية في الآونة الأخيرة بشكل ملحوظ، وضجت مواقع التواصل الاجتماعي بما حدث في محافظة أسيوط، إثر قيام رب أسرة بذبح أبناءه الأربعة في واقعة يندى لها الجبين، وقبلها بثلاثة أشهر كانت هناك جريمة مشابهة لرب أسرة ذبح أبناءه الأربعة في محافظة القليوبية.
أجرت ''البوابة نيوز'' تحقيقاً مع فقهاء قانون وأطباء علم نفس واجتماع لمناقشة انتشار ظاهرة المذابح الأسرية ومعرفة الأسباب وطرق علاجها.
في البداية قالت الدكتورة سامية خضر، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، إن جريمة أسيوط هي جريمة صعبة ومؤلمة وتنذر بخطر كبير قادم سيهدد الأمن القومي المصري، لأنها جريمة تقشعر لها الأبدان وتخالف كل الشرائع السماوية وكل الأعراف والتقاليد التي نشأنا وتربينا عليها.

انتشار ظاهرة العنف الأسري

وأكدت خضر في تصريح خاص لـ ''البوابة نيوز'' انتشار ظاهرة الجرائم الأسرية أمر غاية في الخطورة ويهدد أمن واستقرار المجتمع المصري، لأنها ليست مجرد جريمة قتل عادية وإنما هي حدث فريد من نوعه وضد الفطرة الطبيعية، فبغض النظر عن تجرد الأب من مشاعر الأبوة الغريزية التي ولد بها كيف له القيام بمثل هذه الجريمة البشعة بهذه الجرأة والسلام النفسي ضد أبنائه الأربعة.
وأوضحت أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، أن دور الأسرة لا يقتصر على تربية الأبناء فقط، بل تنشئتهم تنشئة إسلامية مع زيادة الوعظ الديني الذي يساهم في معرفتهم وإدراكهم، لأن هذا ينعكس على كل النواحي الحياتية للأسرة.
وأشارت خضر إلى أن الأسرة السوية التي تؤدي دورها التهذيبي والتعليمي على أسس سليمة يكون سلوكها هـذا داعيا إلى سلوك أبنائها القويم، أما إذا أصابها الخلل وساد بين أفرادها العنف فإن ذلك قد يعوقها عن القيام بدورها الأساسي، وبالتالي اتباع طريق العنف، وهو ما قد يؤدي إللى زيادة الجرائم في المجتمع كما هو ملحوظ في الفترة الأخيرة.

سبب انتشار الجرائم الاسرية

وتحدثت الدكتورة سامية خضر عن وجود بعض العوامل الاجتماعية التي تؤدي إلى انتشار الظاهرة مثل الضغوط الحياتية التي تواجه بعض أفراد الأسرة نتيجة البطالة، وانخفاض الدخل المادي، ضغوط العمل، بسبب عدم القدرة على تلبية احتياجات الأسرة، من العوامل أيضاً التي تساهم في زيادة العنف الأسري وبالتالي الجرائم.

الأعمال الدرامية عامل كبير
وأكدت أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، أن الدراما عليها عامل كبير في انتشار تلك الظاهرة السلبية بسبب الأعمال الدرامية والأفلام التي تحرض على العنف والبلطجة وتعاطي المخدرات، وأيضاً تحتوي على مشاهد عنف أسري بشكل مستفز، موضحة أن الفن هو لغة الشعوب والمحرك الأساسي في تنشئة الأجيال وبالتالي فالدراما تقوم بدور سلبي في نشر تلك الظاهرة وليس العكس.
وانتقلت بحديثها عن الرجل، مشددة على أنه تقع على عاتقه مسئولية كبرى تجاه حل المشكلة لأنه ينبغي عليه أن يتمتع بقدر كبير من الرجولة والمسئولية لقيادة الأسرة بدون عنف وبطرق بسيطة وأن يحتويها بقدر كاف لمعالجة ضغوط الحياة وخاصة مع أبنائه.
وأبرزت خضر دور الإعلام سواء المسموع أو المقروء في معالجة الظاهرة السلبية لأن الإعلام هو أحد أهم الوسائل المؤثرة في المجتمع المصري، ويتم ذلك عن طريق زيادة الوعي بمخاطر العنف وتبعاته السلبية والضارة، لافتة إلى ضرورة عقد برامج هادفة وإيجابية تفيد الجماهير وترشدهم لطريق الصواب في مواجهة خطر العنف الأسري.
ولفتت خضر إلى ضرورة العمل على نشر ثقافة الحوار داخل الأسرة، وحث الآباء على التواصل والمناقشة بينهم وبين أبنائهم في كافة الأمور المتعلقة بالحياة، فضلاً عن محاولة تدريبهم على ضبط النفس وكظم الغيظ أثناء الانفعالات أو المواقف التي يتعرضون لها واحترام الآخرين.
وتطرقت أيضاً لدور المؤسسات التعليمية ودورها الفعال عبر المناهج الدراسية والندوات العلمية والمحاضرات الثقافية، لتوضيح الآثار السلبية من جراء انتشار ظاهرة العنف الأسري كإحدى المشكلات والأمراض الاجتماعية وآثارها على المجتمع.

طرق علاج ظاهرة العنف الأسري


من جانبها قالت الدكتورة بسمة سليم  أخصائية علم النفس وتعديل السلوك، إن هناك العديد من الأسباب التي ساهمت في زيادة الجرائم الأسرية في الآونة الأخيرة ومنها نقص الوعي الديني بين بعض أفراد الأسرة، وهو الأمر الذي انعكس بشكل سلبي على المجتمع ككل، لأن الوازع الديني ينمي القيم والأخلاقيات الحميدة التي تنشئ جيل صالح ومستقيم، كما أن هناك اختلافا كبيرا بين حق تأديب الزوجة وممارسة العنف ضدها، ويساهم في زيادة العنف بشكل عام.
وأضافت سليم لـ ''البوابة نيوز'' أن ضعف المستوي التعليمي بين بعض الأزواج وجهلهم بحقوق وواجبات الزوج والزوجة قد يكون سببا في زيادة العنف داخل الأسرة الواحدة وأيضاً سببا في الجرائم الأسرية.
وتابعت: دراسة الجريمة هي أول طرق العلاج، ويتم ذلك عن طريق متخصصين فى علم النفس والاجتماع للوقوف على أسبابها ودوافعها وكيفية علاجها ووضع حلول علمية فعالة قبل تكرار جرائم أخرى مشابهة في المستقبل.
وأوضحت أخصائية علم النفس وتعديل السلوك، أن مرتكبي الجرائم الأسرية هم مرضى نفسيين وغير أسوياء فى تعاملهم فى محيط الأسرة وبالتالي يشكلون خطراً على المجتمع، مضيفة أن مرتكبى هذه الجرائم مصابون بفصام الشخصية والشك الدائم، ولذلك من المفترض أن أى شخص تسول له نفسه ارتكاب أى جريمة أسرية أو في المجتمع أن يتوجه دون خجل للطبيب النفسى.
وأوضحت سليم أن الوقاية الأولية تُعد من أهم الوسائل للتغلب على العنف الأسري وارتكاب الجرائم الأسرية، والمقصود بها حسن اختيار الزوج أو الزوجة لبعضهما البعض، فكلما كان شريك الحياة من مجتمع سليم كلما أدى إلى التفاهم والترابط والتماسك بين الأسرة وبعضها البعض.
وأردفت: إدمان بعض الأزواج والزوجات للمخدرات والخمور وما يترتب عليها من غياب العقل وعدم إدراك الأمور وحسن التصرف فيها، من العوامل التي تؤدي إلى الجرائم الأسرية بسبب التأثير السلبي من مذهبات العقل على تصرفات الإنسان داخل الأسرة.

قضايا الرأي العام
وعن دور القانون في مواجهة تلك الظاهرة قال الفقيه القانوني الدكتور صلاح الطحاوي، أستاذ القانون الدولي، إن الجرائم التي تحظي بمتابعة كبيرة يطلق عليها قضايا رأى عام لأنها تشغل وتستحوذ على اهتمام الشارع المصري ومنها الجريمة البشعة التي يندي لها الجبين والخاصة بسيدة الشرقية التي قتلت نجلها الصغير ومثلت بجثته.

العقوبة القانونية المتوقعة على جريمة قاتل أبنائه في أسيوط

وأضاف الطحاوي خلال تصريح خاص لـ''البوابة نيوز'' أن هذه الجريمة بشعة وتقشعر لها الأبدان، وسيعاقب الأب طبقاً للمادة 230 من قانون العقوبات التي نصت على أنه كل من قتل نفساً عمدا مع سبق الإصرار على ذلك أو الترصد يعاقب بالإعدام.
وتابع: كما سيتم معاقبته طبقا للمادة 231 من قانون العقوبات، لأنه توافر ركني القتل وهما الدافع المادي والمعنوي لأنه كان هناك إصرار على ارتكاب الجريمة، وتنص المادة على أن الإصرار هو القصد المصمم عليه قبل الفعل لارتكاب جنحة أو جناية يكون غرض المصر منها إيذاء شخص معين أو أي شخص غير معين وجده أو صادفه سواء كان ذلك القصد معلقا على حدوث أمر أو موقوفا على شرط.
 كما نصت المادة 232 من قانون العقوبات على أن الترصد هو تربص الإنسان لشخص في جهة أو جهات كثيرة مدة من الزمن طويلة كانت أو قصيرة ليتوصل إلى قتل ذلك الشخص أو إلى إيذائه بالضرب ونحوه.
 ولفت الفقيه القانوني إلى أن هذا الأب تعمدت إزهاق روح أبنائه ولذلك سيتم معاقبتها أيضاً طبقا للمادة 233 من قانون العقوبات والتي تنص على أنه من قتل أحدا عمدا بجواهر يتسبب عنها الموت عاجلا أو آجلا يعد قاتلا بالسم أيا كانت كيفية استعمال تلك الجواهر ويعاقب بالإعدام.
وأشار الطحاوي إلى أن القانون يقرر لكل جريمة عقوبة، فإذا كانت الجريمة المرتكبة واحدة فلا محل لتعدد العقوبات، أما إذا ارتكب المتهم عددا من الجرائم، فالأصل أن يوقع عليه عدد من العقوبات بقدر عدد جرائمه، فإذا ارتكب الشخص جريمة ثم ارتكب أخري فلا يجوز أن تكون إحداهما سببا للإعفاء من العقوبة المقررة للأخرى، وهو ما يتوافر في حالة المتهمة.
وتحدث الفقيه القانوني على أنه إذا كان واردا بأمر الإحالة توافر ظرفي سبق الإصرار والترصد أو أحدهما وأيضاً يعد سببا لتشديد العقاب بخلاف القتل العمد المؤصل بنص المادة 234 بقانون العقوبات مع اقترانها بجريمة التمثيل بالجثة.. وأيضاً إذا ما توافر أحد هذين الظرفين سبق الإصرار أو الترصد ففي هذه الحالة تقضي المحكمة بعقوبة الإعدام.
وتنص المادة 234 من قانون العقوبات على أنه من قتل نفسا عمداً من غير سبق إصرار ولا ترصد يعاقب بالسجن المؤبد أو المشدد، ومع ذلك يحكم على فاعل هذه الجناية بالإعدام إذا تقدمتها أو اقترنت بها أو تلتها جناية أخرى، وأما إذا كان القصد منها التأهب لفعل جنحة أو تسهيلها أو ارتكابها بالفعل أو مساعدة مرتكبيها أو شركائهم على الهرب أو التخلص من العقوبة فيحكم بالإعدام أو بالسجن المؤبد، وتكون العقوبة الإعدام إذا ارتكبت الجريمة تنفيذاً لغرض إرهابي.
وأشار الدكتور صلاح الطحاوي إلى أن الأب إذا ارتكب عدة جرائم مرتبطة ببعضها ولا تقبل التجزئة ولذلك سيتم معاقبته بالعقوبة الأشد طبقا للفقرة الثانية من نص المادة 32 عقوبات والتي تنص على أنه تتعدد العقوبات بتعدد الجرائم إذا لم يوجد بينها هذا الارتباط (المادة 33 عقوبات)، وقد خرج المشرع، على القواعد العامة السابقة، وفرض للقتل العمد فى حالة اقترانه بجناية أخرى عقوبة الإعدام، جاعلاً هذا الاقتران ظرفاً مشدداً لعقوبة القتل العمدى، وترجع علة التشديد هنا إلى الخطورة الواضحة الكامنة فى شخصية المجرم، الذى يرتكب جريمة القتل وهى بذاتها بالغة الخطورة، ولكنه فى نفس الوقت، لا يتورع عن ارتكاب جناية أخرى فى فترة زمنية قصيرة.
 واختتم الطحاوي بأنه بعد أن تتأكد عدالة المحكمة ويستريح ضميرها إلى أدلة الإدانة وإلى أن المتهمة قد ارتكبت الجرائم الواردة بأمر الإحالة، وذلك بعد ثبوت هذه الجرائم من واقع الأدلة والقرائن وشهادة الشهود وتحريات المباحث وما ورد بتقرير الصفة التشريحية بمصلحة الطب الشرعي، وبعد أن تتيقن، تقوم بإحالة أوراق المتهمة لمفتي الديار المصرية لإبداء رأيه.. وبعد إبداء رأيه ستحدد جلسة أخرى للنطق بالحكم بإعدام المتهمة شنقا.
كانت قرية دكران بمركز أبو تيج بمحافظة أسيوط قد شهدت اعتداء أب على أبناءه الأربعة باستخدام ساطور، حيث أبلغ الأهالي السلطات بالواقعة، وانتقلت السلطات إلى موقع الحادث وتم ضبط الأب المتهم "فتح الله.أ.ن"، وأمرت السلطات بنقل الجثامين إلى مشرحة مستشفى أبو تيج النموذجي، كما تم نقل الابن الرابع المصاب إلى العناية المركزة.
وأكد شهود عيان في التحقيقات الأولية، أن المتهم كان يعاني من حالة نفسية سيئة خلال الفترة الأخيرة، وأنه يوم ارتكاب الجريمة سمعوا صوت صراخ صادر من المنزل، واستنجد الابن الرابع بالجيران الذين هرعوا لمكان الواقعة وتبين قيام الأب بالاعتداء على أبنائه بطريقة وحشية باستخدام الساطور، حيث توفي ثلاثة من الأبناء جراء إصابات جسيمة بكافة أنحاء الجسم، بينما نجا الابن الرابع من الموت بأعجوبة وتم نقله إلى المستشفى مصابا بإصابات بالغة.
وكان أب قد أقدم على قتل أبنائه الأربعة بقرية حلابة بدائرة مركز قليوب بمحافظة القليوبية في مصر، أصغرهم طفل يبلغ من العمر 5 أعوام، وأكبرهم يبلغ من العمر 21 عاما.
وبسؤال أهالي المنطقة أفادوا بأن الأب يمر بحالة نفسية سيئة، ومن المرجح أن يكون ذلك السبب في ارتكاب تلك المذبحة.
وفي اعترافات صادمة أمام النيابة العامة قال المتهم عبد العظيم، إنه أقدم على ذبح أبنائه الأربعة تسنيم ونادين وتغريد وجلال انتقاما من طليقته التي كان يشك في سلوكها قائلا "ذبحت العيال عشان أحرق قلب طليقتي"، بينما شهد والده أنه كان يتعاطى المخدرات، وأنها أثرت على عقله وأصبح يعاني من الشك الدائم.

أخبار متعلقة :