التخطي إلى المحتوى

فلنتابع معاً عبر موقعكم ” خليج نيوز ” التفاصيل المتعلقة بخبر

قال جون بولتون، مستشار الأمن القومى فى إدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب الأولى، والذى ترك منصبه بعد خلافات مع الرئيس، إن ترامب، المنتخب لإدارة ثانية، يريد فعلًا وقف الحروب فى الشرق الأوسط وأوكرانيا بأى طريقة قبل دخوله البيت الأبيض فى الـ٢٠ من يناير المقبل، لأنه لا يريد بدء ولايته فى ظل حروب أشعلها سلفه الرئيس المنتهية ولايته جو بايدن.

وأكد «بولتون»، فى حوار خاص مع «الدستور»، أن العلاقات بين ترامب، فى ولايته الأولى، والرئيس عبدالفتاح السيسى، كانت جيدة، وكانت تميل لدعم الموقف المصرى القوى فى ملف سد النهضة، مشيرًا إلى أن العلاقات الشخصية بين ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو أقل ملاءمة مما يعتقده الناس، وإن كان هذا لا يعنى إمكانية وقف المساعدات العسكرية لإسرائيل فى عهده.

 

■ بداية.. ما سر النجاح الكبير للجمهوريين فى الولايات المتأرجحة خلال الانتخابات الأمريكية الماضية.. وما دور الناخبين العرب فى ذلك؟

– أعتقد أن الولايات المتحدة فى الأساس دولة يمين الوسط، وهذا صحيح فيما يتعلق بالسياسة الاقتصادية والقضايا الاجتماعية، لكن الديمقراطيين تحركوا على مدى السنوات الأربع الماضية بعيدًا إلى اليسار، ولم يُنظر إليهم على أنهم يستجيبون حقًا لاحتياجات الناس العاديين، بل أصبحوا معروفين كحزب نخبوى، وهذا موقف يصعب الدفاع عنه. وأعتقد أن الشىء الرئيسى الذى حرّك الناخبين فى الولايات المتحدة على نطاق واسع كان الاقتصاد، فقد كان الناس قلقين بشأن التضخم، مع عدم اليقين بشأن ما قد يأتى. وأعتقد أن الناخبين العرب الأمريكيين، الذين ينتمون إلى العديد من الدول والخلفيات فى منطقة الشرق الأوسط، كانوا، مثل أى شخص آخر، قلقين بشأن الاقتصاد، ومن الواضح أيضًا أنهم كانون قلقين بشأن الظروف فى الشرق الأوسط، وشعر عدد منهم أن الحزب الديمقراطى لم يتحدث إليهم، واعتقدوا أن ترامب قدم بديلًا وصوتوا له. وأقول، من وجهة نظرى كجمهورى، إن الحزب الجمهورى حزب الفرص فى أمريكا، وأعتقد أن كثيرًا من الناس شعروا بأن الديمقراطيين اعتبروا تصويتهم أمرًا مفروغًا منه لفترة طويلة.

■ كيف ترى المسئولين الذين اختارهم الرئيس المنتخب فى إدارته المرتقبة؟

– لقد ذكر فقط أسماء قليلة لتعيينها، ولا يزال هناك الكثير من المناصب، لكن يبدو أن من تم اختيارهم موالون لترامب فى المقام الأول، وبعضهم يتمتع بخبرة كبيرة فى مجال الأمن القومى، وقد تمت تسمية مايكل والتز كمستشار للأمن القومى، وماركو روبيو، الذى لم يتم الإعلان عنه رسميًا بعد، ولكن قيل إنه المرشح لمنصب وزير الخارجية ولديه خبرة فى الشئون الدولية، وآمل أن يلتزموا بمبادئهم، وأن يقدموا للرئيس نصائح صادقة. وسنرى ما سيحدث مع البعض الآخر، فلا يزال هناك بعض المناصب الكبيرة التى يتعين شغلها.

■ ماذا عن تعيين رجال الأعمال مثل إيلون ماسك فى مناصب حكومية؟

– ليس من الواضح أنه سيكون فى الإدارة بالفعل، بل ربما يكون فى دور استشارى، وعلى ما أعتقد قد يكون لديه بعض الاقتراحات الجيدة حول كيفية تقليص حجم الحكومة والحد من الإنفاق الحكومى والبيروقراطية، وأتطلع إلى ذلك. وأعتقد أن ترامب يحترمه كرجل أعمال، لكننى أذكر الجميع بأنه وظف أيضًا ريكس تيلرسون ليكون أول وزير خارجية فى ولايته الماضية، و«تيلرسون» كان الرئيس التنفيذى لشركة «إكسون»، وهى شركة ليست صغيرة على الإطلاق، ولكن لم تنجح هذه الخطة فى النهاية. لذا سنرى.. فمع ترامب كل شىء غير مؤكد.

■ هل من المقبول تعيين رجال أعمال فى مناصب رئيسية بالإدارة الأمريكية؟

– الأمر يعتمد على رجال الأعمال وعلى الوظيفة التى يتولونها، وفى كثير من الأحيان كان هناك أشخاص فى مجال التمويل يشغلون منصب وزير الخزانة، وأشخاص يعملون فى الصناعة أو أى مجال آخر يتولون منصب وزير التجارة، كما شغل رجال الأعمال مناصب مهمة فى إدارات أخرى.

وأعتقد أنهم يقدمون منظورًا مهمًا للغاية، على الرغم من أنه من المهم دائمًا إدراك أن الحكومة ليست عملًا تجاريًا، وأن الأشياء التى تنجح فى العمل التجارى فى بعض الأحيان لا تنجح فى الحكومة، لأنهم يقومون بأمرين مختلفين تمامًا، ولكن أعتقد أنه من المفيد دائمًا الحصول على منظور خارجى للحكومة وملاءمة الفرد للوظيفة هى المهمة الصعبة.

■ فى تقديرك.. كيف سيتعامل الرئيس المنتخب مع الحروب المشتعلة على الساحة الدولية؟

– أعتقد أن ما يريده ترامب أكثر من أى شىء آخر هو انتهاء الحروب، سواء فى الشرق الأوسط أو أوكرانيا، فهو يعتقد أن هذه الحروب مسئولية الرئيس الحالى بايدن، ويأمل فى أنه عندما يتولى منصبه لن يضطر إلى القلق بشأن هذه الأمور.

وبصراحة أعتقد أنه لا يهتم كثيرًا بكيفية انتهائها، أو ما شروط إنهاء كلتا الحربين فى أوكرانيا والشرق الأوسط، فهو فقط لا يريد التعامل معهما فى رئاسته.

وأعتقد أن المحادثات جارية مع إسرائيل والمملكة العربية السعودية، وبالتأكيد مع مصر ودول أخرى لمعرفة ما هو ممكن، لكنى لا أعتقد أنه سينجح فى إنهاء الحرب بحلول العشرين من يناير المقبل. وأرى أن السؤال الحقيقى ماذا سيحدث فى هذه الفترة من الآن وحتى العشرين من يناير، فهل ترد إيران على إسرائيل؟، أم هل ترد إسرائيل على إيران؟، وهل ستستمر إسرائيل ببساطة فى تفكيك «حزب الله» و«حماس» كما يبدو أنهم يفعلون؟، وماذا سيفعل بايدن ضد الحوثيين والممر البحرى فى البحر الأحمر؟. لذا، فإن الفترة الحالية وحتى ٢٠ يناير المقبل هى فترة حاسمة.

■ تخشى بعض الدول الأوروبية من سياسات ترامب تجاه حلف «الناتو».. فكيف ترى الأمر؟

– أنا قلق للغاية بشأن «الناتو»، فقد كاد ترامب أن ينسحب من «الناتو» فى عام ٢٠١٨، وأعتقد أن رأيه قد تغير الآن، وأرى أن الحرب فى أوكرانيا ربما غيرت شعوره حول أن الأوروبيين لا يتحملون نصيبهم العادل من عبء الدفاع.

وأعتقد أن الخطر الذى يهدد حلف شمال الأطلسى من محاولة ترامب سحب الولايات المتحدة منه لا يزال قائمًا، وأرى أن هذا سيكون خطأ كارثيًا، لكننى لا أعتقد أن ترامب قد تخلى عن الفكرة.

■ هل من المتوقع أن يشجع ترامب إسرائيل على شن هجمات على إيران؟

– أعتقد أن ترامب يريد إزالة هذه القضية من على الطاولة بحلول العشرين من يناير المقبل، ولن يفاجئنى إذا قال لرئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو «افعل ما عليك فعله.. لكن لا تفعل ذلك وأنا رئيس».

وبعبارة أخرى، إذا كان ضرب البرنامج النووى خيارًا، فأعتقد أن ترامب يقول «افعلوا ذلك الآن.. ولا تنتظروا حتى أتسلم منصبى».

■ هل هناك أى احتمال بأن يوقف ترامب المساعدات العسكرية للحكومة الإسرائيلية؟

– أعتقد أن هذا غير مرجح، لأن ترامب فاز فى إعادة انتخابه بدعم كثير من الأمريكيين المؤيدين لإسرائيل، وليس فقط المجتمع اليهودى. وأنا لا أعرف ما هى النتيجة النهائية للتصويت لكننى أعتقد أن الجالية اليهودية صوتت بنسبة ٧٠٪ لكامالا هاريس، وكان دعم المسيحيين الإنجيليين لترامب قويًا للغاية، وهم مجتمع مؤيد لإسرائيل بشكل كبير. 

لذا، لا أتوقع تغييرًا كبيرًا فى هذا الصدد، على الرغم من أننى أعتقد أن العلاقات الشخصية بين نتنياهو وترامب أقل ملاءمة مما قد يعتقده الناس من الخارج، وأعتقد أن ما يريده ترامب حقًا هو ألا تنشأ مشاكل يمكن أن تعوق ما يحاول القيام به، من حيث أهدافه الاقتصادية. وكما تعلمون، فإن من بين الأشياء التى ستؤثر على الشرق الأوسط التغييرات فى السياسة المتعلقة بحفر وتصدير النفط والغاز فى الولايات المتحدة، وأعتقد أن هذا شىء سيكون له تأثير اقتصادى واستراتيجى أيضًا.

■ ماذا عن احتمالات قطع التمويل عن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا»؟

– لا أذكر أننا فى الفترة الأولى لترامب قد قطعنا التمويل عن «أونروا»، ومن وجهة نظرى، ولست أقول إنها وجهة نظر ترامب، فإن «أونروا» يجب استبدالها، وأود أن أستعين بالمفوضية العليا للأمم المتحدة لشئون اللاجئين، وهى الوكالة التى تعاملت مع كل تدفقات اللاجئين الأخرى تقريبًا حول العالم منذ عام ١٩٤٥، وأعتقد أن هذا سيجلب منظورًا جديدًا لا تمتلكه «أونروا».

■ بالنظر إلى الأوضاع الحالية فى قطاع غزة والضفة الغربية.. هل تعتقد أن «حل الدولتين» لا يزال متاحًا؟

– أعتقد أن «حل الدولتين» لم يعد قابلًا للتطبيق.. ولا أعتقد أنه سينجح.. وأرى أن الناس فى المنطقة، وفى الولايات المتحدة وغيرها، يجب أن يأتوا ببديل جديد. وأعتقد، أيضًا، أن إعادة الناس إلى مخيمات اللاجئين فى غزة ليست حلًا دائمًا، فهذا أمر غير جيد لشعب غزة، وليس جيدًا للدول المجاورة، فنحن بحاجة إلى إيجاد مكان للاجئين. ولهذا السبب، أعتقد أن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين يمكن أن تلعب دورًا مهمًا، والهدف هو أن يعود اللاجئون إلى بلدانهم الأصلية أو تتم إعادة توطينهم فى مكان، حيث يمكنهم أن يعيشوا حياة طبيعية، لأن العيش فى مخيم للاجئين هو وضع رهيب بالنسبة للاجئين ولأطفالهم، لأنه لا يوجد استقرار، وهو أمر محبط للغاية. وأعتقد أنهم بحاجة إلى أن تكون لديهم القدرة على المشاركة فى اقتصاد حقيقى لصالح الآباء والأمهات، ولكن بشكل خاص لصالح الأطفال، الذين يتطلعون إلى مستقبلهم، وهذا شىء يتعين على بقية العالم أن يعمل عليه.

■ كيف ترى مستقبل غزة بعد انتهاء الحرب؟ ومن الأكثر احتمالًا لتولى حكم القطاع؟

– لا أعرف، لأنى أرى أن السلطة الفلسطينية تتقدم فى السن ولا تمتلك أى أفكار جديدة. أما «حماس»، فقد كان يُنظر إليها دائمًا على أنها فرع من جماعة الإخوان، ولكن فى السنوات الأخيرة كانت تُعتبر امتدادًا للقوة الإيرانية فى المنطقة، وإذا انتهت فهناك احتمال جديد لسكان غزة، ولكن سيتعين إجراء بعض المناقشات الجادة، لأن نتائج الحرب تجعل من الصعب رؤية كيفية إعادة غزة إلى ما كانت عليه. وأعتقد أنه بمجرد أن يدرك أهل غزة أن حماس انتهت، وبمجرد أن تنقشع تلك الغيمة، فعندها أعتقد أنهم يستطيعون أن يبدأوا فى التفكير فيما يريدونه للمستقبل، وهذا أمر إيجابى للجميع.

كيف ترى شكل التعاون بين القاهرة وواشنطن فى عهد ترامب؟

– من خلال تجربتى الشخصية، أعتقد أن الرئيس ترامب والرئيس عبدالفتاح السيسى كانا يتمتعان بعلاقة جيدة، وقد تحدثنا كثيرًا عن قضايا مثيرة للقلق، سواء من أزمة نهر النيل إلى القضايا الأوسع نطاقًا فى المنطقة، وأتوقع أن يستمر ذلك. وأعتقد أن المشكلة الأكثر إلحاحًا بالنسبة لمصر والولايات المتحدة وإسرائيل هى ما يجب فعله بشأن العواقب فى غزة. وأعتقد أيضًا أن مسألة مياه النيل حيوية بالنسبة لمصر، بالطبع، وأيضًا بالنسبة لجميع البلدان التى يتدفق عبرها النيل، وأرى أن الإجراءات الأحادية الجانب من قبل الأطراف الواقعة فى المنبع، والتى تتعارض مع الممارسات والعرف الراسخ، يجب تصحيحها. وقد كانت لدىّ مشاركة صغيرة فى هذه المسألة عندما كنت مستشارًا للأمن القومى، وأعتقد شخصيًا أن الموقف المصرى كان قويًا للغاية، وأنا متأكد من أن هذه القضية ستكون على الطاولة بين ترامب والسيسى. وفى المرة الأخيرة التى شاركت فيها ورأيت الرئيسين يتحدثان كان ترامب يميل إلى الموقف المصرى.