في لقطةٍ حملت دلالاتٍ عميقةً عن التعايش بين الأديان، رأيت صورةً لراهب مسيحي وهو الأب فرنسيس سليمان رئيس كنيسة ودير ومزار سيدة الانتقال للرهبان الفرنسيسكان بالمدينة المريمية بدير درنكة أسيوط وهو يشرب الماء من دورقٍ زجاجي مُزيّن بشعار "رمضان كريم"، المشهد الذي بدا بسيطًا تحوّل إلى رسالةٍ عالميةٍ تُعبّر عن قوة التسامح في مجتمعٍ تُعدّد الثقافات سمةً أساسيةً فيه.
جاءت الواقعة خلال زيارتي لهم بدير الرهبان في أسيوط حيث لاحظ الحضور استخدام الراهب لدورق مياهٍ يحمل العبارة المرتبطة بشهر رمضان، والتي يُطلقها المسلمون عادةً في تحية بعضهم خلال الشهر الفضيل.
لم يتردّد الراهب في استخدام الدورق علنًا، مؤكدًا في حديثٍ غير مباشرٍ عبر الصورة على احترامه لتقاليد الجانب الآخر.
وفسر الأب فرنسيس الصورة قائلا "أن اختيار "الماء" في هذا المشهد ليس عبثيًا، فهو في الرمزية الدينية يشير إلى الطهارة والحياة المشتركة، ما يعكس قيمًا إنسانيةً تتجاوز حدود العقيدة".
أما شعار "رمضان كريم"، الذي يُكرّس ثقافة العطاء خلال الشهر، فقد حوّله الراهب إلى وسيلةٍ للتواصل، وكأنه يقول: "التقارب يبدأ بخطوة بسيطة.
وأضاف، "هذا ما نحتاجه في زمن الفرقة، الاحترام المتبادل هو أساس السلام".
يُذكر أن عدّة مؤسسات في مصر تُطلق مبادراتٍ مشتركة خلال رمضان، مثل إفطار صائمٍ بالكنائس، أو تبادل التهاني بين رجال الدين، إلا أن الصورة الحالية تميّزت ببساطتها وقدرتها على الوصول إلى قلوب الملايين دون أيّ كلمات.
هذا المشهد يُذكّر العالم بأن جمال الإنسانية يكمن في تفاصيل صغيرةٍ تُترجم الكبير من القيم، خاصةً في منطقةٍ مثل الشرق الأوسط، حيث تُختبر كل يوم معاني الوحدة والاختلاف .
في وقتٍ تتصاعد فيه الخطابات المُتطرّفة، تبقى مثل هذه الصور نافذةً للأمل، تُثبت أن التعايش ليس شعارًا، بل ممارسة يومية يمكن أن تبدأ بكوب ماءٍ مُشرّبٍ بالاحترام.
أخبار متعلقة :