عاشت مصر خلال فترة حكم جماعة الإخوان في السنوات التي تلت ثورة 25 يناير مرحلة غير مسبوقة من الانفلات الأمني والتراجع الكبير في قدرة الدولة على مواجهة التحديات الأمنية، وكانت الجماعة تسعى إلى توجيه مصر نحو أجندتها السياسية، مما ساهم في تهديد الاستقرار الوطني وتحقيق مخططاتها لتغيير وجه الوطن.
كان من أبرز تداعيات هذا التراجع ظهور الإرهاب بشكل متصاعد في سيناء، حيث أصبحت المنطقة مرتعًا للجماعات المتطرفة، وضعفًا كبيرًا في الأجهزة الأمنية وغيابًا للتخطيط الاستراتيجي لمواجهة تلك التهديدات.
في هذا التقرير، نسلط الضوء على الأبعاد الأمنية لهذا الواقع، ونكشف كيف كانت سياسة الجماعة سببًا رئيسيًا في تدهور الأوضاع في سيناء وبقية أنحاء البلاد.
الانفلات الأمني والتراجع في قدرة الأجهزة الأمنية
منذ تولي جماعة الإخوان المسلمين الحكم في مصر عام 2012، شهدت الأجهزة الأمنية تراجعًا ملحوظًا في قدرتها على الحفاظ على الأمن والاستقرار، حيثُ تم تقليص دور الجيش والشرطة في بعض الملفات الحساسة، كما تم إدخال تغييرات غير مدروسة في هياكل تلك المؤسسات، بالإضافة إلى ذلك، كان هناك شعور عام بعدم الرغبة في اتخاذ إجراءات حاسمة ضد الجماعات المتطرفة التي بدأت في التوسع.
وكان ضعف التنسيق بين أجهزة الأمن والاستخبارات هو السمة الغالبة خلال تلك الفترة، مما سمح للجماعات المسلحة بتعزيز وجودها في العديد من المناطق، وخاصة في سيناء، التي كانت تشهد تصاعدًا لافتًا في الأنشطة الإرهابية.
ظهور الإرهاب في سيناء.. أصبحت أرض الخصبة للمجموعات المتطرفة
خلال فترة حكم جماعة الإخوان، كانت سيناء بمثابة الأرض الخصبة التي نمت فيها جماعات الإرهاب والتطرف، حيث وجدت هذه الجماعات بيئة مواتية للانتشار بسبب الفراغ الأمني والتجاهل الحكومي.
وكان الإرهابيون يتمتعون بحرية الحركة في تلك الفترة، واستفادوا من الدعم اللوجستي الذي حصلوا عليه من بعض الأطراف الداخلية والخارجية.
بدأت العمليات الإرهابية في سيناء تأخذ طابعًا أكثر تطورًا ودموية، حيث شهدت المنطقة تصاعدًا في الهجمات على القوات المسلحة والشرطة، فضلًا عن تفجيرات وأعمال عنف استهدفت المدنيين في بعض الأحيان.
وكانت جماعات مثل "أنصار بيت المقدس" و"داعش" من أبرز الفصائل التي بدأت في تنفيذ هجمات منسقة في المنطقة، مستفيدة من غياب الاستقرار وانشغال الدولة بأزمة سياسية داخلية.
ضعف التخطيط الأمني واستراتيجية المواجهة
لم تكن هناك استراتيجية واضحة لمواجهة الخطر الإرهابي في سيناء خلال فترة حكم الإخوان، فالتعامل مع الملف الأمني كان يفتقر إلى التنسيق الكافي، كما أن التخطيط لم يكن يتسم بالمرونة ولا بالاستجابة السريعة للتطورات الميدانية.
وكان هناك شعور عام بأن النظام كان متساهلًا في التعامل مع الجماعات الإرهابية، حيث لم تكن هناك أي إجراءات حاسمة للقضاء على هذه التهديدات التي بدأت تستفحل في سيناء وفي بعض مناطق الصعيد.
ارتفاع معدلات الجريمة والانفلات الاجتماعي
لم يقتصر تأثير ضعف الأجهزة الأمنية على العمليات الإرهابية في سيناء فقط، بل انتشرت حالة من الانفلات الأمني في معظم أنحاء مصر، حيث شهدت البلاد ارتفاعًا غير مسبوق في معدلات الجريمة، وازدادت السرقات والاعتداءات على الممتلكات والأرواح.
وتزامن ذلك مع تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في ظل حكم جماعة الإخوان، مما زاد من الغضب الشعبي وأدى إلى تفشي السلوكيات الإجرامية.
وبينما كانت الدولة في حالة انشغال بالحروب السياسية الداخلية، كانت المجموعات الإرهابية تجد الفرصة لتوسيع نطاق عملياتها في المدن الكبرى، حيث بدأت الهجمات تستهدف المنشآت الحيوية مثل أقسام الشرطة ومرافق الدولة.
المخطط الإخواني لتغيير وجه الوطن
على الرغم من تعبير جماعة الإخوان عن رغبتها في إقامة دولة ديمقراطية في مصر، إلا أن سياساتها كانت تشير إلى توجه مختلف، حيث سعت الجماعة إلى تغييرات جذرية في هوية الدولة المصرية عبر تحالفاتها مع أطراف إقليمية ودولية، كانت تسعى إلى إعادة تشكيل النظام السياسي والاجتماعي بما يتماشى مع أجندتها الإيديولوجية.
وكان هذا التوجه يشمل سيطرة جماعة الإخوان على مؤسسات الدولة وتغيير قوانينها لصالح تعزيز سلطتهم، كما حاولوا التأثير في الرأي العام من خلال سيطرتهم على الإعلام وتوجيهه لصالح مصالحهم، مما أسهم في زيادة حالة الانقسام داخل المجتمع المصري.
ومن خلال هذا المخطط، كان يتم خلق بيئة مليئة بالاحتقان السياسي والاجتماعي، مما أثر في الاستقرار الأمني وجعل سيناء مرتعًا للإرهاب.
أخبار متعلقة :