في إحدى الليالي الهادئة بمركز طما شمالي محافظة سوهاج، حيث تجتمع الأسر حول مائدة الطعام كعادتها اليومية، لم تكن عائلة وفاء تتوقع أن يكون ذلك الطعام البسيط هو بداية ليلة مليئة بالآلام والمخاوف.
وفاء، ربة المنزل التي كرست حياتها لرعاية أبنائها، كانت قد أعدت الطعام لهم كما تفعل دائمًا لكن هذه المرة؛ بسبب الظروف اليومية وضغوط الحياة، تُرك الطعام خارج الثلاجة منذ الليلة الماضية.
لم تكن تتخيل أن تلك الغفلة البسيطة قد تنقلب إلى كارثة، جلس أفراد العائلة الكبيرة حول المائدة، من بينهم أطفال صغار لا تتجاوز أعمارهم سنوات قليلة، وبدأوا في تناول الطعام وسط ضحكاتهم المعتادة وأحاديثهم اليومية.
سرعان ما تحولت تلك الأجواء الدافئة إلى كابوس. بعد ساعات قليلة، بدأت الأعراض تظهر ببطء، آلام حادة في البطن، دوار، وقلق يسيطر على المنزل، حاولت وفاء وشقيقتها آية السيطرة على الوضع، لكن عندما بدأت صحة أطفالهن تتدهور، أدركوا أن هناك خطبًا ما.
أسرعت الأسرة بنقل الجميع إلى مستشفى طما المركزي، وهم في حالة من الخوف والذعر. وفاء كانت تحتضن ابنها أحمد الذي لم يتجاوز الثالثة من عمره، بينما كانت عيون مريم، ابنتها الكبرى، مليئة بالخوف وهي تحاول طمأنة أخواتها الصغار.
الطعام يتحول إلى مأساة
في المستشفى، أدركت العائلة أن السبب كان التسمم الغذائي بسبب الطعام الذي تناولوه. الطبيب حاول تهدئتهم، لكن الألم الذي كانوا يعانونه كان أكبر من مجرد ألم جسدي، كان الألم النفسي يسيطر على الجميع، خاصة عندما ترى الأم أبناءها يعانون بسبب خطأ بسيط.
في تلك الليلة، بقيت العائلة في المستشفى، مترقبين أن تتحسن حالتهم. كان والد وفاء، أحمد، يجلس بجوارهم، يراقبهم بصمت، متحسرًا على ما حدث.
لقد كانوا محظوظين أنهم وصلوا إلى المستشفى في الوقت المناسب، لكن تلك الحادثة تركت في قلوبهم أثرًا لن يُنسى.
الأسرة، التي كانت تجمعها اللحظات السعيدة حول المائدة، وجدت نفسها في تلك الليلة تفكر في مدى هشاشة الحياة، وكيف يمكن أن تتحول الأمور فجأة من فرح إلى حزن، اليوم، كلما تذكرت وفاء تلك اللحظات، ستتذكر كيف يمكن لتفاصيل صغيرة أن تغير مجرى الحياة.