فلنتابع معاً عبر موقعكم ” خليج نيوز ” التفاصيل المتعلقة بخبر
كثير من الحزن والصدمة والألم، خلفه الملحن الراحل محمد رحيم الذى وافته المنية بشكل مفاجئ قبل يومين، داخل الوسط الفنى والموسيقى وبين جماهير الغناء والطرب، ليس فى مصر فقط، بل فى كل أنحاء العالم العربى.
الحالة التى صنعها رحيل «رحيم»، لم تكن مرهونة برحيله كملحن بارع فقط، بل مدفوعة بنوع من الحنين الجارف لتجربته الكبيرة فى عالم التلحين، والتى أفرزت المئات من الأغنيات التى تربت عليها الأجيال من الجماهير، والتى غنتها أيضًا نماذج متنوعة من رموز الطرب وكانت حجر أساس وسببًا مباشرًا فى نجاح التجارب الفنية لكل منهم.
ولأن للأقدار تصاريف عجيبة، أجرت «الدستور» حوارًا مع محمد رحيم قبل أسبوع فقط من رحيله، فى إطار ملف كان يعده إصدارها الثقافى «حرف» عن النجم الكبير محمد منير، الذى كان الملحن الراحل عمودًا رئيسيًا فى مشواره الفنى ولحن له أشهر أغانيه، لكن الحوار تطرق بطبيعة الحال إلى تجربة «رحيم» ليختلط الحديث عن الفن بالكثير من المشاعر الجياشة التى كان يعيشها ذلك الفنان فى أيامه الأخيرة.
وبدأ «رحيم» الحوار بالتعبير عن سعادته الكبيرة بعودة الحديث عن أعماله الفنية التى طرحت فى بداية مشواره وحققت نجاحًا كبيرًا، معتبرًا أن هذا خير دليل على أنه لم يكن يصنع أغانى لمجرد طرحها أو بيعها فى سوق المزيكا، ولكن كانت نيته صناعة أعمال تستطيع أن تصل إلى مجتمعات عديدة حول العالم وإلى أجيال مختلفة، وأن تكون قادرة على المحافظة على نجاحها وأن تعيش سنين طويلة أكثر من العمر الافتراضى للأغنية العادية.
وضرب «رحيم» مثالًا بالأغانى التى استطاعت أن تحافظ على نجاحها رغم مرور زمن على طرحها، وهى أغانٍ دخلت موسوعة «جينيس» مثل «صبرى قليل» للمطربة شيرين عبدالوهاب، مشيرًا إلى أنها تعتبر من الأغانى التى حققت نجاحًا عالميًا وكسرت حاجز اللغة.
وعبر عن ذلك بقوله: «كنا بنسمع زمان إن اللغة العربية كانت السبب فى عدم وصول الأغنية المصرية للعالمية، ولكن بفضل ربنا سبحانه وتعالى تجربة الأغانى دى كانت دليل صريح إن اللغة مش عائق زى ما اتقالنا، وإن الأغنية الحلوة بتوصل حتى لو الأجنبى مش فاهمها بيتفاعل مع اللحن والحالة والتركيبة اللى جواها».
وواصل حديثه عن كواليس أغنية «صبرى قليل» ضمن أول ألبومات النجمة شيرين عبدالوهاب التى طرحت فى عام ٢٠٠٣، قائلًا: «الأغنية دى كل جنسيات العالم بلا استثناء تغنيها باللغة العربية وهى دخلت موسوعة Billboard، مثل أغنية (الوتر الحساس) لنفس المطربة والتى أصبحت أكبر أغنية تحقق نسب استماع فى تاريخها وتجاوزت ٣٢٠ مليون مرة استماع، وهذه الأرقام غير موجودة بالوطن العربى إطلاقًا».
وأشار إلى أن شيرين عبدالوهاب ظلت متصدرة قائمة الأكثر استماعًا على منصة Billboard لمدة ١١ أسبوعًا متتاليًا، وهذه مدة طويلة جدًا مقارنة بالأغنيات الأخرى، لتدخل «شيرين» بعد ذلك موسوعة جينيس للأرقام القياسية، كونها الفنانة العربية التى بقيت لأطول فترة فى قوائم الأغانى الأكثر استماعًا على هذه المنصة.
وأشار إلى أن «شيرين» نجمة كبيرة والجميع يعلم قدرها فى العالم العربى، لكن مثل هذه الأغنيات التى تحقق نجاحات كبيرة وراءها صناع من شعراء وملحنين وموزعين، ولا بد من الإشارة لدورهم الذى أسهم فى هذا النجاح.
وتطرق فى حديثه إلى أغنية «ياما ليالى» للنجمة كارول سماحة، قائلًا إن هذه الأغنية كانت أيضًا فى بداية مشوار المطربة وحققت وقتها نجاحًا كبيرًا، لكنها عادت من جديد إلى الساحة وتصدرت «الترند» بعد أن غنتها طفلة صغيرة تدعى «سارة هيثم» عبر مواقع التواصل الاجتماعى.
وأضاف: «بعد أن شارك المتابعون الفيديو وحصل على مليون ونص مليون مشاركة بمختلف المنصات، تفاجأت بمكالمة هاتفية من كارول تخبرنى بأنها لم تكن تتوقع أن تعود الأغنية من جديد على الساحة، وأنها ستغنيها هذه الفترة فى افتتاحية حفلاتها الغنائية التى تحييها»، مشيرًا إلى أن الجيل الجديد بدأ يبحث عن مطرب الأغنية وهذا نجاح كبير للحن.
وتحدث أيضًا عن عودة تصدر أغنية «وغلاوتك» للهضبة عمرو دياب بعد مرور ٢٦ عامًا من طرحها بعد غنائه لها فى حفلاته الغنائية، قائلًا: «تعد أول أغنية لحنتها فى مشوارى الفنى ودخلت قائمة الأكثر مشاهدة عبر منصة Billboard أيضًا بعد أن أصبحت نسبة البحث عليها من الجمهور كبيرة جدًا، وعندما حققت هذا الصدى وردود الأفعال، بدأ الهضبة يعيد غناءها فى حفلاته الغنائية الأخيرة بناء على طلب الجمهور وقدمها فى مهرجان الجونة».
وأشار إلى أنه اكتشف أن هناك أبعادًا أخرى حول نجاح أغنياته، ومنها أن الجمهور يختار أغنياته من ألبومات النجوم دون أن يعلم أن ملحنها هو محمد رحيم، قائلًا: «هذا سر سعادتى أنه بعد مرور ربع قرن تعود هذه الأغنيات من جديد ويستمع لها الجيل الجديد».
وتحدث عن حصوله على العضوية الدولية الدائمة بجمعية المؤلفين والملحنين الفرنسية أحد أكبر الكيانات المعنية بالمؤلفين والملحنين فى العالم، قائلًا «هذا الكيان ينتمى له عدد كبير من صناع الأغنيات فى مصر وعندما تتخطى أعمال أحد الصناع حاجز المحلية وتصل إلى العالمية يحصل على شهادة من المؤسسة، وإذا استمر نجاحه يحصل بعد ذلك على العضوية الدائمة وهذا نادر الحدوث، لكنى حققته وكنت ممثلًا للعديد من الزملاء عندما سافرت لتسلم الجائزة وحصلت على شهادات الاحتراف الخاصة بها وكنت المصرى والعربى الوحيد فى هذه الاحتفالية، وهذا يدل على قوة الإبداع المصرى الدائم على مر العصور».
وتحدث أيضًا عن جائزة مجلة «رولينج ستون الأمريكية» التى حصل عليها، قائلًا: «هذه المنظمة تجرى استقصاء، حول أهم ٥٠ أغنية فى ربع القرن الماضى فى العالم العربى»، مشيرًا إلى أنه حصل على جائزة ملحن القرن، لأنهم وجدوا أنه أكثر الملحنين لديه عدد كبير من الأغنيات التى فازت فى الاستقصاء.
وتابع «حابب أن عارضة الأزياء العالمية بيلا حديد وهى وجه إعلانى لإحدى ماركات المجوهرات العالمية كانت تفتح مقرًا جديدًا لها بمدينة دبى الأسابيع الماضية، وافتتحت المقر على أنغام أغنية (مشاعر) للنجمة شيرين عبدالوهاب رغم أن جميع القائمين على الافتتاح كانوا أمريكان وأجانب، ولكن الافتتاح تم بطابع مصرى».
وأشار إلى أن جميع هذه النجاحات التى تأتى بشكل مفاجئ لأغنيات مرت عليها سنوات عديدة، تعتبر جوائز إلهية قائلًا: «أنا قررت الاعتزال من فترة، لكن حسيت إن ربنا بيصالحنى وبيراضينى وبيعوضنى عن أى ظلم اتعرضت ليه».