يتمتع الشاعر الهندي محمد إقبال، الذي وُلد في التاسع من نوفمبر عام 1877، بمكانة بارزة في عالم الشعر الإسلامي، ولا يزال اسمه مرتبطًا بالوصف كشاعر وفيلسوف. يثير اهتمام كيف احتل هذا المكان المرموق، ولماذا اكتسب كل هذه الشهرة؟
محمد إقبال
وقد أطلق على محمد إقبال لقب “شاعر الإيمان والحب والطموح”، حيث كان شِعره مليء بالمعاني الدينية القوية، مشتعلاً بالحماسة، وكان يدافع بشغف عن حقوق وأوضاع المسلمين في الهند.
إقبال هو ابن الشيخ نور محمد، وتعود أصوله إلى أسرة براهمية في كشمير، حيث اعتنق أحد أجداده الإسلام في عهد السلطان زين العابدين بادشاه. نزح جده إلى سيالكوت، حيث نشأ إقبال وتلقى تعليمه هناك بالإضافة إلى دراسة اللغة الفارسية والعربية بجانب لغته الأردية.
بدأ إقبال كتابة الشعر في سن مبكرة، حيث كان يكتب بالبنجابية في البداية، إلا أن أستاذه توجه به نحو النظم بالأردو. كان يرسل قصائده إلى ميرزا داغ دهلوي، شاعر الأردو البارز، للحصول على آرائه وتوجيهاته.
نجح إقبال في اجتياز امتحان الكلية الحكومية في عام 1891 وتخرج منها بشهادة الآداب في عام 1897، ثم حصل على درجة الماجستير في عام 1899. درس الفلسفة بتوجيه من توماس أرنولد، وأصبح أستاذًا في الفلسفة الحديثة والآداب العربية والعلوم الإسلامية في جامعة لندن.
رغم انشغاله بالدراسة وعمله كعميد لقسم العربية في كلية الشرقية بجامعة البنجاب، كان إقبال يشارك في فعاليات أدبية وجلسات شعرية.
أثرى إقبال التراث الشعري بعدد من الأعمال والديوانات مثل “أسرار خودي”، و”بيام مشرق”، و”أرمغان حجاز”، و”ضرب كليم”، و”رسالة المشرق”، و”زبور العجم” وغيرها. يعد قصيدة “حديث الروح” واحدة من أشهر قصائده، حيث قدمها لأم كلثوم وقامت بغنائها ونشرت في ديوانه “صلصلة الجرس”.
ترجم العديد من الأدباء العرب إبداعات إقبال إلى اللغة العربية، نظرًا لمهارته في كتابة الشعر بالفارسية والأردية، مثل عبد الوهاب عزام والشيخ الصاوي شعلان ومحمد حسن الأعظمى وغيرهم.
وفي كتابه “روائع إقبال”، وصف المفكر الإسلامي أبو الحسن الندوي إقبال بأنه شاعر في الطموح والحب والإيمان، مشيرًا إلى تأثره الشديد بشعره وقدرته على إثارة العواطف وإيصال المعاني بشكل قوي.
توفي محمد إقبال في 21 إبريل 1938 في تمام الساعة الخامسة صباحًا، فأغلقت المتاجر أبوابها وتعطلت المصالح الحكومية، واندفع الناس إلى بيته، ونعاه قادة الهند وأدباؤها من المسلمين والهندوس على السواء، فقال عنه الشاعر الكبير طاغور: “لقد خلفت وفاة إقبال في أدبنا فراغًا أشبه بالجرح المثخن الذي لا يندمل إلا بعد أمد طويل، إن موت شاعر عالمي كإقبال مصيبة تفوق احتمال الهند التي لم ترتفع مكانتها في العالم”.